جرائم القتل بالضفة.. تزايد كمي ونوعي ومعالجات خاطئة
لم تكن جريمة قتل زوجين من محافظة الخليل من قبل أقاربهما أمام طفليهما في بلدة يعبد جنوب مدينة جنين شمال الضفة الغربية الأخيرة في سلسلة جرائم قتل حدثت في مناطق مختلفة من الضفة وباتت تثير قلق المواطنين من ارتفاع معدلات العنف والذي لا يعالج بطرق صحيحة، وفق كثيرين.
وقبل جريمة يعبد بيومين قتل شاب في بلدة دير غزالة شرق جنين بسكين لأسباب أكثر ما يقال عنها أنها تافهة، ولم يختلف الأمر كثيرا في جريمة قتل شاب في بلدة بتير قرب بيت لحم قبلها بأيام، وقبلها بأسابيع سلسلة جرائم قتل في الخليل وغيرها.
وقال النائب في المجلس التشريعي حسن خريشة لمراسلنا إنّ الأسباب وراء جرائم القتل المروعة هي حالة الاحتقان في الشارع الفلسطيني، وحالة إحباط متنامية لدى الشباب والأسر الفلسطينية بشكل عام.
وعزا الحالة الراهنة كذلك إلى انسداد أي أفق لمصالحة أو سلم أهلي داخلي، وقال: “بالتالي الكل انكفأ نحو العائلة، وهذا يعني عدم ثقة الناس بالقانون أو بمن ينفذه، وهذا يدفعهم لأخذ حقوقهم بأيديهم على اعتبار أنه لا يوجد ثقة بالقضاء الفلسطيني أو العاملين به، وبالتالي ينشأ العنف الذي نشاهده كل فترة على أبسط الأمور وتنتهي بالقتل”.
وأضاف: “أعتقد أن العقوبات الرادعة غير موجودة بصورة أو بأخرى عدا عن تدخل جهات متنفذة بعمل القضاء وجهات إنفاذ القانون، ما جعل المواطنين يلجئون للجان الإصلاح، وهي بديل في ظل غياب القانون، وتبدأ الحلول العشائرية، وهذا لا يصح في بلد متحضر مثل فلسطين”.
وسرد أمثلة على ذلك قائلا: “قانون العقوبات على سبيل المثال يسجن المتهم على قضية مخدرات أو قتل لسنوات قليلة، ويتدخل شخص له نفوذ ويكفله ويفرج عنه قبل انتهاء محكوميته، وبالتالي هناك خلل في البنية الأساسية للنظام السياسي الفلسطيني الحالي الآن”.
وأكد أن جرائم القتل لا تعالج بطريقة صحيحة، وعلى المسئولين القائمين في كل قرية وتجمع أن يكونوا على قدر المسؤولية بعيدا عن التعصب وعدم إدخال السياسة في الموضوعات الحياتية اليومية للناس؛ لأن كل مؤسساتنا أصبحت مسيسة على حساب المصلحة العليا للناس، يجب تغيير هذا النمط السلوكي، ولن يتغير إلا إذا حصل شكل من أشكال المصالحة الوطنية”.
وطالب بأن يكون هناك عقوبات رادعة، وأحكام صارمة، وعدم تأجيل البت بالقضايا لفترات طويلة، ويجب تحديث القوانين الفلسطينية، حيث تعمل محاكمنا بقوانين قديمة جدا عمرها 20 سنة، وهذا أمر لن يحصل في ظل غياب التشريعي وتوالي التشريعات التي يسنها رئيس السلطة محمود عباس.
وأشار إلى غياب تشريعات حقيقية تعطي عقوبة صحيحة تتناسب مع حجم الجريمة، وتطرق لكيفية تعيين القضاة، وكيف تعمل أجهزة الدولة لبعض الناس على حساب الكل.
لجان الإصلاح تكشف عورة القضاء
ويشير الشيخ أحمد صلاح عضو لجان الإصلاح في محافظة جنين لمراسلنا إلى أن آلية عمل لجان الإصلاح في هكذا حالات يختلف من محافظة لأخرى، ففي جنين على سبيل المثال تقوم اللجان من شخصيات اعتبارية من المتطوعين الذين لا يتقاضون مالا، ويتعاملون ببساطة وبأقل التكاليف، على عكس بعض لجان الإصلاح في الخليل على سبيل المثال.
وأضاف: هناك من يتكسب من العمل بلجان الإصلاح، وأحيانا تقع خلافات بيننا كلجان إصلاح في جنين ولجان الإصلاح في الجنوب حين تكون مشكلة بين طرفين من هنا وهناك نتيجة إصرار لجان العشائر في الجنوب على بعض المظاهر التي اعتاد عليها أهل الجنوب؛ مثل الجاهة وعددها لا يقل عن 100 رجل وسيارة، ومراسم الصلح والعطاوات، والتي تأخذ طبيعة المظاهر والتفاخر، في حين في جنين تأخذ منحى البساطة وعدم التكلف.
