الثلاثاء 14/يناير/2025

نور الدواوسة .. جسد مشلول وأمل بالحياة

نور الدواوسة .. جسد مشلول وأمل بالحياة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

في كل زقاق وخيمة في قطاع غزة، حكاية وقصة تروي مأساة وصمود وصراع للبقاء في وجه إبادة إسرائيلية جماعية متواصلة منذ 15 شهرًا، هنا يكتب التاريخ ولكن من أشلاء وجراح وآلام.

نور رائد كمال الدواوسة، فلسطينية في الرابعة والعشرين من عمرها، كانت تعيش حياة بسيطة مع زوجها في منزل مستقل بمدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة. صباح 7 أكتوبر 2023، استيقظت نور على أصوات انفجارات قادمة من البحر. في البداية، ظنت أنها تدريبات عسكرية عادية، لكنها سرعان ما أدركت أن الحرب قد بدأت.

مع تصاعد القصف الإسرائيلي على المنطقة، أصبحت الحياة مستحيلة. غادرت نور وزوجها منزلهما نحو منزل عائلتها المكون من أربعة طوابق في مشروع بيت لاهيا. هناك، اجتمعت 30 روحًا تحت سقف واحد، بحثًا عن أمان مؤقت.

تروي نور حكايتها: كان منزل عائلتي، المكون من أربعة طوابق، مزدحمًا بذكريات الطفولة، أصبح ملاذًا مؤقتًا لعائلتي الكبيرة. كنا حوالي ثلاثين شخصًا تحت سقف واحد: والديّ، إخوتي وأخواتي، جدي وجدتي، وأعمامي الثلاثة مع عائلاتهم. هذه التجربة جعلتني أعيد التفكير في معنى الأمان والاستقرار، وكيف يمكننا كنساء أن نواصل في وجه الظروف القاسية، وفق شهادة نشرها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.

في الساعات الأولى من صباح 22 نوفمبر 2023، استيقظت نور وعائلتها على قلق غامض، وكأنهم يشعرون بأن النهاية تقترب. حاولوا التمسك بروتين حياتهم المعتاد؛ والدتها عكفت على العجن، ونور وأختاها، نديم وريماس، شرعن في إعداد الإفطار.

لكن ما بدا كصباح عادي تحول إلى كابوس. قصف جوي مباشر دمر المنزل فوق رؤوسهم. استيقظت نور لتجد نفسها تحت الركام، عاجزة عن الحركة، بينما أختاها بجانبها مصابتان. في محاولة للنجاة، خرجت نديم وريماس لطلب المساعدة، لكنهما استشهدتا إثر غارة ثانية استهدفتهما في الشارع.

بصعوبة بالغة، تمكن الجيران من إنقاذ نور ونقلها إلى مستشفى كمال عدوان، حيث واجهت الطواقم الطبية نقصًا في الموارد والأدوية. بعد أربعة أيام من الانتظار، نُقلت نور إلى مستشفى ناصر في خان يونس برفقة زوجها.

تتذكر بأسى كيف نقلت على نقالة في المكان المخصص للحقائب في حافلة، إذ لم يُسمح بنقلها في سيارة إسعاف.

خضعت نور لعملية جراحية معقدة لتركيب بلاتين في العمود الفقري بعد إصابة أدت إلى شلل كامل في الأطراف السفلية. “لم أعد أشعر بأي شيء، حتى في منطقة الحوض. أصبحت أضبط المنبه لأذكر نفسي بالحاجات الأساسية”، تقول نور.

مع فقدان منزلها وعائلتها، تعيش نور اليوم صراعًا يوميًا مع الألم والشلل. الألم يمنعها من النوم، والمسكنات بالكاد تكفي لتخفيف معاناتها. أملها الوحيد في العلاج الطبيعي يتلاشى مع استمرار إغلاق المعابر وتدهور الوضع الصحي في غزة.

تختم نور حديثها: “أنا الآن عالقة بين أمل ضعيف في العلاج وواقع مؤلم فقدت فيه كل شيء. لكنني أحاول أن أتشبث بالحياة قدر المستطاع”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات