السبت 10/مايو/2025

تقرير لوزارة الأسرى: مئات الأطفال الأسرى في سجون الاحتلال تمارس ضدهم كافة أساليب

تقرير لوزارة الأسرى: مئات الأطفال الأسرى في سجون الاحتلال تمارس ضدهم كافة أساليب

بينما يحتفل أطفال العالم بيومهم العالمي الذي يصادف العشرين من نوفمبر من كل عام، يعانى أطفال فلسطين من إرهاب الدولة المنظم،الذي جعل منهم أولوية في الاستهداف إما بالقتل أو الاعتقال، فهذا الاحتلال لا يقيم وزناً للاتفاقيات والمواثيق ويتعامل معها باستهتار واستخفاف.

وقد جعل الاحتلال الطفل الفلسطيني هدفاً لانتهاكاته وتجاوزاته بحق الشعب الفلسطيني، فعشرات من الأطفال كانوا ضحايا القصف وإطلاق الرصاص العشوائي، والعشرات من الأطفال أصبحوا معاقين من جـراء سياسة الاحتلال القمعية، وكذلك لم تخلو السجون والمعتقلات الصهيونية من مئات الأطفال.

ويؤكد وزير الأسرى محمد فرج الغول بان سلطات الاحتلال اختطفت منذ انتفاضة الأقصى ما يزيد عن (7200) طفل، ولا تزال تحتجز في سجونها (310) منهم في ظل ظروف تفتقر إلى الحد الأدنى من شروط الحياة الأساسية، موزعين على سجون: “تلموند” و”عوفر” و”النقب” و”عتصيون” و”مجدو” و”حوارة”، إضافةً إلى العديد من مراكز التحقيق والتوقيف الصهيونية التي يمارس فيها المحققين ورجال الشاباك كافة أشكال التعذيب والتنكيل الجسدي والنفسي بحق الأطفال ويجبرون على تقديم اعترافات تحت التهديد.

كما يساومون على العمل مع الاحتلال مقابل إطلاق سراحهم أو تخفيف التعذيب عنهم، ومن بين الأطفال الأسرى ( 133 ) طفل محكوم، و(170) طفل موقوف بانتظار محاكمة، و(7) أطفال يخضعون للاعتقال الإداري بدون تهمة.

ممارسات لا إنسانية

وأضاف الغول أن من بين الأساليب الإجرامية التي تمارسها سلطات السجون ضد الأطفال الأسرى، الاكتظاظ في الغرف حيث تضع عدد كبير منهم في غرف صغيرة تنعدم فيها النظافة، دون توفير فراش أو أغطيه أو ملابس كافية وخاصة في فصل الشتاء ولا يتوفر في هذه الغرف تهوية أو إنارة مناسبة.

كما تحرمهم من زيارة الأهل و المحامين، وتقطعهم عن العالم الخارجي، ولا توفر لهم كميات مناسبة من الطعام، وتمارس بحقهم الإهمال الطبي ولا توفر لهم الرعاية الصحية المناسبة، بالإضافة إلى الاحتجاز مع أطفال جنائيين صهاينة، والعزل والشتم والتهديد، واقتحام الغرف بعد منتصف الليل بحجة التفتيش، ومصادر أغراضهم وصور أهلهم.

وأوضح الغول بان كل تلك الممارسات التعسفية، يعانى منها الأطفال أثناء وجودهم في المعتقلات والسجون بعد الانتهاء من مرحلة التحقيق التي يتعرض فيها الطفل إلى الضرب الشديد بالعصي والركل بالأرجل، والشبح ووضع الكيس فى الرأس، وتقييد الأيدي والأرجل لفترات طويلة، والحرمان من النوم لعدة أيام، والتهديد بالقتل واعتقال الأهل وهدم البيت، وابتزاز الأطفال لإرغامهم على الارتباط مع المخابرات الصهيونية، والضغط النفسي القاسي على الطفل مما يترك اثر سيئا في نفسه حتى بعد إطلاق سراحه بفترات طويلة يحتاج فيها إلى علاج نفسي.

أثار بعيدة المدى

من جهته أكد رياض الأشقر مدير الدائرة الإعلامية بالوزارة أن 99% من الأطفال الذين يختطفون من البيوت وعن الحواجز وعلى أبواب المدارس والشوارع، تعرضوا لأحد وسائل التعذيب المختلفة التي تمارسها سلطات الاحتلال ضدهم، الأمر الذي سبب لهم معانة نفسية طويلة الأمد حتى بعد تحررهم من السجن، وخاصة الذين امضوا فترات طويلة في السجن، أو الأطفال الذين وضعتهم أمهاتهم داخل السجن حيث أن ما يواكب نشأة الطفل في شهوره وسنواته الأولى يترك آثارها في صياغة سلوكه العام لاحقاً.

والأطفال الذين ولدوا في الأسر وعاشوا الشهور الأولى من أعمارهم خلف القضبان، لا تزال صور القيود والأقفال والسلاسل المعدنية في مخيلتهم، وكأنها حفرت في عقولهم وذاكرتهم للأبد، ويميلون إلى اقتناء الأقفال وإغلاق الأبواب، ويواجهون صعوبات جمة في التأقلم والتكيف مع العالم الخارجي ومع آبائهم وباقي أفراد الأسرة، وهذا كله يؤثر بطبيعة الحال على نمو الطفل النفسي ومن الممكن عندما يكبر أن يعمد إلى ممارسة سلوك عنيف كالسلوك الذي تعايش معه داخل السجن.

