موحدون في مواجهة صفقة القرن

مواجهة صفقة القرن تحتاج لأقوال وليس لأفعال، بل خطوات فلسطينية فعلية لمواجهتها ووضع العربة في هذا الملف على السكة الفعلية، وترجمة البيانات والمواقف لحقائق، لخطورة الصفقة التي تعمل على تغييب الوعي الفلسطيني والعربي تجاه القضايا الوطنية وتحويلها إلى مجرد قضايا هامشية في سياق الأحداث، كما تحاول الولايات المتحدة أن تفعل ذلك.

أخطر ما تحاول تمريره صفقة القرن هو كي الوعي الفلسطيني والعربي تجاه الاحتلال ليبدو أننا تجاوزنا فكرة الصراع الفعلي مع الاحتلال المرتبط باحتلال فلسطين التاريخية عام 1948، وما ترتب على ذلك من تهجير لملايين الفلسطينيين من أراضيهم واحتلال الأراضي وتهجيرهم من ديارهم، وما تبع ذلك من أحداث، اعتقادًا من الاحتلال أن الكبار يموتون والصغار ينسون.

تقوم فكرة صفقة القرن على دمج الاحتلال في المنطقة، وهو ما سعت له الولايات المتحدة، لكن من خلال عدة أساليب بينها ما تعرف بمسيرة التسوية التي تقوم بالاعتراف بالاحتلال كجزء من المنطقة، وهو ما حدث فعلًا من خلال اعتراف منظمة التحرير بالاحتلال على 78% من فلسطين التاريخية، والتفاوض على الباقي، على مدار 27 عامًا، واليوم تأتي صفقة القرن بنفس المفهوم والفكرة لكن بشكل أكثر وضوحًا بحيث يتم إنهاء قضية القدس واللاجئين وضم الضفة الغربية، وفصلها عن قطاع غزة.

لذلك فإن مسيرات العودة التي توحد الفلسطينيين هي الطريق الوحيد في مواجهة سياسة كي الوعي، من خلال صناعة وعي فلسطيني فعلي قائم على تعزيز الوعي الوطني لدى الأجيال الحالية بطبيعة الصراع مع الاحتلال، وفي مقدمته حقهم في العودة، وما تفعله مسيرات العودة يحقق هذا الهدف ومواجهة أساليب الاحتلال، لذلك نرى أن مسيرات العودة وحدت الفلسطينيين في مشروع مواجهة صفقة القرن، والذي نشاهده على مدار 56 جمعة من مسيرات العودة، التي يشارك فيها الطفل والرجل والمرأة واللاجئون من فلسطين وأبناؤهم وأحفادهم، وتجمع الفصائل من خلال اللجنة العليا لمسيرات العودة، وبنفس الوقت تتوحد البندقية الفلسطينية في المواجهة من خلال غرفة العمليات المشتركة.

الدعوة المتواصلة من الفصائل والرموز الوطنية لمواجهة صفقة القرن تحتاج أن تتحول إلى برنامج وطني شامل قائم على خطوات فعلية لفضح خطورة صفقة القرن، ووضع برنامج وطني كذلك لمواجهتها بالأفعال وليس بالأقوال، وهو ما من شأنه أن يعيد للقضية الوطنية حضورها وأهميتها وصدارتها للقضايا الوطنية والإقليمية والدولية.