عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

إلى أين؟

إلى أين؟

رغم أن الحراك الشعبي الفلسطيني يأخذ في هذه الأيام، طابعاً اجتماعياً بمطالبه التي تتعلق بمعيشته اليومية، مثل خفض أسعار المواد الأساسية والوقود وتأمين الرواتب والعمل الجدي على معالجة البطالة المتفشية.. إلخ، فإن عمقه الجوهري متأجج بالأسئلة السياسية الكبيرة والمصيرية التي لا يجد لها أجوبة تساعد على تخفيف الاحتقان الهائل الذي يعصف به، في مواجهة الاحتلال «الإسرائيلي» المستمر والمتفاقم على مدار الساعة، بالاستيطان المتمدد والمتوسع على البقية الباقية من الضفة الغربية، من دون أدنى اكتراث من جانبه ببيانات الشجب والاستنكار التي تتساقط عليه من السلطة الفلسطينية ومن بعض الدول الأوروبية، إلى جانب بعض الدول العربية، وكأنها (وهي كذلك بالفعل)، أوراق خريفية جافة تتطاير بالهواء. ومن أبرز هذه الأسئلة أو التساؤلات، ما يندفع مباشرة إلى واقع الحال الذي يرزح تحته الشعب الفلسطيني كله وسلطته معاً، منذ نشوء هذه السلطة ذاتها في العام 1994 على أساس اتفاق أوسلو في العام الذي سبقه.
كان من المفروض حسب هذا الاتفاق الذي قسم الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق (أ) و(ب) و (ج)، أن يتم إلغاء هذا التقسيم، والبحث فوراً في إنشاء دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران/يونيو، في نهاية السنة الخامسة والأخيرة للمدة المحددة له. غير أن الحال بقي على ما هو عليه، بانتهاء تلك السنة، وبتتابع السنوات حتى الآن، ما يعني أن تسع عشرة سنة مرت على هذا الاتفاق، دون أن تتحرك «إسرائيل» أنملة واحدة نحو تطبيق بنوده الأساسية، بل عملت على تحطيمه فعلياً، من دون أن تعلن صراحة عن سحب توقيعها عليه، أي دون أن تعلن عن سقوط السلطة الفلسطينية التي نشأت على أساسه، في الوقت الذي حاصرتها فيه داخل كانتونات التقسيم.
إلى ذلك، بقيت السلطة الفلسطينية قائمة بكامل الصلاحيات المجتمعية على منطقة (أ) فقط، مع سيطرة لها جزئية ومحدودة في (ب)، في حين تسيطر «إسرائيل» وحدها بكامل قوة احتلالها الاستيطاني على منطقة (ج) التي تشكل ما نسبته ستين في المئة من أراضي الضفة الغربية.
الآن، وقد ضاقت السُبل بالسلطة الفلسطينية، هل تعلن عن حل نفسها بنفسها، وتخرج إلى انتفاضة ثالثة مغايرة في أسلوبها وأهدافها، للانتفاضتين السابقتين الأولى والثانية؟ أو تعلن عن خلاصها من اتفاق أوسلو؟ ولكن هذا الخلاص يعني تلقائياً، انتهاء السلطة؟ فإلى أين بها وبالقضية الفلسطينية كلها؟ وماذا عن الانقسام بين الضفة وقطاع غزة؟ وعن إعادة تفعيل وتشكيل منظمة التحرير، وعن الانتخابات الرئاسية والتشريعية؟ أم هل تُبقي على الاتفاق وعلى وجودها ذاته، وتتجه بالمقابل إلى الأمم المتحدة طالبة التصويت على حقها في الحصول على وضع دولة غير عضو فيها، بدلاً من كونها الحالي في وضع «مراقب»، فإذا حصلت على هذا الحق، أصبحت بالفعل، دولة على أرضها تحت الاحتلال، وليست «أرضاً متنازعاً عليها»، ما يجبر «إسرائيل» على التعامل معها وفق هذا الواقع الجديد؟ وماذا عن موقف الولايات المتحدة؟ وموقف الدول الأوروبية؟
في خضم هذه الأسئلة، اختارت السلطة الفلسطينية التوجه إلى الأمم المتحدة لطلب الدولة، غير أنها لن تطلب التصويت عليه فوراً، ما يعني التلويح به في المرحلة الراهنة. كيف؟ لا جواب.
صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات