السبت 14/يونيو/2025

من قلب الضفة المستباحة.. عباس يسُبُّ المقاومة ويدعو لتسليم الأسرى

من قلب الضفة المستباحة.. عباس يسُبُّ المقاومة ويدعو لتسليم الأسرى

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

بعد 18 شهرًا من العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، وبعد استشهاد وإصابة زهاء 170 ألف مواطن جُلّهم من النساء والأطفال، وبعد تمدير قطاع غزة وسحقه عن بكرة أبيه إلى أن تحول لمدينة أشباح لا تصلح للعيش الآدمي، خرج رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس -بعد صمتٍ طويل- ليُنهي أزمة شعبه المحاصر والمُباد، وذلك بكلمة واحدة وجّهها للمقاومة الفلسطينية: “يا ولاد الكلب.. سلّموا الرهائن”!.

وتكلم عباس -بعد طوال صمتٍ وانعدام فعلٍ خلال شهور الإبادة- أخيرًا بلهجة لا يبدو من ظاهرها إلا الشفقة على الشعب الفلسطيني، لكنها لم تستطع أن تُخفي حدة القول على المقاومة التي -في رأيه- تسببت في معاناة قطاع غزة، ووجّه إليها سهامه بالقول: “سدوا ذرائعهم.. خلصونا من هالشغلة”!.

جاءت تصريحات عباس خلال كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الـ 32 للمجلس المركزي الفلسطيني في مدينة رام الله أمس الأربعاء، وذلك بغياب عدد من الفصائل الفلسطينية كحركتي “حماس” و”الجهاد” و”المبادرة الفلسطينية”، رغم أن من بين الأهداف المعلنة للجلسة الدعوة لتوحيد الصف الفلسطيني.

السبّ المباشر خرج من لسان رئيس السلطة بدون أي ترد، بينما عندما أراد أن يتكلم عن الأسرى الإسرائيليين، تراجع عن إكمال لفظ السباب، في مشهدٍ يكشف كيف أن رجلاً يدّعي تمثيله لشعبه يتجرأ عليه بالسباب بينما لا يستطيع أن يوجه ذات الحدة والسباب لمن يحتلون أرضه ويقتلون شعبه.

موجات غضب

وقد أثار تصريحات عباس موجة من الغضب والجدل بين الناشطين والباحثين ورواد منصات التواصل الاجتماعي، باعتبارها مسيئة للشعب الفلسطيني ومقاومته، ولكونها تضمنت تحميلا مباشرًا للمسؤولية الكاملة لفصائل المقاومة، دون توجيه أي اتهام لكيان الاحتلال الذي يمارس عملية إبادة جماعية بحق الفلسطينيين منذ أكثر من عام ونصف.

“(أولاد الكلب) يسلموا الرهائن من أجل نزع ذرائع الإبادة، طيب (أولاد السيادة) ما الذي يجب عليهم تسليمه ليتوقف التطهير العرقي وزحف الاستيطان والقتل اليومي؟!”، بهذه العبارة علّق مؤسس ورئيس المرصد المتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده.

وأضاف عبده -في تغريدة له على حسابه في منصة “إكس”- أن القضية ليست رهائن ولم تكن يومًا كذلك، بل احتلال يسعى لإبادة شعب وسرقة أرض.

“تصريحات مسيئة”

أما الباحث والصحفي المتخصص في الشؤون السياسية والتحليل الاستراتيجي وسام عفيفي فعبر عن موقفه من كلمة عباس بالقول: “رجلٌ شاخ في السياسة كما يشيخ العصفور في قفصه يحصي أيامه وهو يلعن أولئك الذين كسروا القضبان وحلّقوا”.

وأضاف عفيفة في تغريدته على منصة “إكس”: “يصف (عباس) المقاومة بأنها “أولاد الكلب”، وكأن العجز حينما يستبدُّ بالرجل، لا يجد إلا الشتيمة ذخيرةً أخيرة بعد نفاد السلاح والمنطق”.

وتابع: “يا سيادة الرئيس، لا النكبة كانت خيارًا، ولا النكسة كانت حيلة، ولا مقاومة غزة صارت عبثًا.. إنها قصة شعبٍ يرفع الركام عن أطفاله بينما ترفعون أنتم سقف التنسيق الأمني”.

وقال عفيفة: “عباس، الذي طعن خاصرته من كثرة الجلوس على الكراسي، لم يعد يملك إلا أن يصرخ: “سلّموا الرهائن”، أما الوطن كله، وقد صار رهينةً في يد الاحتلال، فهذا ليس شأنه”.

وكتب أحد المغردين “والله إن أي فلسطيني لا يتشرف بأن يكون هذا رئيسه. يترك إدانة عدو الشعب الفلسطيني، الذي يتشدد ويفشل صفقة الأسرى بشهادة الوسطاء وكل المنصفين، ليهاجم حماس بألفاظ نابية لا تليق إلا بحفنة من حركة انقلبت على نفسها ووضعت نفسها في خدمة الاحتلال”.

وأضاف آخر “محمود عباس أحد أسباب إهدار حقوق فلسطين، وهو عامل أساسي في تمكين الاحتلال من السيطرة على الأراضي الفلسطينية. إنه لا يصلح أن يكون قائدًا أو رئيسًا يمثل القضية الفلسطينية. بداية إنهاء الاحتلال تبدأ بنهاية حكم عباس”.

