يوم الأسير العربي!
ماذا يعني 17 نيسان لذلك “الإنسان” الفلسطينيّ الذي قُبِضت حريّته فما عاد لروحه معنى! سواء كان أسيراً أو معتقلاً أو مختطفاً أو مغيّباً!! بل ماذا يعني لمئات الآلاف من أسرى الحريّة في كلّ سجون الغيان والظّلم أيّاً كان؟ فالحريّة فضاء لا تحكمه جنسية ولا لون ولا لغة ولا دين ولا أيدولوجيا؛ ورضي الله عمّن قال قولته الخالدة: متى استعبدتّم “النّاس” وقد ولدتهم أمّهاتُهم أحراراً؟
ماذا يعني هذا اليوم لهذا “الإنسان”، هذا إن “أبْقوا” من إنسانيّته وآدميّته شيئا؟ كلّ الأيّام عنده (وعندهم) سواء! فمنذ اللحظة الأولى التي عُصّبت عيناه وأُدخِل “الجيب” أو “الجيمس” أو “الترحيلات” على اختلاف تسميات الأجهزة “اللاّ”أمنية … ما التّواريخ إلّا أرقام مجرّدة على أجنداتٍ لا تعني شيئاً، وما الأيّام إلّا ليلٌ يتلوه نهار كاللّيل! 17 نيسان لا يختلف عن 21 آذار أو 1 كانون ثانٍ أو 8 كانون أول … بل تستوي مع 30 شباط أو 31 رجب!! “إن هي إلا أسماء سمّيتموها …”! لا تعني شيئا في “سلطان” السجن والسجّان.
لا شيء يختلف؛ الأمس عن اليوم أو غدا، أوّل الشهر، آخره، وسطه، البدر، الهلال، الأيّام البيض، الخميس، الجمعة … كلّها أيّام مَحاق وليال سوداء! ستبقى الجدران العفنة على عفنها، والقضبان الصدئة على صدئها، و”البُرش” النَتِن على نَتَنِه! و”المسمار” الذي يختلف مع “رفاق” زنزانته أيّهم يعلّق عليه بعض أسماله لن يصبح خزانةً في غرفة نوم كالوهم!!
قد! ولربّما! ويمكن! أن يعني زيادة “أربع وعشرين ساعة” لـ”آلاف الأيّام” التي مرّت عليه خلف القضبان، أو التي ستمرّ! أو لعلّها تعني انقضاء “يوم” من عشرات “المؤبّدات” الباقية من الحُكم! لكنّه بالتأكيد: لن يتمكّن من رؤية الشمس “ثانية” واحدة زيادة عن الأمس، ولن يعني له نيسان شيئا؛ فلن يرى ربيعه ولا دحنونه ولا زهر لوزه، ولن تمسح جبينه نسمة من نسماته! لن يضمّ ابنه أو يحتضن ابنته أو يقبّل زوجته أو يغفو على كتف أمّه أو يلثُم جبين أبيه … لا، لا ولن يرى أحفاده الذين ولدِوا وأصبحوا في عمر أبنائه يوم خُطِف من بينهم!
وبالتأكيد اليقيني، في 17 نيسان – كما في غيره – يُقسِم هذا “الإنسان” – المنتهكة إنسانيته – أنّه لن يتغيّر مسمّى سجّانه ليصبح شريكاً أو رفيقاً أو أخاً! ولن يذكّره هذا اليوم بالصمود والتحدّي فتزيد عزيمته “نبضةً” واحدة … لأنّ جدران السجن لانت وهو ما لانت له قناة! تماماً كما أنّ قناعته بحقّه وحقّ المظلومين والمقهورين من شعبه وأمّته بالحرية والكرامة والحياة الكريمة لن تنقصَ “همسةً” واحدة!!
ستبقى فلسطين عنده اليوم كما الأمس وغدا، أزلاً وأبداً، هي فلسطين؛ فهو لا يفهم حدود الرّابع من حزيران، ولا غزّة وأريحا، ولا مناطق ألف وباء وجيم! ولا يعرف الخطّ الأخضر ولا الأصفر ولا اللّيْلكي حتى!! كلّها بالنسبة له وهم وسراب، كما كل الظلم والظالمين في نفسه وهمٌ وسراب!!
وسيبقى الفلسطينيّ عنده فلسطينيّاً؛ فكلّ العصبيّات والحزبيات والقبليات تتبخّر، وكلّ “العُصابات” و”الرايات” تُخلَع على عتبة السجن؛ فالمؤبّد هو المؤبّد لا يفرّق بين صاحب الراية الخضراء أو الصفراء أو الحمراء، كلّهم عند الصهيوني سواء! كلّهم فلسطيني يجب ألّا يكون! كما أنّ “الصهيوني” عندهم سواد وسواء وطارئ لا يُقبل له بقاء!!