وبين الأشقر أن من بين الأطفال الأسرى هناك أكثر من (70) طفلاً مريضا يعانون أمراض مختلفة و محرومون من الرعاية الصحية والعلاج، في ظل إهمال متعمد من قبل إدارة السجون مما ينذر بزيادة الحالات المرضية بين الأطفال.

وأوضح أن من أهم العوامل التي تساعد على انتشار الإمراض، قلة النظافة وانتشار الحشرات، في الأقسام والسجون التي يحتجز بها الأطفال، الأمر الذي ساعد بشكل خاص على انتشار الإمراض الجلدية المعدية بين الأطفال الأسرى وخاصة في سجن تلموند، الذي يضم (120) أسيراً من الأشبال، يعيشون ظروف نفسية قاسية نظراً للمعاملة المهينة التي يلاقونها على يد السجانين هناك، وتفرض عليهم عقوبات قاسية تتمثل في العزل الانفرادي، وكثرة الغرامات المالية، وكثرة العدد اليومي، وتقييد الأسرى بالسلاسل، وكثرة التنقلات من قسم لأخر ومن سجن إلى أخر، بهدف التأثير على نفسية الأسير وزعزعة استقراره.

شهادة “بتسليم”

وكشف تقرير الوزارة عن شهادة تقدم بها مركز حقوق الإنسان (بتسيلم) العامل في الكيان الصهيوني، يتهم فيها الحكومة بتعذيب الأطفال الفلسطينيين فى سجونها، وأنها تستخدم العنف والتنكيل بحق الأسرى الأطفال ممن هم دون سن 18 عاماً، مخالفة بذلك المواثيق الدولية التي تحرم ذلك.

وأوضح المركز فى تقرير أعده لإفادات عدد من الأسرى القاصرين، انه يتم تعذيب الأسرى الأطفال ساعة الاعتقال وداخل السجون، وان الاحتلال استخدم أساليب تحقيق جديدة مثل رش الأسرى الأطفال بالماء البارد والساخن، وإجبارهم على تناول مكعبات من الثلج، وتغطيسهم بالماء البارد لفترات طويلة فى جو قارص، إضافة إلى تسليط سماعات تصدر أصواتا مرتفعة على أذني الطفل المحقق معه.

وهذا ما أكدته أيضا المحامية السويدية “بيرجيتا الفستروم” والتي قدمت تقريرها إلى حكومتها مدعماً بالوثائق والشهادات، أقرت فيه بان الاحتلال يتصرف كعصابة إجرام في التعامل مع الأطفال الأسرى، وأثبتت تورط الجهاز القضائي الصهيوني في عمليات التعذيب التي تمارسها أجهزة الأمن بحق الأطفال الأسرى.

وقالت أنها لم تصدق ما رأت وما سمعت حتى أنها لم تتمالك أعصابها بسبب قوة التعذيب الذي يطال أولئك الأطفال، وأكدت بان جميع الأطفال الذين يعتقلون لدى الاحتلال يعانون أمراضاً نفسية وجسدية بعد خروجهم من المعتقلات، وقالت “ما شاهدته وسمعته من درجة بشاعة أنواع التعذيب والإرهاب اللذين تمارسهما “إسرائيل” في حق أطفال أبرياء تعجز الكلمات عن وصفه”.

مخالفة للقوانين

وأشار التقرير إلى أن سلطات الاحتلال تضرب بعرض الحائط كل الاتفاقيات التي تخص الأطفال المحرمون من حريتهم، وتحرمهم من حقوقهم التي كفلتها هذه الاتفاقيات وأهمها عدم التعرض للاعتقال العشوائي، والحق في معرفة سبب الاعتقال، والحق في الحصول على محامٍ، وحق الأسرة في معرفة سبب ومكان اعتقال الطفل، والحق في المثول أمام قاضٍ، والحق في الاعتراض على التهمة والطعن فيها، والحق في الاتصال بالعالم الخارجي، والحق في معاملة إنسانية تحفظ كرامة الطفل المعتقل ، وتراعى ظروفه كقاصر.

وتخالف سلطات الاحتلال نص المادة (34) من اتفاقية حماية الطفل والتي تنص على(تتعهد الدول الأطراف بحماية الطفل من جميع أشكال الاستغلال والانتهاك الجسدي) ،وكذلك المادة (16) من نفس الاتفاقية والتي تنص على أنه “لا يجوز أن يجري أي تعرض تعسفي أو غير قانوني للطفل في حياته الخاصة أو أسرته أو منزله أو مراسلاته ولا أي مساس غير قانوني بشرفه أو سمعته” ، والتي تنص أيضا على “أن للطفل الحق في أن يحميه القانون من مثل هذا التعرض أو المساس” .

ولا تراعى سلطات الاحتلال   حداثة سن الأطفال أثناء تقديمهم للمحاكمة، ولا تشكل لهم محاكم خاصة وفقاً للبند رقم (3) من المادة (40 ) من اتفاقية الطفل والتي تنص على (قيام سلطة أو هيئة قضائية مختصة ومستقلة ونزيهة بالعمل في دعواه دون تأخير في محاكمة عادلة وفقاً للقانون).

وفى نهاية التقرير ناشدت وزارة الأسرى والمحررين الدول الراعية لتلك المواثيق والاتفاقيات التي تخص الطفل وتكفل له الرعاية والحماية بان تدين الاحتلال على مخالفته لتلك القوانين، ولان تنظر بعين العدل للأطفال الأسرى الذين يعذبون تحت سياط الجلاد دون تدخل من احد ، وأن تراعي المصلحة الفضلى للأطفال الفلسطينيين الأسرى بالإفراج عنهم ووضع حدّ لمعاناتهم، والانطلاق من مبدأ أن اعتقالهم يعتبر مخالف للقوانين الدولية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات