عذر أقبح من ذنب.. لهذا السبب لن تحقق إسرائيل في جرائمها بحرب 2012
لا تترك سلطات الاحتلال الإسرائيلي أي وسيلة يمكن أن تساعدها في طمس معالم جرائمها المتوالية بحق الشعب الفلسطيني، ولن يكون آخرها ادعاء فقدان الملفات المتعلقة بالجرائم التي قُتل فيها مدنيون فلسطينيون خلال الحرب الإسرائيلية الثانية على غزة في نوفمبر 2012.
في 23 أغسطس الماضي، تلقى المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان رسالة صادمة من المحامي الإسرائيلي شلومي أبرمزون، المسؤول في مكتب مساعد المدعي العام للاحتلال مفادها بأنه نظراً لبعض الظروف، التي سيتم ذكرها لاحقاً، قرر المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية عدم فتح تحقيق في مزاعم ارتكاب جرائم خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في نوفمبر 2012، والمعروف باسم “عملية السحاب”، والتي أسفرت عن استشهاد عشرات المدنيين الفلسطينيين من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان قال: إنه أرسل -اليوم الثلاثاء (8-12)- رداً على هذه الرسالة التي قالت فيها سلطات الاحتلال إنها لم تتمكن من إعادة النظر في قرار المدعي العام العسكري بعدم فتح تحقيق في الجرائم المرتكبة، لأن “جزءاً مهماً من المواد التي استند إليها المدعي العام العسكري في قراره بعدم استكمال التحقيق لم تكن ضمن المواد التي تلقيناها”.
كما أضافت السلطات الإسرائيلية (في البند 8 من الرسالة) أنها توجهت إلى النيابة العسكرية لتحصيل المواد المفقودة، لكن الجيش الاسرائيلي أبلغهم بأن جميع المحاولات “للعثور على المواد الناقصة، والتي بالاستناد عليها أخذت القرارات بعدم فتح تحقيق باءت بالفشل”.
وتشير الرسالة خصوصًا إلى قرار المدعي العام العسكري بعدم بفتح تحقيق في عدد من الحوادث التي قدم فيها المركز شكاوى نيابة عن ضحايا من عائلات ناصر، الدلو، المزنر، حمادة، والديب في النصف الأول من عام 2013، والتي رفضها المدعي العام العسكري لعدم وجود مبرر لفتح تحقيق جنائي.
وقد استأنف المركز هذا القرار في يونيو 2013؛ تمهيداً لتقديم التماس إلى المحكمة العليا الاسرائيلية، وفي 3-9-2013 قرر النائب العسكري العام بالتشاور مع المدعي العام العسكري ونائب المدعي العام للدولة (للشؤون الجنائية) رفض الاستئنافات.
وفي فبراير 2015، قدم المركز التماسات إلى المحكمة العليا ضد القرار المتعلق بالملفات المذكورة أعلاه بالإضافة لملفين آخرين.
وبعد ذلك، أبلغت سلطات الاحتلال الإسرائيلي المركز أنه في ضوء التوجيهات الجديدة الصادرة عن المستشار القضائي للحكومة، والتي دخلت حيز التنفيذ في إبريل 2015، يجب على المركز أن يقدم اعتراضاته للمستشار القضائي للحكومة لاستنفاد جميع الإجراءات القانونية من خلال مكتبه، “مع الاحتفاظ بحقنا في تقديم التماس إلى المحكمة العليا”.
وامتثالاً لذلك، سحب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان الالتماسات، وقدم أحد عشر اعتراضاً إلى المستشار القضائي للحكومة بالنيابة عن عائلات: ناصر، الدلو، المزنر، حمادة والديب، الشوا، النصاصرة، العسيلي، اسعيفان، أبو عمرة، حجاج، أبو سعيد، ابن سعيد، بريم.
وتقر الرسالة الإسرائيلية الجديدة المؤرخة بتاريخ 23 أغسطس 2020، أن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية تلقى في عام 2017، أحد عشر اعتراضاً من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ضد قرار المدعي العام العسكري بعدم فتح تحقيق في الحوادث المذكورة، ولكن تدعي بأنه: “وبعد فحص المواد التي تمكنا من جمعها، بما في ذلك توصية النيابة العسكرية، كان من الصعب علينا التوصل إلى قرار دون الحصول على جميع المواد، بمعنى أننا لم نستطع قبول الاعتراضات أو رفضها، خاصة أنه لا توجد لدينا إمكانية حقيقية لاتخاذ أي إجراء ضد المسؤولين عن الأحداث المعنية، إذا ما تم قبول هذه الاعتراضات”.
