عباس أمام امتحان اتفاق مكة وضغوط واشنطن

انتهت يوم الإثنين 19 فبراير في القدس المحتلة اجتماعات اللقاء الثلاثي الذي عقد بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت والذي وصفته العديد من وسائل الإعلام بالقمة الثلاثية، بتصريحات دبلوماسية وعرض مواقف معروفة لا تعكس أي تقدم في محادثات التسوية المجمدة منذ سنوات، وهو الأمر الذي دفع العديد من المراقبين إلى التأكيد أن اللقاء فشل في تحقيق الأهداف التي أرادتها منه كل من واشنطن وتل أبيب.
هذه النتيجة لم تكن مفاجأة حيث ان التوقعات التي سبقت الاجتماع كانت في غالبيتها متشائمة في القدرة على التوصل إلى نتائج هامة من شأنها تحريك العملية السلمية، خاصة وأن البيت الأبيض أراد من اللقاء أن ينسف أسس اتفاق مكة للثامن من فبراير الذي أحل التوافق بين حماس وفتح وقطع الطريق حتى الآن على تجدد الاشتباكات بين الجانبين والتي كانت تخدم المصالح والمواقف الصهيونية.
في محاولة لإظهار أن اللقاء لم يشكل تعثرا لأهداف السياسة الأمريكية أكدت رايس للصحفيين والى جانبها عباس واولمرت الالتزام بحل يقوم على مبدأ إقامة دولتين جنبا الى جنب، وقالت رايس “أكدنا نحن الثلاثة التزامنا بحل يستند على قيام دولتين واتفقنا على ان الدولة الفلسطينية لا يمكن ان ترى النور وسط الإرهاب والعنف”. وذكرت رايس ان اولمرت وعباس اتفقا على الالتقاء من جديد “قريبا” وأنهما طلبا مساعدة الولايات المتحدة للتقدم في المفاوضات وانها تتوقع ان تعود هي نفسها الى المنطقة قريبا لهذه الغاية.
واعلنت رايس ايضا أنه تم في الاجتماع بحث موقف اللجنة الرباعية بشأن ضرورة تعهد الحكومة الفلسطينية بعدم اللجوء الى العنف والاعتراف بإسرائيل، وقبول الاتفاقات الموقعة والالتزامات بما فيها خارطة الطريق”.
قبل الاجتماع الثلاثي كشف مقربون من رايس أنها ترغب في أن يبحث الاجتماع “اطر” الدولة الفلسطينية المستقبلية المفترض ان تتوج مفاوضات الوضع النهائي للأراضي المحتلة والتي تتضمن ملفات شائكة مثل الحدود ومصير القدس وموضوع اللاجئين والمستوطنات اليهودية. وقيل أن رايس حملت مقترحات وآليات لإعادة إطلاق عملية السلام ومفاوضات الوضع النهائي
كما أكدت مصادر مطلعة في غزة والقدس المحتلة ان الرئيس عباس أخفق في إقناع رايس، خلال لقائهما في رام الله يوم الأحد، بضرورة التعامل مع حكومة الوحدة الوطنية، رغم أنه حذر من أن البديل عن اتفاق مكة هو الحرب الأهلية، فيما كررت رايس أن حكومة الوحدة لن تستجيب للشروط التي وضعتها اللجنة الرباعية، في وقت شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت على “تطابق” الموقف مع واشنطن بشأن مقاطعة تلك الحكومة حيث أكد أنه والرئيس جورج بوش اتفقا على مقاطعة حكومة الوحدة الفلسطينية إلا إذا قبلت المطالب الغربية المتعلقة بالسياسة تجاه إسرائيل ،وقال “الحكومة الفلسطينية التي لا تعترف بشروط لجنة الوساطة الرباعية لا يمكن أن تحصل على اعتراف ولن يكون هناك تعاون معها.”
وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس قد أوضحت خلال اجتماعها بنظيرتها الإسرائيلية تسيبي ليفني بتاريخ 13 يناير الماضي بالقدس المحتلة، أنها تبحث عن طريقة للإسراع في تطبيق خطة خريطة الطريق وفتح آفاق سياسية للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي من أجل تحقيق رؤية بوش حول الدولتين اللتين تتعايشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن. يشار إلى أن خطة خريطة الطريق التي أصدرتها اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط، والتي تضم الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والاتحاد الأوربي والأمم المتحدة في سنة 2003، تتحدث عن وقف العنف الإسرائيلي الفلسطيني وعن تجميد المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة، وإقامة دولة فلسطينية. وإذا كانت مبادرة كوندوليزا رايس غير واضحة بخصوص وسائل الإسراع في تطبيق خطة خريطة الطريق، إلا أنها تشدد على ضرورة التوصل لاتفاق حول الاعتراف بإسرائيل، وهو ما ترفضه حركة حماس التي تسيطر على الحكومة الفلسطينية.
باختصار شديد جاءت رايس الى فلسطين المحتلة بإملاءات سعت لفرضها على الرئيس الفلسطيني بحيث لا يكون أمامه سوى أحد أمرين أما أن يقبلها فينسف اتفاق المصالحة وحكومة الوحدة الوطنية ويعيد التصدع والصراع الى الساحة الفلسطينية ويحصل مقابل ذلك على دعم مالي وتسليحي من الولايات المتحدة، وأما أن يرفض الإملاءات الصهيوأمريكية فيهدد بالعزل ومواصلة الحصار ليس على الحكومة القادمة فقط بل ضد كل السلطة الفلسطينية.
الكثيرون يرون أن ضعف الوضع السياسي لكل من بوش وأولمرت بسبب نكسة الأول في العراق وأفغانستان والثاني في حرب لبنان والفضائح الداخلية يحد من قدرتهما على ممارسة ضغط فعال على الفلسطينيين، كما أن مواقف روسيا الأخيرة التي عبر عنها الرئيس بوتين وعارض فيها هيمنة واشنطن وعدوانيتها تعطي للفلسطينيين مساحة مناورة ومرونة في التعامل مع الضغوط الأمريكية التي لا تحظى بنفس الدعم السابق من جانب الأوروبيين.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...