إنجاز ما قبل التفاوض

ويكأنه إنجاز فلسطيني، صوّر ذلك اللقاء المرتقب في أريحا بين أولمرت وعباس. للوهلة الأولى تشعر أن شيئا ما تغيّر، رئيس وزراء إسرائيل في أراضي السلطة ليتفاوض مع رئيسها، فالمحاكمة الجزئية للحدث تشير إلى تقدم في إطار التبادلية التفاوضية، خاصة إذا ما اعتبرنا أن مصوّر الانجاز ينطلق من أوسلو محددا لخط سيره. وسائل إعلام عديدة ودونما تحفظ نشرت الخبر بسطحيته، مشيرة إلى أول لقاء بين أولمرت وعباس في أراضي السلطة، صياغة الخبر توحي بأن المفاوض الفلسطيني حقق إنجازا يذكر.
في آخر عام من الألفية الثانية، كان لأحد فنادق رام الله المطلة على شواطئ مخيمات اللجوء أن تستضيف أول لقاء بين الراحل عرفات وايهود بارك، كان اللقاء حينها في إطار التزامنية التفاوضية. ظن البعض أن اللقاء لم يحقق شيئا يذكر، وربما سيظن البعض أن اللقاء المرتقب في أريحا بعد انتهائه لن يأتي بنتائج تذكر. نعم، هي انجازات لا تذكر، فكما الضاد فيها ما يكتب ولا يلفظ، فإن في المفاوضات ما يفهم ولا يذكر.
من الطبيعي أن نغفر لأعجمي قرأ الواو في عمرو، أو أسبق شمسه باللام، لذلك ومن باب أن القياس أحد مصادر التشريع، فقد شرّعت لنفسي أن أذكر ما لا يذكر في التفاوض، فليسامحني مفاوضونا إذا. طريق طويل ما بين تزامنية التفاوض في رام الله مرورا ببناء الثقة في العقبة وشرم الشيخ وصولا إلى تبادليته المنتظرة في أريحا. وفي كل لحظة كان المفاوض الفلسطيني يقترب فيها من أخفض بقاع العالم، كان سقفه ينخفض أيضا، يبدو أنه التكيّف مع الجغرافيا!
دعونا نلفظ ما لا يقرأ إذا: من باب التبادلية استضيف عباس في القدس، وسيستضاف اولمرت في أريحا أو رام الله، والمفاوض الفلسطيني الذي يرى في التبادلية شرطا للتفاوض، لسان حاله يقول آن للفلسطيني أن يفرح، أولمرت في بيتنا، نسي مفاوضنا الكريم أن رئيس بلدية القدس السابق ورئيس وزراء إسرائيل الحالي استضافه في القدس، في بيته فيما يرى أنها عاصمته الموحدة.
تجاهل أو لم تساعده فطنته أن يدرك أن لقاء كهذا، هو إنجاز إسرائيلي يضرب في عمق مفاوضات الحل الدائم، فمجرد القبول بأن تستضيفه في رام الله أو أريحا فيما هو يستقبلك في حارات بيت المقدس، هو قبول ضمني بأن القدس عاصمة إسرائيل، فيما نحن لنا العواصم المتعددة.
هكذا تفاوض إسرائيل، فلنقارن المشهدين، من زاوية إسرائيل يظهر أولمرت ذلك المتجاوب المتعاون فيقدم على زيارة أراضي السلطة الفلسطينية كي يفاوض قادتها، ويسلّط الضوء على المرونة الإسرائيلية، فيما يلف الضباب اجتياح جيشه لرام الله قبل أسبوع ليغتال أحد أفراد الأمن في السلطة المستضيفة، واقتحام جيشه لمستشفى أريحا، المدينة المرحبة. علما أن إنجازاً مسبقا حققه بالتفاوض الصامت حين رسخ أن القدس لهم وأريحا لنا. ومع كل ذلك نرى تذمرا إسرائيليا لأنهم لم يحققوا كل ما أرادوه. بينما من الزاوية الأخرى -أي الفلسطينية منها- نجد أن زهوة غير مبررة وابتسامة عريضة على اعتقاد ساذج أن قدوم أولمرت إلى أراضي السلطة هو انجاز في إطار التبادلية، مشهد لا أتخيل في نهايته إلا عبارة زينغو ورينغو الشهيرة: يحيا الغباء.
* كاتب فلسطيني
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...