الجمعة 14/مارس/2025

تسليم أسرى الاحتلال .. رسائل المقاومة تفرض معادلتها في الميدان

تسليم أسرى الاحتلال .. رسائل المقاومة تفرض معادلتها في الميدان

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

في خطوة تحمل أبعادًا سياسية وعسكرية لافتة، سلمت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ثلاثة أسرى إسرائيليين ضمن الدفعة الخامسة من صفقة التبادل مع الاحتلال الإسرائيلي، في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وأعلنت كتائب القسام أن الأسرى الذين سلمتهم هم: إلياهو داتسون شرعبي، أور أبراهام ليفي، وأوهاد بن عامي. وفي المقابل، أفرجت سلطات الاحتلال عن 183 أسيرًا فلسطينيًّا من سجونها، بينهم 18 محكومًا بالسجن المؤبد.

تمت عملية التسليم في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها المنطقة الوسطى مثل هذا الحدث. وقد جاءت العملية بعد تعرض المدينة لقصف عنيف وعشرات المجازر خلال حرب الإبادة منذ 7 أكتوبر 2023.

وشهدت ساحة التسليم انتشارًا مكثفًا لمقاومي كتائب القسام من تشكيلات عسكرية مختلفة، في مشهد يعكس قوة التنظيم والانضباط الميداني. كما زُينت المنصة بلافتة كبيرة حملت عبارة: “نحن الطوفان.. نحن اليوم التالي”، بثلاث لغات (العربية، العبرية، والإنجليزية)، إلى جانب صورة للعلم الفلسطيني وقبضة يد مرفوعة، في صورة تثبت فشل سيناريوهات الاحتلال لليوم الثالث.

وثقت مقاطع مصورة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مشاركة مقاتلين مصابين من كتائب القسام في مراسم التسليم، في مشهد يعكس صمود المقاومة رغم شراسة العدوان. كما انتشرت جيبات بيضاء صغيرة تقل مسلحين من كتائب القسام لتأمين عملية التسليم، مما يعكس تنظيمًا أمنيًّا عالي المستوى.

وعلى المنصة، وُضعت صور لعدد من قادة حركة حماس الذين اغتالتهم قوات الاحتلال خلال الحرب، من بينهم صور رئيس الحركة إسماعيل هنية، ورئيس الحركة في غزة يحيى السنوار، والقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، ونائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري، إلى جانب القادة مروان عيسى، أيمن نوفل، غازي أبو طماعة، ورائد ثابت.

وفي لفتة رمزية قوية، تضمنت إحدى اللافتات صورة لرئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وهو يضع يده على خده داخل مثلث أحمر مقلوب، وهو الرمز الذي استخدمته المقاومة في فيديوهات استهداف الآليات العسكرية الإسرائيلية. إلى جانبه، ظهرت دبابات ومدرعات إسرائيلية مدمرة، تتوسطها عبارة “النصر المطلق” باللغة العبرية، في إشارة إلى فشل نتنياهو في تحقيق وعوده بالقضاء على المقاومة.

بدورها، أكدت حركة حماس أن “المشاهد العظيمة لعملية التسليم ورسائل المقاومة حول اليوم التالي تؤكد أن يد شعبنا ومقاومته ستبقى العليا، وأن اليوم التالي هو يوم فلسطيني بامتياز، يقربنا أكثر من العودة والحرية وتقرير المصير”.

وأوضحت الحركة أن المقاومة التزمت بالقيم الإنسانية في تعاملها مع الأسرى الإسرائيليين، وحافظت على حياتهم رغم القصف الإسرائيلي المستمر. وأشارت إلى أن “النصر المطلق” الذي وعد به نتنياهو وحكومته المتطرفة كان مجرد وهم تحطم على أرض غزة.

في تعليقه على مشهد التسليم، قال الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم: نحن اليوم أمام محطة جديدة من إنجازات الشعب الفلسطيني في إجبار الاحتلال على مواصلة عمليات إطلاق سراح أسرانا الأبطال وكسر الخطوط الحمراء التي وضعها لنفسه.

وشدد على أن التسليم يحمل اليوم رسالة واضحة من كتائب القسام أن الشعب والمقاومة هم من يرسمون معالم اليوم التالي للعدوان وليس أي قوة خارجية.

وأضاف: تثبت كتائب القسام أن استشهاد قياداتها يزيدها إصرارا على تحقيق أهدافها، واستمرار تماسكها والتفاف الجماهير من حولها كما يحدث اليوم في المنطقة الوسطى من قطاع غزة.

ومن رسائل التسليم اليوم -وفق قاسم- كشف الوهم الذي كان يروجه نتنياهو بتحقيق ما أسماه النصر المطلق على شعبنا ومقاومته، لافتا إلى مواصلة جماهير شعبنا احتضان المقاومة وأبنائها، لتثبت فشل كل محاولات الاحتلال الصهيوني المجرم بفصلها عنها.

وفي تعليقه على الحدث، قال المحلل السياسي سعيد زياد: “ضجّت إسرائيل وقامت ولم تقعد بسبب مشاهد أسراها بحالة صحية صعبة، فماذا سيكون حالها عندما تراهم غدًا قادمين لها في توابيت؟!”.

من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا أن مشهد التسليم حمل عدة رسائل واضحة، أبرزها أن التطورات الميدانية تفرض نفسها على الاحتلال، وأن المعركة لم تُحسم بعد. وأضاف: “ظهور أحد مقاتلي القسام مبتور القدم خلال عملية التسليم يجسد معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال، ويعكس صمود المقاومة رغم التضحيات الكبيرة”.

تأتي عملية تسليم الأسرى الإسرائيليين في سياق معركة مستمرة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، حيث تسعى حماس إلى تحقيق مكاسب سياسية وميدانية تعزز موقعها في أي مفاوضات مستقبلية. في المقابل، يواجه نتنياهو وحكومته ضغوطًا داخلية متزايدة، خاصة مع استمرار فشلهم في تحقيق “النصر المطلق” الذي وعدوا به منذ بداية الحرب. وبينما تتجه الأنظار إلى مستقبل الوضع في غزة، تبقى المقاومة رقمًا صعبًا في المعادلة السياسية والعسكرية، ورسائلها تفرض نفسها بقوة على المشهد الإقليمي والدولي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

استشهاد شاب برصاص الاحتلال شرق نابلس

استشهاد شاب برصاص الاحتلال شرق نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شاب، متأثرا بإصابته الحرجة برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، خلال اقتحام بلدة سالم شرق نابلس....