كلّ أيام المظلومين – من كلّ الطغاة والظالمين – سواء! سجون طغاة الصهاينة وأقبية طغاة العُربِ سواء! و17 نيسان عند أسرى فلسطين وأسرى الشام والرافدين والنيل والمحيط والخليج سواء! مع بعض الاختلاف!! فلربّما “يُشرق” 17 نيسان هذه المرّة على وجبة جديدة من المؤبّدات والإعدامات لمجموعات من “الظلاميين” والمارقين!! ولربّما تشهد أروقةُ القضاء “الشامخ” قوائمَ جديدة من “الإرهابيين” الذين يتآمرون على قلب أنظمة الحكم “الرشيدة”! ولربّما تُبنى سجون وزنازين جديدة مجهّزة بأحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا التعذيب وامتهان الكرامة الإنسانية!
لهذا؛ فإنّ 17 نيسان لن يعني شيئا لأيّ مقهور كان، طالما أنّ 364 يوماً لا تشهد آلاف الفعاليات والحملات والحراكات المبصرة والمدروسة بعناية وعلمية وقانونية للدفاع عنهم وفضح سجانيهم وقضاتهم وطغاتهم. ولن يعني شيئا طالما لم تتحقّق صفقات تبادل للأحرار والحرائر جديدة. ولن يعني شيئا ما لم يُجبَر الطغاة والقضاة والعتاة والغلاة أن يتحسسوا “عروشهم” إن فكّروا بأَسْر حرّ أو حرّة من أحرار وحرائر هذه الأمّة الثائرة على ظلمهم وجبروتهم وفسادهم!
إن لم يتحقّق ذلك – وهو أضعف الإيمان – فلن يكون 17 نيسان سوى فرصة لمثلي أن يكتب مقالاً يمجّد فيه بطولات أسرى الحرية، ليظهرَ اسمه في قائمة كُتّاب المقالات، وتبرز صورته “البهيّة” على المواقع الالكترونية، ويجمع مزيدا من “اللايكات” و”الكومنتات”!! أو مناسبة للمحللين “السياسيين” والباحثين “الاستراتيجيين” ليحللوا المشهد المعقّد الذي تعيشه الأمّة! أو سوقاً لمزايدة أدعياء حقوق الإنسان ليعبّروا عن أسفهم لهذا “الكمّ” من الأسرى والمعتقلين، ولهذه الأحكام التي غابت عنها الشفافية والنزاهة!!
حذارِ! حذارِ! أن يمضي 17 نيسان ونحن القابضين على القلم قابعون خلف شاشاتنا! لم نفعل شيئا “يهزّ” قضبان الطغاة!
آخر الكلام:
17 نيسان ككلّ الأيام قبله وبعده، باستثناء 25 حزيران و 18 تشرين أوّل!! وإن شكّ أحدٌّ بذلك فدونه الحرّة لينا الجربوني يسألها تجبه!
(مدونات الجزيرة)
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
اليونيفيل ترفض طلب إسرائيل نقل بعض قواتها من مواقعها
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان "اليونيفيل" أن قواتها لا تزال في مواقعها رغم تلقيها قبل نحو أسبوع...
كتائب القسام تنعى القائد القسامي سعيد علي وعائلته
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام نعت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، القائد القسامي سعيد عطا الله علي الذي استشهد برفقة عائلته، إثر غارة...
الأوقاف: جيش الاحتلال دمر 79% من مساجد غزة و3 كنائس ونبش عشرات المقابر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي 79% من مساجد في قطاع غزة خلال عام من حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من...
وثائق داخلية تكشف عن تقييد “ميتا” استخدام رمز المثلث الأحمر
واشنطن - المركز الفلسطيني للإعلام كشف وثائق داخلية تتعلق بقواعد الإشراف على المحتوى، عن تقييد شركة ميتا استخدام رمز المثلث الأحمر المقلوب على منصات...
القيادي مرداوي: خطبة المرشد الإيراني حملت أبعادا سياسية وميدانية مهمة
إسطنبول – المركز الفلسطيني للإعلام أكد القيادي في حركة حماس محمود مرداوي على أهمية خطبة المرشد الإيراني علي خامنئي بما حملته من مواقف وأبعاد سياسية...
استشهاد شاب برصاص الاحتلال أثناء اعتقاله في وادي الفارعة بطوباس
طوباس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شاب فلسطيني برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم السبت، أثناء محاولة اعتقاله عقب محاصرة منزله في وادي...
قطاع الطيران الإسرائيلي يواجه أزمة حادة وآلاف الجنود عالقون في الخارج
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام يشهد قطاع الطيران الإسرائيلي أزمة حادة، حيث يُترك آلاف الإسرائيليين، بمن فيهم جنود الاحتياط الذين استلموا أوامر...