هجرة فلسطينية خارج المنطق؟
صحيفة القدس العربي اللندنية
هجرة غريبة وعجيبة بعكس المنطق وبعكس كل التصورات، فاليهود يهاجرون من أوروبا ومختلف دول العالم إلى فلسطين، بينما يتم عبر طرق شتى تهجير كثير من الفلسطينيين إلى البلدان التي يأتي منها اليهود للاستيطان في فلسطين، كما هو الحال مع فلسطينيي العراق، والذين تعمل المفوضية الدولية جهاراً على تهجيرهم إلى أوروبا وجنوبي القارة الأمريكية إلى البرازيل وربما غيرها؟ بعد ما تقطعت بهم السبل على حدود العراق. فاليهودي يجد مأمنه باحتلال أرض الآخرين، ونفيهم إلى الشتات، وأما الفلسطيني، فهو في بعض دول الشتات يبحث عن الأمن ولقمة الخبز فلا يجدها إلا في الأماكن التي جاء منها اليهود، وبات عليه أن يحل مكانهم هناك؟
لم يعرف التاريخ معادلة بهذا الشكل، ولم نسمع عبر التاريخ أن شعباً يجري له ما يجري مع الفلسطينيين، وللذين لا يعرفون ظروف الشتات، فالفلسطيني في الشتات في أغلب الدول العربية، هو بلا جنسية، ويحمل وثيقة سفر وهذه الوثيقة، أصبحت تماماً علامة فارقة في حياته، لأنه يتعرض للقهر بسببها بما لا يتخيله منطق.
ففي لبنان مثلاً لا يحق لحامل الوثيقة الفلسطينية العمل بالمطلق في أكثر من 80 مهنة من بينها الطب، وهي المهنة الإنسانية النبيلة التي يتوقف البشر عندها فيرون أنها مهنة بلا حدود فعلاً، لكنها في لبنان محظورة مع ثمانين مهنة، ومعها حق التملك، فـ(الفلبيني) يستطيع أن يتملك، لكن الفلسطيني لا يحق له امتلاك بيت أو سيارة، بل وحتى خيمة.
وفي بعض الدول العربية لا يحق لحامل الوثيقة الإقامة أو العمل فيها، وحتى لا يسمح للفلسطيني بالمرور من تلك البلدان إلا بإجراءات غاية في التعقيد، وهو ما يجعلنا نقف عند سر الهجرة على الخارج، فالفلسطينيون يهاجرون بحثاً عن جواز للسفر أكثر من بحثهم عن الاغتراب بعيداً عن الوطن، إذ إن كثيرا من الفلسطينيين بعد أخذهم للجنسية الأجنبية يعودون إلى البلدان العربية، حيث يتم الترحيب بهم هذه المرة كأجانب، بينما لا يملكون أدنى حقوقهم الإنسانية في بلاد العرب عندما يحملون تلك الوثائق التي تتعامل معهم كلاجئين.
هنا بالضبط نعود إلى مؤتمر قمة بغداد عام 1978 والذي أوصى بعدم تجنيس الفلسطينيين، وكانت هذه التوصية في حينها بقصد الحفاظ على حقوق الفلسطينيين في الشتات، بذريعة أن تجنسيهم قد يضر بقضيتهم، وهذه المعادلة أو هذه التوصية هي التي لا تزال بمثابة السيف على رقاب الفلسطينيين في الشتات، فلا هم يستطيعون الحياة والعمل كما يجب في أغلب الدول العربية، ولا يستطيعون كف الأذى عن أنفسهم كما في العراق، وبالتالي يصبح الشتات الفلسطيني في واقع الحال يعيش بين مطرقة الوثيقة، وبين الشتات، فالوثيقة الفلسطينية التي تمنحها بعض الدول العربية للفلسطينيين، تصبح عقبة هامة في حياة الفلسطينيين، والذين بالتالي صار البحث عن جواز السفر بالنسبة لهم وسيلة للهجرة على الأماكن التي يتركها اليهود الذين يستوطنون بلادهم.
أما مسألة تجنيس الفلسطينيين بجوازات سفر عربية، فهي منعت بذريعة أن الفلسطينيين سينسون وطنهم عندما يحملون جوازات سفر عربية، ولكن ثمة سؤال مطروح، فهل نسي كل من ادوارد سعيد وهشام شرابي فلسطين عندما حملوا جوازات أجنبية، أم حملوا فلسطين بقلوبهم وضمائرهم إلى العالم؟
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
دروع بشرية واحتجاز رهائن.. هكذا يداري الاحتلال جُبنه وخسّته بجرائمه
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام منذ دخول قوات الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة، تظهر بين الحين والآخر ما يؤكد حالة الهلع والجبن لديها من المواجهة...
جامعة روتجرز الأمريكية توافق على معظم شروط الطلبة مقابل فض اعتصامهم
نيويورك - وكالات وافقت جامعة روتجرز في ولاية نيوجيرسي الأمريكية على عدد من مطالب المتظاهرين الذين أقاموا اعتصامًا في قلب الجامعة. واختارت الجامعة...
خطيب الأقصى يحذر من عواقب اعتداءات المستوطنين ويدعو لحمايته والدفاع عنه
القدس المحتلة- المركز الفلسطيني للإعلامدعا خطيب المسجد الأقصى الشيخ محمد حسين، اليوم الجمعة، إلى حماية المسجد المبارك والدفاع عنه أمام مخططات...
3 مجازر و26 شهيدًا بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة بغزة أن الاحتلال ارتكب 3 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 26 شهيدا و51 إصابة خلال...
انتفاضة الطلاب تصل إلى المكسيك.. خيام أمام أكبر جامعات البلاد دعماً لفلسطين
مكسيكو - المركز الفلسطيني للإعلام في إطار الاحتجاجات الطلابية في الجامعات تضامناً مع غزة، أقام عشرات الطلاب والناشطين المؤيّدين للفلسطينيين في...
أنصار الله: نحضر لجولة تصعيد رابعة إذا تواصل العدوان على غزة
صنعاء - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت جماعة أنصار الله اليمنية، الخميس، أنّهم يحضرون لجولة رابعة من التصعيد، إذا استمر عدوان الاحتلال الإسرائيلي...
انتفاضة الجامعات الأمريكية.. انكشاف زيف الديمقراطية وتهاوي سردية الاحتلال
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام يبدو أن الحراك في الجامعات الأمريكية الداعي لوقف الإبادة الجماعية بغزة أصاب السياسة الأمريكية بمقتل، وكشف زيف...