وشدد على الدور الإيجابي للجان الإصلاح في قضايا القتل والدماء، ولكن لم يخف بعض المؤثرات السلبية والتي تساعد القاتل، مثل قاضي “المنشد” في عشائر الجنوب والذي يتسبب بخروج القاتل مقابل المال، أو تخفيف الحكم في القضاء العشائري نتيجة حب المظاهر والتفاخر بين الناس، وحين تبدأ الواسطات بالتدخل للمنشد لكي يخفف العقوبة أو الغرامة احتراما لبعض الشخوص.
وينتقد الشيخ صلاح بشدة القضاء المدني؛ فما يحصل هو أن القضاء تأخذه المحسوبيات، ومن الناحية القانونية يوجد حق عام وآخر خاص، وإذا وقع الصلح بين الناس يحق للمجني عليه أن يتنازل عن حقه الخاص، ويبقى واجب القضاء أن يأخذ الحق العام وهو نصف مدة الحكم، وهذا ما يتهاون به القضاء.
ويؤكد المحامي الحقوقي أحمد شوقي شواهنة لمراسلنا: أن تفشي الجرائم وحالات الفلتان التي بدأت تنخر في المجتمع الفلسطيني ليست حوادث معزولة بقدر ما هي انعكاس للواقع السياسي والأمني المرتبط باتفاقيات أوسلو من ناحية، ناهيك عن تفاقم هذه الظواهر بسبب استمرار الانقسام، وحالة الإحباط العامة التي ألقت بظلالها على الحياة اليومية للجماهير من ناحية ثانية.
وأكد أن الأمور حتما ستزداد سوءا كلما استمر الانقسام، مستذكرا أن المجتمع الفلسطيني قبل أوسلو كان يملك مقومات التماثل الذاتي للشفاء في ظل قيادة وطنية تأخذ بيده الى درب التحرر والمواجهة مع المحتل.
وعزا أسباب ارتفاع جرائم القتل لفقدان الكثير من القيم الاجتماعية التي تحكم علاقاتنا وتحافظ على وحدتنا، واختلال المنظومة الأخلاقية للأفراد، والأوضاع الاقتصادية الغاية في السوء، والدور السلبي للعائلات بعدم الضرب على الجاني من أبنائها بل احتضانه أحيانا!.
كما تحدث عن قلة الوعي الديني والقيمي، وفقدان أفراد المجتمع لبوصلتهم الاجتماعية والوطنية والأخلاقية، وكذلك التدخل في عمل القضاء وإضعافه من السلطة التنفيذية بكافة أذرعها يجعل منه قضاء شاهدا على مرحلة وغير مؤثر فيها!.
وعرّج على عدم الاهتمام بالشباب، مطالبا بعمل دراسات علمية حول الجريمة لمعرفة أسباب ودوافع حدوثها، والعمل على المعالجة والوقاية منها بشكل جذري.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
لليوم الـ 399.. القسام يواصل التصدي واستهداف العدوّ وجنوده وآلياته
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل كتائب الشهيد عزّ الدين القسام الجناح العسكريّ لحركة المقاومة الإسلاميّة حماس تصديها لآليات الاحتلال الإسرائيلي...
حزب الله يستهدف قاعدتين استراتيجيتين في حيفا وتجمعات لجنود الاحتلال جنوبي لبنان
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن حزب الله اللبناني، يوم الجمعة، عن شنه هجومًا على قاعدتين إسرائيليتين في مدينة حيفا، كما استهدف مجاهدوه تجمعات...
14 عملا مقاومًا في الضفة خلال 24 ساعة
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام نفذت المقاومة الفلسطينية 14 عملا مقاوما متنوعا، خلال الساعات الـ24 الأخيرة، ضمن معركة "طوفان الأقصى". ورصد مركز...
مظاهرات حاشدة في اليمن دعما لفلسطين ولبنان
لندن- المركز الفلسطيني للإعلام انطلقت مظاهرات حاشدة، الجمعة، في 14 محافظة يمنية بينها العاصمة صنعاء للتنديد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة ضمن...
هيومن رايتس ووتش: الدعم العسكري لإسرائيل انتهاك للقانون الدولي
وكالات – المركز الفلسطيني للإعلام قالت المديرة التنفيذية لمنظمة هيومن رايتس ووتش، تيرانا حسن، إن الدول التي تقدم الدعم العسكري لـ"إسرائيل" في...
الصحة اللبنانية تكشف حصيلة جديدة للشهداء والجرحى منذ بدء العدوان الإسرائيلي
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، مساء يوم الجمعة، ارتفاع حصيلة ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على لبنان....
ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 184 منذ بدء العدوان على غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشف المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، مساء يوم الجمعة، عن ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 184 صحفيًا وصحفية، منذ بدء...