عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

لماذا التمسك بالفشل؟؟

كمال المصري

منذ الإعلان عن اتفاق مكة المكرمة ، والذي حصل بين حركتي فتح وحماس هدأت كثير من الأصوات العالية والناقدة من هذا الفصيل أو ذاك ، وقوبل الاتفاق بترحيب شعبي واسع ، كيف لا وقد عم الهدوء شوارع غزة ، وغابت مظاهر التوتر في مدن الضفة ، وقد تابعت أقلاما كثيرة أشادت بالاتفاق ، وتمنت على ربها أن يدوم الوفاق ، بين المجاهدين والمناضلين والرفاق ، لكن قلما نشازا ، فضل أن يفتح باب الشقاق ، وأتقن صاحبه الدكتور جمال نزال السير في الاتجاه المعاكس!

 في كل يوم له تصريح ، أو على الشاشة يصرخ ويصيح ، للنقد أو الاتهام أو التجريح ، كان على أهبة الاستعداد ولم يتريث كثيرا ، فبعد خمسة عشر ساعة على توقيع الاتفاق ، كان له أن يكتشف بأن حماس عادت إلى رشدها ، بعد عشرين عاما من ضلالها ، كانت هذه البداية ، أما آخر ما كتب -ولست اعتقد أنها النهاية – مقاله (القتل في الوقت الضائع) ، وأنا ما زلت حائرا في أسباب هذا المقال وفي مبرراته وفي دوافعه ، وبين المقال الأول والأخير سلسلة طويلة من التصريحات والمقالات التي تأتي في ذات السياق!

 وهنا يحق لكل مواطن فلسطيني أن يتساءل ، ما مغزى ذلك الخطاب؟ ولماذا هذا الإصرار على الفشل؟ ولماذا العودة إلى الحديث عن الدماء ؟ وعن القتل والاعتداء ؟ وفي كل واحد منا ضمير ينادي ويصيح ، اتقوا رب السماء ، وتذكروا أنه ما زال لكم أعداء ، وفي المجتمع خطباء وعقلاء ، ينصحون ويوجهون كل حملة السلاح ، ورسالتهم واضحة…

 حتى لو فشل اتفاق مكة ، فلا عودة إلى مربع القتال ، وهنا لا بد من توضيح حقيقة وهي أن ما حصل من إحداث مؤسفة بين أبناء الشعب الفلسطيني إنما هي مرحلة نشاز في تاريخ الشعب الفلسطيني ، وبالتالي ينبغي أن لا نصور الأمر في صورة ثنائية ، بين كل الأحداث المتوالية ، بمعنى يجب أن لا تكون المعادلة هي ندية العلاقة بين الأطراف الفلسطينية ، لنصل حينها إلى وضع دائم التوتر ، إذا كانت طبيعة العلاقة تقول إما الاتفاق وإما الاقتتال.. وإما الرواتب وإما التخريب والدمار ..

 وهنا أقول صراحة ، يمكن لنا أن نختلف سياسيا ، وربما يفشل لقاء هنا أوهناك ، مسموح لنا الاختلاف ، وجائز لنا التباين ، لكن لا مكان للسلاح لغة فيما بيننا ، وحرام أن تكون البندقية بديلا عن أي لغة في الحوار الداخلي ، وهنا حذار من حالة التعبئة المتزايدة باتجاه شحن النفوس وتوتير الأجواء ، نعم ، لقد كانت حالة مخجلة في الوقت القريب الماضي ، لكن تلا تلك الحالة اتفاق جيد ، ربما لا يرتقي للحد المطلوب من تعميق الوحدة الفلسطينية وترسيخ معنى الشراكة السياسية بين كل الفصائل باعتبار أن الاتفاق تناول جزئية محددة وهي ما يتعلق بالحكومة في حين بقيت ملفات أخرى ما زالت تنتظر طاولة النقاش والحوار …

بقي القول أن اتفاق مكة المكرمة شكل محطة رائعة في تاريخ الشعب الفلسطيني ، يستحق من الذين صنعوا تلك المحطة أن يتجاوزوا عن تلك الأصوات النشاز ، وان يقفزوا عن تلك العثرات ، كيف لا وقد سجل بامتياز انه انجاز لحركتي فتح وحماس معا ، فقد كانت لدى فتح إرادة حقيقية في إنجاحه.. إذ لا يمكن لاتفاق أن يتم بدون إرادة صادقة من كلا الطرفين ، كذلك تجاوزت فتح كل الضغوط عليها لإفشال اللقاء في تلك اللحظة ، في الجانب الأخر تمكنت حماس أن تثبت بأن قرارها السياسي ليس أسيرا لسياسة ومصالح هذا القطر أو ذاك ، فكون الاتفاق جرى على ارض وبرعاية المملكة العربية السعودية ، هذا رد واضح على من قال بان حماس رهينة بيد محور معين في المنطقة.. قيل عنه يوما انه محور الشر وان حماس جزء منه ، وبشكل عام هو انجاز للشعب بأكمله ، لكن على أن يحيطنا الإدراك بأنه ليس نهاية المطاف ، والعبرة بالتطبيق والاستمرار…

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات