رسالة القسام ومصداقية روايتها.. سهمٌ آخر في قلب العدو

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
في أحد أوجه الصراع بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، يظهر الفرق بين الرواية الفلسطينية للأحداث، وبين الرواية الإسرائيلية لها، سواء تعلق الأمر بمسار المواجهات وما يترتب عليه من قتلى ومصابين في صفوف الاحتلال، أو فيما يتعلق بمسار المفاوضات حول اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين الجانبين.
وكانت من بين نتائج طوفان الأقصى، أن الرواية الفلسطينية انتصرت بشكل ساحق على مزاعم الاحتلال وما يريد تسويقه لجمهوره أو للرأي العام العالمي، وتجلى ذلك الانتصار في انحدار شعبية حكومة نتنياهو، وازدياد الغضب الجماهيري في المجتمع الإسرائيلي، متمثلاً في خروج تظاهرات بمئات الآلاف على مدى الشهور الماضية لمطالبة الحكومة بالعمل على إنجاز صفقة تؤدي لعودة أسراهم، في دلالة واضحة على أن مزاعم الاحتلال بشأن ممارسة الضغط العسكري على المقاومة بهدف تحرير الأسرى، لم يلق قبولاً في قناعات القطاع الأكبر لدى إسرائيل.
في المقابل يتوجه كثير من الإسرائيليين نحو التفاعل الإيجابي مع رسائل الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، وكذلك ما تبثه الكتائب من رسائل مصورة لبعض الأسرى الإسرائيليين، الذين ينددون باستمرار الحرب وإبقائهم في الأسر طيلة هذه الشهور، وغير ذلك من الرسائل التي تؤكد كذب حكومة نتنياهو في هذا الملف، وفي غيرها من الملفات المتعلقة بحرب الإبادة الجماعية على غزة.
رسالة زوجة أسير
في رسالة مصورة، ناشدت شارون كونيو، زوجة الإسرائيلي المحتجز في قطاع غزة دافيد كونيو، يوم الجمعة الماضي، رسالة باللغة العربية إلى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، تدعوهم فيها لتطبيق تعاليم الإسلام لحسن معاملة الأسرى، وتناشدهم فيها للحصول على تسجيل فيديو يظهر وضع زوجها.
وقالت شارون في رسالتها “اسمي شارون كونيو، وزوجي دافيد كونيو في غزة. أنتم تعرفون أن الإسلام يعتبر الأسرى من الفئات الضعيفة التي تستحق الشفقة والإحسان والرعاية، مثل المسكين واليتيم، ويجب معاملتهم معاملة إنسانية ترعى حقوقهم وتصون إنسانيتهم، لذلك أطلب فيديو لدافيد كي أراه. شكرا”.
جاءت رسالة شارون، بينما يتصاعد شعور اليأس بين عائلات المحتجزين الإسرائيليين، مع استمرار عرقلة حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التوصل إلى صفقة تعيد أبناءهم، وسط استمرار مظاهراتهم المطالبة باتفاق تبادل.
القسام: الوقت ينفد
الرسالة لم تتجاهلها كتائب القسام، بل ردّت عليها بما يعزز روايتها ويُكذّب -من جديد- مزاعم نتنياهو وحكومته اليمينية أن الضغط العسكري هو السبيل الوحيد لعودة من يسمونهم “المختطفين” لدى المقاومة في غزة؛ حيث نشرت “القسام” تسجيلًا جديدًا ردت فيه على تلك الرسالة بمقطع تمهيدي قصير تضمّن رسالة الأسيرة وكتبت فيه باللغات العربية والعبرية والإنجليزية: “قريبًا.. الوقت ينفد”.
بعد المقطع التمهيدي بعدة ساعات، نشرت الكتائب مقطعًا آخر يتضمن جزءًا من رسالة شارون، ومشاهد لها مع زوجها وطفلتيهما، ثم مشاهد أثناء تحريرها والطفلتين خلال صفقة التبادل التي تمت في تشرين ثاني/نوفمبر 2023. وتضمّن المقطع بعدها رد القسام الذي جاء باللغات الثلاث أيضًا، وكتبت فيه “ديفيد بعدما خرجت وزاد الضغط العسكري إما أن يكون قتل أو أصيب أو بصحة جيدة، ونتنياهو لم يقرر بعد”.
انهيار مصداقية نتنياهو
وخلال شهور الحرب، كثّف الاحتلال الإسرائيلي عدوانه بشكل عنيف، مستخدمًا كافة التقنيات الاستخباراتية وأحدث الأجهزة الأمريكية، للوصول إلى الأسرى الصهاينة لدى المقاومة، وأسفرت معظم هذه المحاولات عن فشل ذريع، تمثل في مقتل العديد من هؤلاء الأسرى، بينما لم تستطع الآلة الصهيونية واستخباراتها إلا الوصول لعدد قليل جدا من الأسرى الأحياء.
وتزداد قناعات الجماهير الإسرائيلية -خاصة مع مرور الوقت ومقتل العديد من الأسرى- بأن الضغط العسكري الذي يمارسه جيشهم لا يأتي إلا بنتائج عكسية، من شأنها أن تُعيد بقية الأسرى في توابيت، أو في أفض الأحوال يعودوا مصابين أو يذهبوا في طي النسيان كما حدث مع الأسير الإسرائيلي رون أراد الذي أسرته حركة أمل اللبنانية في أكتوبر عام 1986، ثم لم تستطع إسرائيل إعادته، رغم كل المحاولات التي قامت بها، حتى أعلن الأمين العام الراحل لحزب الله، في عام 2006 أنه قد مات وفُقد جثمانه.
وتأكيدًا للرسالة التي تسعى المقاومة لإرسالها، نشرت سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي- مقطعًا مصورًا، عقب مقطع القسام، يوم الجمعة الماضي، يرد فيه على كلمات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يزعم فيها حرصه على الأسرى الصهاينة ويبعث برسالة طمأنة لأهاليهم بالعمل على إعادتهم. ثم أتبعت السرايا كلمت نتنياهو بمقطع لقصف الاحتلال أحد أماكن احتجاز الأسرى، وكتبت في نهايته، باللغتين العربية والعبرية: “إلى أهالي أسرى العدو.. قيادتكم تقتل أبناءكم بتصميم وإصرار”.
استغاثات أسرى الاحتلال
رسالة شارون جاءت بعد أيام من تسجيل مصور بثته كتائب القسام في الرابع من كانون الثاني/ يناير الجاري، يتضمن رسالة جديدة من مجندة إسرائيلية أسيرة لديها في قطاع غزة تدعى ليري ألباج (19 عامًا)؛ حيث خاطبت نتنياهو وحكومته قائلة: “أسألكم يا حكومة إسرائيل. حقًّا أريد أن أسألكم. هل تريدون قتلنا؟”.
وأضافت المجندة “ألباج” أنها فقط في التاسعة عشر من عمرها “وكل حياتي ما زالت أمامي ولكنها توقفت، وفي بداية العام الجديد، كل العالم يحتفل ونحن نبدأ عامًا مظلمًا وعامًا من الوحدة”، مشيرة إلى أن الأسرى لدى المقاومة ليسوا في سلم أولويات حكومة نتنياهو أو جيش الاحتلال، “حتى العالم بدأ ينسانا ولا يهتم لمعاناتنا”.
وأشارت إلى أن واحدة من زميلاتها مصابة بجروح خطيرة بسبب عمليات الجيش الحالية في قطاع غزة و”نحن في كابوس مرعب، وبقاؤنا على قيد الحياة مرتبط بانسحاب قوات الاحتلال وعدم وصولها إلينا”، مضيفة: “هذه مطاردة مجنونة، هذا الذي نعيه بفعلكم أمر غير طبيعي، نحن تحت القصف المجنون يوميا، هل تعلمون؟ كيف تكون الحياة في مكان تقصفونه ولا يوجد به ملجأ؟”.
الأنظار نحو المقاومة
وفي الأشهر الماضية نشرت كتائب القسام وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي فيديوهات لأسرى إسرائيليين يطالبون حكومتهم بإبرام صفقة تعيدهم إلى منازلهم، محملين نتنياهو مسؤولية مصيرهم.
وفي حين يتمسك حلفاء الكيان الصهيوني وفي مقدمتهم الإدارة الأمريكية بضرورة إطلاق سراح الأسرى، يتجاهلون معاناة الأسرى الفلسطينيين الذين يقاسون ويلات التنكيل والتعذيب والإعدام الميداني، حتى استشهد منهم ما لا يقل عن 68 شهيدًا، وفق ما أفادت به صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
وبينما يحبس جميع الأطراف أنفاسهم انتظارًا للوصول إلى اتفاق يفضي لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والانسحاب الكامل منه، وإبرام صفقة تبادل للأسرى، يترقب الجميع ما سيفضي إليه القرار الإسرائيلي من جدية الوصول إلى اتفاق أو التهرب من استحقاقاته لإطالة أمد الحرب كما يحدث في كل مرة على مدى الـ 15 شهرًا الماضية.
وإلى أن ترى صفقة تبادل الأسرى النور تبقى أنظار عائلات الأسرى الإسرائيليين والمجتمع الإسرائيلي إجمالًا، متجهة نحو رواية المقاومة إيمانًا منها بأنها الأكثر مصداقية، في مقابل كذب رواية حكومة نتنياهو، التي تستمر في خداع جماهيرها لخدمة مصالحها الشخصية.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تقرير أممي: تكلفة إعمار غزة والضفة تتجاوز 53 مليار دولار
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام ذكر تقييم أصدرته الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي اليوم الثلاثاء أن "الاحتياجات اللازمة لإعادة إعمار...

