بانتوستان فلسطين

لا تترك الخريطة التي تضمّنتها خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لتصفية القضية الفلسطينية تحت مسمى “صفقة القرن”، مجالاً للشك في حجم التأثير الإسرائيلي على شكلها النهائي، وكونها تغطي في الواقع مخططات وأحلام الحركة الصهيونية في فرض وبسط السيطرة الإسرائيلية على كامل الأرض الفلسطينية، باستثناء المناطق كثيفة السكان، تنفيذاً لشعار أرض أكثر عرب أقل.
وهي تدفع بالاحتلال ورواياته التاريخية قدماً إلى الأمام، بمنحها دولة الاحتلال فرصة وموافقة أميركية لتسريع النشاط الاستيطاني في فلسطين، أو ما تبقى منها، وقضم الأرض تمهيداً لإنهاء الصراع وفق الصورة والخريطة المتخيلة إسرائيلياً منذ أوائل القرن الماضي.
وتبدو فلسطين “الموعودة” وفق الخريطة، بما تبقى من أرض لأصحاب الوطن، نوعاً من “كائنات الأميبا” وحيدة الخلية التي ترتبط ببعضها البعض بشبكات من الطرق والأنفاق، لكنها في النهاية تبقى كتلتين أساسيتين كبيرتين تحت حكم “ذاتي فلسطيني” محدود الصلاحيات، بما يذكّر أكثر من شيء آخر بدول الوصاية السوداء، التي أقامها نظام التفرقة العنصرية، أبرتهايد، في جنوب أفريقيا، وأشهرها دولة سيسكي على شواطئ المحيط الهندي، في جنوب أفريقيا.
وتبدو خطة ترامب، بالمقاييس الإسرائيلية، كذبة جديدة للتاريخ، وسعياً محموماً للانتقال من رواية “الاحتلال النيّر” التي رفعها الاحتلال حتى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى، التي كشفت زيف رواية الاحتلال، وأعادت للوعي العالمي بشكل مكثف وملموس حقائق التاريخ والجغرافيا، عن شعب يصارع تحت احتلال وحشي وإجرامي مدعوم من دول غربية تحاول “تنقية” ضميرها من جرائمها ضد الإنسانية خلال الحرب العالمية الثانية، ولا سيما سكوتها على المحرقة النازية.
هي إذاً انتقال من رواية احتلال كاذبة قديمة عن احتلال نيّر، إلى رواية جديدة لحكم ذاتي فلسطيني مأمول، فقط بعد أن يسلّم الفلسطينيون كلياً ويستسلموا لشروط الاحتلال وينكروا تاريخهم وعمق ارتباطهم بوطنهم وأرضهم والإقرار “بشرعية” عملية سرقة وطنهم، وتحوّلهم فيه إلى رعايا، سواء كانوا في الجليل أو المثلث أو الضفة الغربية أو قطاع غزة، بتفاوت في مستوى المعيشة و”مجال الحريات المتاحة أمامهم”. وهو بالضبط تكرار لنظام البانتوستانات في جنوب أفريقيا، فمنها ما كان “مستقلاً” مثل سيسكي، ومنها ما كان مجرّد إقليم بحكم ذاتي لكن لا تعترف به دولة جنوب أفريقيا كبانتوستان مستقل، مثل بانتوستان “كوازولو”.
هذه عملياً ملامح النتائج المتوخاة إسرائيلياً من خطة ترامب، وهو ما يوجب على “القيادة الفلسطينية” ليس فقط إدخال تغيير على الدور الوظيفي للسلطة، بل إدخال تغيير على نهج التفكير الفلسطيني، يقود إلى وحدة فلسطينية تكون قادرة على مواجهة المرحلة الجديدة.
عرب48
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

قصف إسرائيلي على صحنايا بريف دمشق
دمشق - المركز الفلسطيني للإعلام شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي -اليوم الأربعاء - عدة غارات على صحنايا في ريف دمشق، بالتزامن مع عملية أمنية ضد...

حرائق كبيرة في إسرائيل والسلطة تعرض المساعدة
المركز الفلسطيني للإعلام اندلعت حرائق كبيرة في كيان الاحتلال الصهيوني، اليوم الأربعاء، وفشلت السلطات المحتلة في السيطرة عليه، في حين عرضت السلطة...

الاحتلال يصيب طفلاً في جنين وينصب بوابات حديدية جنوبي الأقصى
جنين - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب طفل، اليوم الأربعاء، برصاص قوات جيش الاحتلال في جنين شمالي الضفة الغربية، فيما نصب الاحتلال حواجز عسكرية في...

أوكسفام وشبكة المنظمات الأهلية: مخازن المواد الغذائية نفدت تماما
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت منظمة "أوكسفام"، وشبكة المنظمات الأهلية في غزة تزايد الأوضاع الإنسانية في القطاع صعوبة بشكل كبير منذ 2 مارس/آذار...

إغلاق مدارس الأونروا في القدس يهدد حق 800 طفل بالتعليم
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من أن إغلاق سلطات الاحتلال مدارس المؤسسة الأممية في...

مستشفيات غزة تستقبل 145 شهيدا وجريحا خلال 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 35 شهيدا، و109 إصابات وذلك خلال 24 الساعة الماضية جراء تواصل حرب...

برنامج الغذاء العالمي: غزة تواجه المجاعة و700 ألف بلا طعام
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكد برنامج الغذاء العالمي أن الوضع الإنساني في قطاع غزة بلغ مرحلة حرجة للغاية، مبينا أن مخزون البرنامج من المساعدات...