الأحد 04/مايو/2025

فدائيو قباطية.. رحل صديقهم فثأروا له في قلب القدس

فدائيو قباطية.. رحل صديقهم فثأروا له في قلب القدس

لم يفهم أي من الحضور، الكلمات التي همس بها الشهيد محمد أحمد كميل، في أذن صديقه الشهيد أحمد عوض أبو الرب عند تغسيله، فبعد أن طبع على خديه قبلتين وعيونه تترقرق بدموع حرّى، اقترب من أذنه وهمس فيها ببضع كلمات، لم يفهمها الحضور وقتها.

تلك الكلمات تحولت إلى فعل، ظُهر أمس الأربعاء، وفهم الجميع قوله لصديقه بأن ثلاثة من رفاقك سيلحقوا بك قريباً شهداء وهو ما كان.

“باب العامود”
 وحسب رواية المصادر الإعلامية الصهيونية فإن الشهداء الثلاثة، أحمد ناجح أبو الرب (21 عاماً) ومحمد أحمد كميل (21 عاماً) وأحمد ناجح زكارنة (21 عاماً)، وصلوا عند ساعات ظهر الأربعاء، إلى منطقة باب العامود في القدس المحتلة، قادمين من بلدتهم قباطية جنوب جنين، مسلحين ببندقيتين مصنعتين محلياً، وسكاكين وعبوات ناسفة محلية الصنع، أخفوها تحت سترهم.

تقدم الشبان الثلاثة وصولاً لباب العامود نحو تجمع لمجندات صهيونيات هناك، وما أن وصلوا نحوهن حتى طلبت إحدى المجندات منهم إبراز بطاقات هوياتهم، فقام اثنان من الشبان بإشهار بنادقهم مباشرةً وإطلاق عيارات نارية نحو المجندات، وقام ثالث بسحب مشرطه والضرب به يمنة ويسرةً، ما أدى لاستشهادهم ومقتل مجندة وإصابة 3 أخريات بجراح، حسب قول المصادر الصهيونية.

انتقاماً لأحمد

رغم أن الشهداء الثلاثة يكبرون الشهيد أحمد عوض أبو الرب (17 عاماً) بعدة أعوام، والذي ارتقي في الثاني من نوفمبر عام 2015، إلا أنهم تربطهم به علاقة صداقة قوية.

 لذلك كان وقعُ استشهاده برصاص الاحتلال على حاجز الجلمة شمال جنين، مؤلماً جداً على نفوسهم، لذلك اختاروا يوم عمليتهم في أربعين دفن صديقهم الشهيد أحمد الذي ووري الثرى في (23-12-2015) بعد خمسين يوماً من احتجازه بعد استشهاده.

وتؤكد عائلات الشهداء أن حياة أبنائهم انقلبت عقب رحيل أحمد، فتروي والدة الشهيد أحمد ناجح أبو الرب لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“، أن نجلها البِكر، كان محباً للحياة، وكان يعمل مع عمه في الزراعة، وبعد عودته للبيت يخرج مع أصدقائه، وبعد رحيل أحمد بات كثير الشُرود، وكثير التأثر لمناظر القتل التي يراها عبر وسائل الإعلام.

 وتؤكد والدته أنه في أيامه الأخيرة كان يواظب على طلب الرضى منها، وقال لها قبل أيام من استشهاده إنه يشعر بالفرح والسعادة.

أما والد الشهيد محمد أحمد كميل فيؤكد لمراسلنا أن نجله تأثر كثيراً برحيل أحمد، خاصة وأن منزلهم لا يبعد سوى بضعة أمتار عن منزله.

موضحاً أن محمد في ليلة استشهاده كان فرحاً ومسروراً، وقد أمضينا ليلتها سوياً في سمر، ولم يظهر عليه أية مظاهر غير طبيعية.

فيما أكد أيمن زكارنة ابن عم الشهيد أحمد ناجح زكارنة لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” أن الشهداء الثلاثة كانوا يواظبون على الذهاب لقبر أحمد، ويبكون عنده.

وقال عددٌ من أصدقاء الشهداء لمراسلنا، إن الشهداء الثلاثة زاروا قبر أحمد قبل يوم من العملية، وفي مساء ذلك اليوم كانوا سوية، وتوجهوا لأداء صلاة العشاء في مسجد البلدة وتجولوا في شوارع وأزقة البلدة قبل تفرقهم ليلاً إلى بيوتهم.

عملية هزت الكيان
أحدثت العملية التي نفذها الشبان الثلاثة هزةً كبيرة في كيان الاحتلال، لقوتها وتجاوزها كل تحصينات الاحتلال التي يفرضها على مدينة القدس المحتلة من الحواجز والجدار الفاصل بين مناطق الضفة الغربية، ووصول الشبان الثلاثة إلى منطقة الهدف بكامل أسلحتهم وعتادهم من الأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية المحلية الصنع.

 لذلك سارع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لعقد اجتماع أمني طارئ يشمل وزير الحرب ورئيس الأركان وقادة أجهزة الأمن الصهاينة لتدارس التطورات الأمنية عقب عملية باب العامود وأصدر أربعة قرارات: أبرزها حصار بلدة قباطية مسقط رأس الشبان الثلاثة، وتكثيف موجة الاعتقالات ضد الفلسطينيين.

كما قامت قوات الاحتلال باحتجاز جثامين الشهداء ورفضت تسليمها لذويهم، وفي عقاب جماعي لهم، اقتحمت قوات الاحتلال في صبيحة اليوم الثاني للعملية، منازل عائلات الشهداء الثلاثة ودمرت محتوياتها وأخذت مقاساتها، في مؤشر لنية الاحتلال هدمها.

وصية الشهيد
وقد ترك الشهداء أجهزتهم الجوالة في منازلهم، وقد ترك الشهيد محمد أحمد كميل وصيته على جهاز هاتفه الجوال، طالب فيها عائلته ألّا تحزن عليه وتفخر به، وترفع رأسها بشهادته، لأنه سيشفع لهم يوم القيامة.

وأوصى أن يدفنوه وبقية رفاقه إلى جانب قبر الشهيد أحمد أبو الرب.

نص الوصية كاملاً..
بسم الله الرحمن الرحيم
“ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون”
يا أمي وأبي وإخواني سامحوني أريد أن أضحي بدمي لله تعالى، أريد أن أكون شهيداً في سبيل الله.
يامو: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، لا تبكي يا أمي وإن شاء الله أشفع لكم بالجنة، لا تزعلوا على فراقي زغردي يا أمي ابنك راحل شهيد، وصيتي لكم أن تدفنوننا عند الشهيد أحمد عوض أبو الرب.
يا يامو ويا أبي ارفعوا رؤوسكم بابنكم، والله والله والله إني راحل لأجل الجهاد في سبيل الله وأن الرسول حرضنا على الجهاد وإنشاء الله أضحي بدمي لأجل الله، ولأجل الجنة وأنا أريد الآخرة ويامو ما بدي الحياة.
مجموعات الشهيد أحمد عوض أبو الرب

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات