استهداف الصحفيين.. سجل صهيوني أسود مفتوح بلا حساب

أكثر من 55 صحفيًّا قتلهم الاحتلال الصهيوني منذ العام 2000 في مختلف المحافظات الفلسطينية، لن يكون آخرهم مراسلة الجزيرة المخضرمة شيرين أبو عاقلة، التي قتلت برصاصة قناص صهيونية في مشاهد بثتها قنوات العالم في جريمة إعدام ميدانية واضحة لا تحتمل أكثر من وجه واحد لحقيقة الاغتيال.
أبو عاقلة التي أصيبت برصاصة قاتلة في رأسها، رغم ارتدائها كل أدوات السلامة المهنية والصحفية التي تحث المؤسسات الدولية والحقوقية الصحفيين على ارتدائها في أوقات الحروب والاشتباكات، إلا أنّ الحقيقة الواضحة التي لا لبس فيها، أنّ الصحفية أبو عاقلة قتلت في جريمة اغتيال موثقة برصاصات صهيونية متفجرة استهدفت طاقماً من الصحفيين كان يستعد لتغطية أحداث اقتحام مخيم جنين.
ووثق المركز الفلسطيني للحريات والتنمية “مدى” خلال عام 2021 ما يزيد على 368 انتهاكًا بحق الصحفيين، منها 155 انتهاكًا مباشرا بين إصابات وقتل؛ حيث استشهد 3 صحفيون خلال العدوان على القطاع هم: محمد شاهين، وعبد الحميد الكولك، ويوسف محمد أبو حسين.
وقال مدير مكتب الجزيرة في فلسطين وليد العمري خلال مؤتمر صحفي في نابلس أمس، إن الاحتلال قتل 55 صحفيًّا فلسطينيًّا خلال قيامهم بعملهم الصحفي منذ انتفاضة الأقصى عام 2000.
ويقبع في سجون الاحتلال، حسب نادي الأسير الفلسطيني، 16 صحفيًّا، منهم الصحفي محمود عيسى المعتقل منذ عام 1993، والصحفية بشرى الطويل من مدينة البيرة التي اعتقلت خلال السنوات الماضية 6 مرات، معظمها إداريًّا.
سجل مفتوح
لم تكن جريمة اغتيال الصحفية أبو عاقلة حالة منفصلة عن سجل الجرائم الصهيونية المفتوح في استهداف الصحفيين ومؤسساتهم ومقراتهم ومعداتهم، فهو لم يدع فرصة واحدة لإطلاق النار أو تدمير كل من يقف بوجهه مشهرًا سيف الحقيقة.
وفي العدوان الأخير على قطاع غزة، دمّرت المقاتلات الحربية الصهيونية عشرات المقرات والمؤسسات الصحفية الكبيرة والعريقة؛ حيث دمّر الاحتلال عددًا من الأبراج التي تضم عددًا كبيرًا من تلك المقرات، كان أبرزها “برج الجلاء، برج الجوهرة، برج الشروق”؛ حيث بلغ عدد المؤسسات والمنابر الإعلامية التي تم تدمير مقراتها أكثر من 50 مؤسسة إعلامية وصحفية، منها وكالات أنباء محلية وعالمية.
وفي عدوان صيف عام 2014، كان العام الأسوأ على الصحفيين؛ حيث أسفر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والذي استمر 51 يومًا عن استشهاد 17 صحفيًّا أحدهم إيطالي، وآخر سائق مؤسسة إعلامية؛ إضافة إلى اثنين من الناشطين الإعلاميين؛ فضلًا عن إصابة 20 صحفيًّا، بعضهم إصابته خطيرة، أدت إلى بتر الأطراف.
شهية مفتوحة للجرائم
منسق اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية “مكتب فلسطين” صالح المصري، قال إنّ “إسرائيل” لم تجد من يردعها على كل جرائمها تلك، واستطاعت أن تفلت من العقاب رغم الحماية المكفولة للصحفيين والمؤسسات الإعلامية في كل القوانين واللوائح الدولية.
وأوضح المصري في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ المؤسسات الدولية اكتفت ببيانات الإدانة والاستنكار، “الأمر الذي فتح شهية “إسرائيل” لتواصل عدوانها تجاه الصحفيين الفلسطينيين، فمارست الملاحقة والاعتقال وإغلاق المؤسسات ومنع الحركة للصحفيين، ومحاربة المحتوى والرواية الفلسطينية” وفق قوله.
ويستذكر منسق اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية، جريمة قتل الزميل ياسر مرتجى بنيران قناص صهيوني خلال مسيرات العودة عام 2018 رغم ارتدائه السترة الصحفية، مبينًا أنّ تلك الجريمة شَكَلَت صدمةً للصحفيين الفلسطينيين، وكل الهيئات النقابية والمؤسسات الدولية، ولكن رغم هول هذه الجريمة إلا أن أيًّا من المؤسسات الدولية لم تذهب باتخاذ خطوة جديَّة لمحاسبة “إسرائيل” على جرائمها بحق الصحفيين الفلسطينيين.
ويعتقد الصحفي المصري، أنّ جريمة اغتيال شيرين أبو عاقلة من قناص “إسرائيلي” لها ما بعدها، ولن تكون الأخيرة في مسلسل الاغتيالات الإسرائيلية بحق الصحفيين الفلسطينيين طالما استمر في نقل الرواية، وطالما استمر الاحتلال، مبينًا أنّه كان واضح تمامًا أنّ جريمة الاغتيال للصحفية شيرين وهي تقوم بالتغطية لمخيم جنين، كانت رسالة لكل الصحفيين الذين شكلوا بأقلامهم وكاميراتهم نقل الحقيقة لكل العالم، وكانوا بمنزلة الشهود على جرائم الاحتلال.
نهج معتمد ومتعمد
الكاتب والأكاديمي الفلسطيني عدنان أبو عامر، أكّد أنّ جريمة اغتيال الصحفيين شيرين أبو عاقلة لم تكن حدثًا استثنائيًّا، بل هو نهج معتمد ومتعمّد، لأنه يعدُّ الكاميرا والقلم والدفتر والميكروفون أسلحة معادية يجب استهدافها، لا تقل خطورة عن البندقية والقنبلة والرصاصة.
وأشار أبو عامر في حديثه لمراسلنا أن الاحتلال بدّل تكتيكه تجاه تصوير أحداث المواجهات مع الفلسطينيين، ليُظهرها كأنها اشتباكات مسلحة بين الجانبين، لتبرير القصف العشوائي العنيف ضد الأحياء السكنية.
وأوضح الخبير في الشأن الصهيوني، أنّ الرقابة العسكرية تعد حلقة هامة لإحكام قبضتها على كل ما يصدر في تغطية الأحداث، لعدم إدانة الاحتلال، حتى لو ارتكب جريمة في وضح النهار، وفي وجود الشهود، كما حصل مع شيرين، في حين نال الصحفيون الفلسطينيون نصيبًا وافرًا من التحريض الإسرائيلي ضدهم، باعتبار ملاحقتهم ومنعهم من القيام بدورهم المهني جزءًا من المواجهة التي يخوضها الاحتلال، ولذلك مارس دورًا تحريضيًّا فاضحًا ضدهم.
وأكّد أبو عامر، أنّ هذا الأسلوب، يؤكد أن القاتل الإسرائيلي لم يجد ملجأ يسوغ من خلاله جرائمه إلا بالافتراء على الضحية، باتهامها بأنها سبب الجريمة التي استحقتها، مستذكرًا المقولة الشهيرة لـ”غولدا مائير” حين قالت: “لن أسامح الفلسطينيين لأنهم يجبرون جنودنا على قتلهم”، مضيفًا: “بالفعل، فقد سمعنا اتهامات إسرائيلية للشهيدة شيرين على سبب ذهابها لهذه المنطقة الأمنية الحساسة من مخيم جنين”.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مستوطنون يحتجزون 3 صحفيين في رام الله
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلاماحتجز مستوطنون، اليوم السبت، ثلاثة صحفيين وناشطا في قرية المغير شمال شرق رام الله، فيما اعتقلت قوات الاحتلال...

362 عملاً مقاوماً في الضفة والقدس خلال إبريل
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامتواصلت أعمال المقاومة في الضفة الغربية والقدس المحتلة، ضد قوات الاحتلال ومستوطنيه خلال شهر إبريل/نيسان...

المجاعة تتفشى بمستويات كارثية والأورومتوسطي يوثق ارتفاعًا حادًا في معدلات الوفاة الطبيعية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ارتفاعًا حادًّا في معدلات الوفاة الطبيعية بين البالغين من سكان قطاع غزة، إلى...

مستشفى الكويت برفح: المخزون الطبي لدينا يكفي لأسبوع واحد فقط
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذّر مستشفى الكويت التخصصي في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، اليوم السبت، من توقف عملياته معلنا أن المخزون الطبي لديه "يكفي...

77 شهيدا و275 جريحا في غزة خلال 48 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم السبت، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 77 شهيدا، و275 جريحا وذلك خلال 48 الساعة الماضية...

ألبانيزي: تجويع الفلسطينيين عار على الضمير العالمي
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام استنكرت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيزي مواصلة الاحتلال...

معظمهم أطفال.. 57 شهيداً ضحايا الجوع في غزة منذ بدء الإبادة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفاد المكتب الإعلام الحكومي في غزة، بارتفاع عدد الوفيات في القطاع بسبب سياسة التجويع إلى 57 شهيداً، مرجحا ارتفاع عدد...