“لماذا الضفة إذًا؟”

وبالاعتبار الذي وضعه رئيس سلطة أوسلو، أن حماس هي المسؤولة عن المأساة التي يعيشها سكان قطاع غزة بسبب معركة السابع من أكتوبر، قد وضع نفسه في مأزق الإجابة على التساؤل الذي طرحه كثير من المتابعين: وماذا عن الضفة؟!؛ حيث إن حماس لم تحكمها يومًا ما، بل هي تحت سلطة عباس (أو هكذا يُفترض أن يكون)، ومع ذلك يقوم جيش الاحتلال بعمليات قتل وتهجير واستيطان داخل أراضيها، فمن يتحمل مسؤولية ذلك؟.

وتساءل البعض عن أنه إذا كان قطاع غزة قد شهد نزوح سكانه بسبب الحرب التي جلبتها حماس (حسب تقديره)، فإن الضفة لم تشارك في هذا الهجوم، ولم تبادر إلى عمليات مقاومة منظمة، ورغم ذلك تم تهجير أكثر من 70 ألف فلسطيني من مدن شمالها، وإقامة عشرات البؤر الاستيطانية التي ابتلعت الضفة، فضلًا عن عمليات القتل والاعتقالات ونسف المنازل التي يقوم بها الاحتلال بشكل ممنهج، فهل تتحمل السلطة مسؤولية ذلك كونها تحكم الضفة دون حماس؟!.

وقد انتقد ناشطون الطريقة التي خاطب بها عباس شركاءه في الوطن، واصفين تصريحاته بأنها “سوقية وغير لائقة لرئيس دولة وزعيم حركة تحرر وطني”. وأشار البعض إلى التناقض بين تصريحاته وسياسته في الضفة الغربية؛ حيث أشاروا إلى استمرار الانتهاكات الإسرائيلية هناك من هدم المنازل وتهجير السكان، في ظل التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.

وتساءل أحد المعلقين: “لماذا تتحدث عن غزة بينما الضفة الغربية تعاني كل يوم من هجمات المستوطنين وعمليات الهدم والاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي؟ أين أنت وجماعتك من كل هذه المصائب؟ لماذا لا تحمي أهالي الضفة بدلاً من الهجوم على غزة والمقاومة؟”.

“أنا زعلّطي”

ودعا البعض إلى ضرورة تغيير القيادة الفلسطينية، معبرين عن أملهم في أن يكون للشعب الفلسطيني رئيس يدافع عن قضيته بشجاعة وكرامة، بعيدًا عن التماهي مع سياسات الاحتلال.

ووجه مدونون تساؤلات مباشرة إلى عباس حول إنجازاته خلال سنوات حكمه الطويلة، مشيرين إلى أن القضية الفلسطينية تحتاج إلى قيادة جديدة تعكس طموحات الشعب الفلسطيني وتدافع عن حقوقه بكل السبل الممكنة.

وفي ذات الجلسة، حاول عباس التظاهر بالشجاعة في سبه للولايات المتحدة الأمريكية، مستخدماً كلمات حادة. وقال عباس، خلال حديثه في اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني “يلعن أبوهم” وسط تصفيق الحاضرين في القاعة، لكنه سرعان ما استدرك على كلمته ما يشير إلى اعتبار كلامه مزحة؛ حيث قال: “أنا مش زعيم عربي كبير.. أنا زعلّطي” وتعني باللهجة العامية الفلسطينية “الشخص التافه”.

محاصرٌ هنا وجريء هناك

تأتي أهمية هذه المقارنات بين الحدة التي يتكلم رئيس السلطة عن المقاومة في غزة، وبين خضوعه لقمع الاحتلال الإسرائيلي بحقه وحق حكومته في الضفة الغربية؛ حيث يجدر بالذكر أنه في الـ 18 من الشهر الحالي كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، أنّ “إسرائيل” منعت طائرة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، من الإقلاع من الأردن إلى دمشق.

وبحسب صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، فإنّ سلاح الجو الإسرائيلي، بتوجيه من المستوى السياسي، رفض منح الطائرة الأردنية الإذن بعبور المجال الجوي السوري، الذي تسيطر عليه “إسرائيل”، ما أجبر الطائرة على عدم الإقلاع.

ويوم السبت الـ 19 من أبريل/نيسان الحالي، أعلنت هيئة “مقاومة الجدار والاستيطان” الفلسطينية، أن الجيش الإسرائيلي، منع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، من القيام بجولة ميدانية في بلدات بالضفة الغربية، تتعرض باستمرار لهجمات المستوطنين الإسرائيليين.

وذكرت الهيئة، في بيان لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، السبت 19 أبريل، أن “سلطات الاحتلال أعاقت زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني، ومنعته من القيام بجولة ميدانية في بلدات دوما وقصره في محافظة نابلس، وبلدتي برقا ودير دبوان في محافظة رام الله والبيرة، وهي بلدات تتعرض باستمرار لاعتداءات المستعمرين والمخططات الاستيطانية”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الحرس الثوري يبدأ عملية الوعد الصادق 3

الحرس الثوري يبدأ عملية الوعد الصادق 3

المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت العلاقات العامة لحرس الثورة الإسلامية بدء عملية "الوعد الصادق 3" بشعار "يا علي بن أبي طالب (ع)". وقالت العلاقات...