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، في بيان له اليوم تعقيبا على هذا الرد: “إنه لمن المخجل أن تستمر السلطات الاسرائيلية في محاولة إلقائها اللوم علينا بإهمالهم الفظيع”.
وفي تبرير ممجوج، ولصرف النظر عن إهمال المؤسسة الرسمية، جاء في الرسالة الإسرائيلية: “نحن نأسف لذلك، وعلى الرغم من ضرورة اتخاذ بعض الإجراءات للحفاظ على مثل هذه المواد كما ورد في الردود على الالتماسات، إلا أن التأخير في تقديم الاعتراضات كان له دور في هذه النتيجة”.
لكن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان قال: إنه “على أية حال، كما أبلغنا في تاريخ 23 أغسطس 2020، فإن قرار المدعي العام العسكري الإسرائيلي يبقى ساري المفعول!”.
وقال المركز: “لم يتم تقديم أي تعويض للضحايا، بل كان مجرد تعبير سطحي عن الأسف، ولم يتم اتخاذ أي إجراءات، بل كانت مجرد “دروس مستفادة” للمرة القادمة.
حيث جاء في الرسالة الإسرائيلية: “بسبب الخطورة التي ينسبها المستشار القضائي للحكومة لإضاعة مثل هذه المواد، ما سبب له عدم إمكانية مداولة ومعالجة هذه الاعتراضات، عقدت جلسة برئاسة المستشار القانوني للحكومة، وبحضور النائب العام العسكري، وكبار أعضاء النيابة العامة والنيابة العسكرية لمعرفة كيفية معالجة هذه الاعتراضات. أثناء الاجتماع، أعرب المدعي العام العسكري عن قلقه البالغ إزاء ضياع هذه المواد؛ وبناءً على ذلك وبعد الأخذ بالعبر، أُدخل نظام جديد للحفاظ على هذه المواد على نحو يسمح بسهولة الوصول إليها واستردادها عند الحاجة إليها دون أي مشكلة”.
وهذا مجرد مثال آخر على فشل السلطات الإسرائيلية الممنهج في التحقيق بشكل حقيقي وفعّال في أي ادعاء بارتكاب جرائم قتل غير مشروعة وجرائم خطيرة أخرى ضد الفلسطينيين من الجيش الإسرائيلي.
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: “ينبع هذا الالتزام أيضًا من القانون الدولي المتعلق بواجب الدول في التحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ومزاعم الإبادة الجماعية، وهو كذلك مدرج في المادة (17) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وفي ظل غياب صلاحية المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فإن إجراء تحقيق موضوعي ونزيه ومعمق، هو في درجة الإلزام المفروض على الدول وفق مبادئ القانون الدولي العرفي”.
ويبقى السؤال مطروحا: إلى متى ترى “إسرائيل” نفسها فوق القانون الدولي؟ ومتى تُلجم هذه السلطات الاحتلالية بحيث تحسب ألف حساب لأي جريمة يمكن أن تقترفها في أي مكان في العالم؟!
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
الرشق: المقاومة فكّكت مجلس الحرب الصهيوني
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال عضو المكتب السياسي في حركة المقاومة الإسلامية حماس عزت الرشق: إنّ المقاومة وعلى رأسها كتائب القسام فكّكت مجلس...
الإعلامي الحكومي بغزة: الاحتلال والإدارة الأمريكية يكرسون المجاعة في القطاع
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، اليوم الإثنين، أن الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية يستخدمون المساعدات...
الأمم المتحدة: استشهاد 193 موظفا في الأونروا منذ بدء الحرب على غزة
أكدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" استشهاد 193 من العاملين في الوكالة خلال حرب الإبادة على قطاع غزة"، مضيفة...
نادي الأسير: ما لا يقل عن 640 طفلا معتقلا منذ بدء حرب الإبادة بغزة
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام كشف نادي الأسير الفلسطيني، اليوم الإثنين، أن قوات الاحتلال اعتقلت في أول أيام عيد الأضحى، طفلا يبلغ من العمر (7)...
هكذا استشهدت عائلات فلسطينية بأكملها.. تحقيق موسع يوثق جرائم الاحتلال في غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام نشرت وكالة أسوشييتد برس، اليوم الاثنين، تحقيقاً موسعاً وثق استشهاد عائلات فلسطينية بأكملها في حرب الإبادة التي يشنّها...
حماس: إحراق الاحتلال لمرافق معبر رفح عمل إجراميٌ همجيٌ
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، يوم الإثنين، إن إقدام جيش الاحتلال الإسرائيلي على إحراق مبنى المغادرة ومنشآت أخرى...
مسؤول أممي: القصف حوّل غزة إلى جحيم على الأرض
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، اليوم الاثنين، أن القصف الإسرائيلي على غزة منذ...