40 أمر اعتقال إداري بحق فلسطينيين من الضفة
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أصدرت محاكم الاحتلال العسكرية، اليوم الثلاثاء، 40 أمر اعتقال إداري (ما بين جديد وتجديد) بحق أسرى فلسطينيين من...

الهمص: لم تصل معدات ثقيلة لرفع الركام من مستشفيات غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكد مدير المستشفيات الميدانية في غزة مروان الهمص، يوم الثلاثاء، عدم وصول أي من المعدات الثقيلة إلى القطاع لرفع الركام...

بعد 4 عقود بسجون الاحتلال.. عميد الأسرى الفلسطينيين يتنسم الحرية الأسبوع المقبل
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر عائلية موعد الإفراج عن عميد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي و"أقدم أسير في العالم" حسب...

ساري عرابي: الاحتلال يماطل لإطالة الأزمة الإنسانية بغزة لاستثمارها سياسيًا
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام أكد الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أن الاحتلال الإسرائيلي يماطل في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، مستغلًا...

8 خروقات إسرائيلية لهدنة لبنان خلال 24 ساعة
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال الـ 24 ساعة الماضية، 8 انتهاكات جديدة لـ "الهدنة" ووقف إطلاق النار مع لبنان...

لازاريني: اقتحام مدراس أونروا انتهاك لحصانة الأمم المتحدة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، إن اقتحامات قوات الاحتلال التي...