السبت 10/مايو/2025

الطريق إلى إصلاح حركة فتح طويلة جدا

رشيد
جاء في الأخبار أن حركة “فتح” شنت هجوماً عنيفاً على فاروق القدومي أمين سر الحركة وأحد القلة المتبقين من جيل القادة المؤسسين؛ واتهمت المركزية القدومي بتعطيل جهود الحركة في “مواجهة خصومها وأعدائها ومنافسيها”! وبأنه ” صار يشكل خطراً على مسيرة النضال الفلسطيني”! طبعا اللجنة المركزية الغضبى لم تعدم المفردات اللازمة لسباكة الادانة الحادة التي وجهتها للقدومي؛ وقالت كيف أنها تعد لسحب مناصب القدومي منه – تلك المناصب التي باتت أصلا فارغة من مضمونها بعد تعيين عباس قائدا عاما للحركة والالتفاف على القدومي منذ عهد بعيد – معتبرة أن هذا سيحافظ على الهيبة الفتحاوية والوطنية وعلى قيم ومباديء وتراث حركة فتح!

ما هي المبادىء وما هو التراث الذي بدده القدومي في وجه أعداء الحركة؟ انه وقوفه مع حركة حماس وممثلي باقي الفصائل الفلسطينية في الخارج ضد قرار محمود عباس اللادستوري واللاأخلاقي الانقلابي على المجلس التشريعي المنتخب في فلسطين لمصلحة الاذعان لأجندات الصهاينة! ونرجو من القاريء الحالم بصحوة شرفاء فتح أن لا يسيء تفسير مفردات من طراز “أعداء فتح وخصومها” فهؤلاء ليسوا اسرائيل؛ ولا جيش الدفاع؛ ولا حتى باقي الأصدقاء السياسيين والعسكريين والاستخباريين في اسرائيل الصديقة وأمريكا ولية النعم؛ فلفظة الأعداء لم تخرج عمن اجتمع القدومي معهم ضد شطحات عباس المنفلتة العقال من فصائل وتنظيمات الشعب الفلسطيني!

وفي رمزية بليغة تعكس مدة استيلاء الفجور على عقلية الطغمة النافذة في فتح فان اللجنة المركزية هددت بفتح “ملف مخالفات القدومي المالية”! هكذا وفي صحوة ضمير ميت مأجور لا يفجر في سبيل الشفافية والنزاهة الا حين يضطر لمعاقبة من سولت له نفسه بالخروج عن “كورس” الفاسدين ولو في بعض النص لا كله! وهذا مشهد تكرر مع فتح كثيرا – مع الفارق – فنحن نذكر نوع الاتهامات الوضيعة التي كيلت للرجل الشريف الحر المنطلق برجولته وكرم أخلاقه؛ ونعني هنا الناطق باسم وزارة الداخلية خالد أبو هلال والذي لم تدع فتح جريمة قتل وسرقة وبلطجة وتخريب للأملاك العامة الا وكالتها له أيضا في صحوة ضمير ميت لم يوقظه الا خروج الرجل النبيل على خط الطغاة معتزلا بفئة من شرفاء فتح طريق الخونة الأراذل!

أليست هذه من سيماء يهود وطبائعهم؟ يبدو أن كثرة المفاوضات معهم؛ وكثرة العربدة والسكر على موائدهم؛ وتراخي الأيام على اللقاء معهم في المنتجعات؛ وتسوق نساء المفاوضين مع نسائهم – وأكثر من ذلك من العلاقات الحميمية التي دارت خلف جدران أوكار التفريط تلك – قد أعادت تعريف عقل وذاكرة فتح لتصبح شبيهة بالنوع الرديء جدا من أعداء الأنبياء من بني اسرائيل؛ والا فاذكروا معي على عجالة حادثة اسلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه؛ فحين سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود عن الرجل؛ وفهم الحاضرون خطأ أنه عليه الصلاة والسلام يزمع اكرامه من موقعه كيهودي؛ جاء جوابهم في الثناء عليه فقالوا “سيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا”!

لكن حين كشف عبدالله بن سلام عن اسلامه جاء الجواب القبيح من ذات المثنين عليه أنه “شرهم وابن شرهم” وأنه كذاب! صحيح أن القدومي ليس نبيا ولا صحابيا ولا خاليا من العيوب؛ لكنني أجد قوة الشبه بين الصورتين ملحا علي في طرح هذه الأمثولة بين غدرات وسوء نية وفساد طوية يهود المدينة من جهة؛ وبعض الجالسين على كراسي القيادة في فتح من جهة أخرى!

هذا الموقف من القدومي قد يكون فعلا انتظم أكثر من في اللجنة المركزية على اختلاف مشاربهم بفعل العصبية القبلية الطاغية داخل الحركة؛ لكن يجب أيضا أن نبقي احتمال أن هذا الموقف هو قرار فئة من هذه اللجنة – فئة نافذة ذات صوت عال متصل بالقيادة – كما جرت العادة في اختزال فتح في شخوص الشرذمة الذين خطفوا مقودها الى مربع الخيانة والتنازل والفساد؛ والذين هم طبعا الأعلى صوتا في الحركة. هناك في الحقيقة أدلة تدعم الخيار الثاني؛ خصوصا حين نعلم أن اللجنة المركزية قد شهدت في اجتماع عقد مؤخرا هجوما على محمد دحلان ومحاولة للتصويت على عزله من المركزية أجهضت وباءت بالفشل بفعل تدخل محمود عباس لحماية حبيب بوش – حبيب بوش الذي بدونه ستنقلب أمريكا وكوندي وأولمرت وباقي الأعزاء غضبانين على عباس وفتح غضبا لا يزال القبر على باب المقاطعة واعظا عنه وناهيا زاجرا! وطبعا في حالة الذود عن ربيب الشاباك فان حديث ملفات الفساد والانحراف يصبح لا قيمة له؛ ويصبح مردده عرضة للاتهام التلقائي بأنه عميل مأجور لحماس!

لذلك؛ وبالرغم من بعض الأمل المتسلل من محاولة لجم دحلان ولو جزئيا؛ الا أن العجز عن انفاذ هذه المحاولة؛ وبقاء شخوصها ووقائعها أشباحا في مقابل الهجوم السافر على القدومي؛ ولأسباب يكفي عشر معشار ما عند دحلان منها لتكبيله في العقوبة أبد الدهر؛ فان المرء يقرأ وبكل واقعية مؤسفة أن طريق اصلاح فتح لا تزال طويلة جدا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات