الخميس 20/مارس/2025

النصيرات.. دماء ودمار كبيرين ومخيمها الجديد في عين عاصفة الإبادة

النصيرات.. دماء ودمار كبيرين ومخيمها الجديد في عين عاصفة الإبادة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

شهد مخيم النصيرات، الواقع في وسط قطاع غزة، سلسلة من الأحداث الدامية منذ مجزرة يونيو/ حزيران 2024، حيث باتت مسرحاً لعمليات جيش الاحتلال عبر القصف الجوي والمدفعي والتوغلات البرية، راح ضحيتها عشرات الشهداء ودمار هائل في البنية التحية ووضعاً مأساوياً بائسا.

ولم يعد سكان النصيرات-ثالث أكبر المخيمات القطاع-التي بات ينظر إليها مؤخراً كنموذج مصغر لمدينة غزة لناحية التطور العمراني والبنى التحتية خلال الـ15 عاما الماضية، يستوعبون ما حل بمدينتهم الهادئة ما حل بها من دمار وجرائم إسرائيلية قضت على عائلات بكاملها.

سبق تلك الجريمة بشهرين، اجتياح المخيم الجديد بالنصيرات يوم 8 إبريل/ نيسان في عملية عسكرية دامت 10 أيام، دمر خلالها جيش الاحتلال 14 برجاً سكنياً المعروفة باسم أبراج الصالحي، وعشرات البنايات السكنية الأخرى، والبنى التحتية المدنية والزراعية في المنطقة.

وأسفر الهجوم الوحشي على المخيم عن 520 شهيداً وجريحاً، تمكنت خلال طواقم الدفاع المدني والإسعاف من انتشال 75 شهيدا و348 جريحا، فيما قُيد 100 شخص في عداد المفقودين، وفق معطيات نشرها المكتب الإعلامي الحكومي.

وفي 8 يونيو شنت قوات الاحتلال هجومًا واسعًا على مخيم النصيرات عبر 250 غارة جوية، بهدف تحرير أربعة أسرى إسرائيليين ما أدى إلى استشهاد 274 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 400 آخرين. وبينما أعلنت سلطات الاحتلال نجاحها في تحرير الأسرى، بينما أكدت المقاومة مقتل ثلاثة منهم أثناء الهجوم.

وتعيش النصيرات منذ تلك المجزرة حملات قصف جوي ومدفعي شبه يومي، وسط سيطرة نارية على المناطق الشمالية والشرقية، اُقتطعت خلالها مساحات واسعة من المدينة.

وقبل المجزرة المروعة بيومين شنت قوات جيش الاحتلال هجومًا جوياً على مدرسة السردي في مخيم النصيرات، مما أدى إلى استشهاد 40 فلسطينيًا، بينهم أطفال ونساء.

في حين، استشهد 12 فلسطينيًا وأصيب 75 آخرون يوم 6 يوليو/ تموز جراء قصف إسرائيلي استهدف مدرسة “أبو عريبان” التي تؤوي نحو 7000 نازح في مخيم النصيرات. وفي 30 من الشهر نفسه استشهد 12 شخصًا جراء قصف إسرائيلي استهدف تجمعًا للفلسطينيين على مدخل مخيم النصيرات.

وفي 14 أغسطس/ آب، استشهد سبعة فلسطينيين، بينهم ثلاثة أطفال، في قصف إسرائيلي استهدف منزلًا غربي مخيم النصيرات، وبعد أسبوعين من الحدث استشهد وأصيب عدد من المواطنين في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة “العز بن عبد السلام” التي تؤوي نازحين شمال مخيم النصيرات.

وتوالت الأحداث تباعاً على النصيرات في سبتمبر/ أيلول الماضي، ولم تكن مؤسسات الأمم المتحدة وموظفيها بمنأى عن الاستهداف الإسرائيلي، إذ أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” يوم 11 سبتمبر، استشهاد ستة من موظفيها في غارتين جويتين، في حصيلة هي الأعلى لموظفيها في واقعة واحدة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على غزة.

وبدا واضحا تركيز جيش الاحتلال على مراكز الإيواء بزعم تخفي قيادات حكومية وأمنية تدير الحالة الميداني للمحافظة الوسطى من داخلها، إذ استشهد في 23 سبتمبر ثلاثة مواطنين وأصيب آخرون في غارة جوية استهدفت مدرسة “خالد بن الوليد” التي تؤوي نازحين في مخيم النصيرات، وذلك بعد ثلاثة أيام من استشهاد 9 مواطنين فلسطينيين، بينهم أطفال ونساء، في قصف إسرائيلي استهدف منزلًا غربي المخيم.

وفي 28 سبتمبر استشهد أربعة مواطنين جراء قصف إسرائيلي استهدف مناطق في مخيمي النصيرات والمغازي المجاور.

وشهد الأسبوع الأول من شهر أكتوبر/ تشرين الأول تدمير جيش الاحتلال العديد من المنازل عبر شن غارات جوية في النصيرات، وأسفرت تلك الهجمات عن أكثر من 25 شهيدًا، غالبيتهم من النساء والأطفال.

ومع نهاية أكتوبر ارتفعت حصيلة الشهداء في النصيرات إلى ما يزيد عن 70 شهيدًا وأكثر من 200 جريح، وسط تزايد حركة نزوح المئات من المناطق الشمالية للمخيم إلى مناطق أخرى أقل استهدافًا، رغم الظروف الصعبة التي تواجههم في مراكز الإيواء.

وشهد شمال النصيرات فيما يعرف بالمخيم الجديد هجمات دامية في نوفمبر/ تشرين الثاني، إذ استشهد في الأول من الشهر 13 شخصاً في قصف إسرائيلي استهدف مدخل مدرسة تؤوي نازحين في مخيم النصيرات. كما استشهد في 7 من نوفمبر 12 شخصا، وجرح أكثر من 20 آخرين، في غارة جوية استهدفت منزلًا. وبين 12 و15 من الشهر نفسه شن جيش الاحتلال سلسلة غارات على مناطق متفرقة من النصيرات دمرت أربعة منازل بشكل كامل، مما أدى إلى استشهاد 22 شخصًا. كما استشهد 19 شخصاً في قصف مدفعي استهدف مدرسة تؤوي نازحين في منطقة المفتي شمال النصيرات.

في حين دمر جيش الاحتلال يوم 21 نوفمبر محطة توزيع المياه الرئيسية في النصيرات، ما تسبب بانقطاع المياه عن معظم سكان المنطقة، وكذلك قصف يوم 25 من الشهر نفسه مبنى إداري يتبع لوكالة الأونروا، والذي كان يستخدم لإيواء نازحين، ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والإصابات بين النازحين.

واستشهد في 28 نوفمبر 16 مواطنا وأصيب 55 آخرين جراء قصف إسرائيلي مكثف على شمال النصيرات، حيث وسع جيش الاحتلال هجماته الجوية والمدفعية على المخيم وبدأ عمليات تدمير للمنازل والمنشآت في المكان. ومع نهاية الشهر، بلغ عدد الشهداء في النصيرات أكثر من 90 شهيدًا، بينهم 30 طفلًا و15 امرأة، إضافة إلى مئات الجرحى.

وفي 13 ديسمبر قضى سكان مخيم النصيرات ليلة مروعة، حيث شن الجيش الإسرائيلي عدة غارات جوية استهدفت كتلة سكنية مكتظة بالمدنيين الفلسطينيين. وأسفر القصف عن استشهاد 33 شخصا، بينهم أطفال ونساء ومسنون، وإصابة وفقدان نحو 84 آخرين.

وشنت قوات الاحتلال غارات على شقق سكنية في مخيم النصيرات يوم 20 و21 ديسمبر، مما أسفر عن استشهاد 13 مواطنا. وفجر فجر 23 ديسمبر شنت قوات جيش الاحتلال هجوماً على المخيم الجديد بالنصيرات باستخدام أكثر من 17 آلية عسكرية، مما أدى إلى استشهاد وإصابة أكثر من 50 فلسطينيًا، جميعهم من المدنيين، وتدمير أكثر من 20 وحدة سكنية.

ويقول فادي زقوت، من سكان المخيم الجديد، الذي عاش ليالي صعبة يوم قصف الاحتلال أبراج الصالحي في المخيم الجديد، إن “عمليات القصف المتزامنة ودون توقف تخلع القلوب، تشعر كأنها أهوال يوم القيامة”، إذ استمر القصف على مدار ساعتين ولم يعرف السكان بتفاصيله أو الوجهة التي ينتقلون إليها.

وفي شهادة مؤثرة لناجٍ من قصف برج المهندسين شرق مخيم النصيرات، يروي أحد المواطنين: “فجأة، سمعنا صوت انفجار هائل. لم نكن نعلم ما الذي يحدث. عندما خرجنا، رأينا الدمار في كل مكان، والجثث تحت الأنقاض. كان مشهدًا لا يُنسى”.

ويقول المكتب الإعلامي الحكومي إن ما العدوان الوحشي على المخيم الجديد لا يعد سابقة منذ بدء حرب الإبادة، إذ اقتحم الجيش المخيم أكثر من خمس مرات على مدار الأشهر الماضية، وراح ضحية تلك الاعتداءات أكثر من 100 شهيد ومئات الجرحى، إضافة إلى نسف وهدم وقصف وتدمير أكثر من 1500 وحدة سكنية.

وشدد مديره العام إسماعيل الثوابتة، في تصريح خاص للمركز الفلسطيني للإعلام، على أن ما يجري في النصيرات عموما والمخيم الجديد على وجه الخصوص “يأتي في إطار جريمة الإبادة الجماعية والقتل الممنهج والتدمير الشامل والتهجير القسري ضد المدنيين”.

وقال: “ما جرى في مخيم النصيرات الجديد، هي جريمة إبادة بحق الإنسانية، استخدم جيش الاحتلال عدوانه الوحشي كل أدوات القتل والتدمير”. وأوضح أن القصف العشوائي والاقتحام العنيف للمنازل “يُعد دليلاً قاطعًا على استهتار الاحتلال بحياة الإنسان الفلسطيني”.

ودعا الثوابتة، المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والإنسانية إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية ووقف جرائم الإبادة وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية الممارسة بحق الشعب الفلسطيني، ومحاسبة الاحتلال عليها.

وأضاف: “العدوان الهمجي الذي استهدف المخيم الجديد يمثل امتدادًا لسلسلة طويلة من جرائم الاحتلال الممنهجة ضد أبناء شعبنا الفلسطيني. واستهداف المدنيين العزل، بمن فيهم النساء والأطفال، وتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها، يعبر عن نهج دموي يمارسه دون أدنى اعتبار للقوانين الدولية والإنسانية”.

وحمل الثوابتة، سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه المجازر، محملا كذلك الإدارة الأمريكية والدول المشاركة في تغذية الإبادة الجماعية بالأسلحة مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا؛ المسؤولية الكاملة عن استمرار جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.

وجدد مدير عام الإعلام الحكومي، دعوة المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف الانتهاكات المستمرة، ومحاسبة الاحتلال أمام المحاكم الدولية. وأكد أن استمرار الصمت الدولي إزاء هذه الجرائم يشجّع الاحتلال على المضي قدمًا في جرائمه البشعة. لذا نطالب بتدخل دولي عاجل وفعّال يضع حدًا لهذه الاعتداءات الوحشية ويحقق العدالة لأرواح الأبرياء.

وطالب الثوابتة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والأممية بتحرك عاجل وفاعل لوقف جرائم الاحتلال، والانتهاكات المتكررة وضمان حماية المدنيين والأطفال والنساء والمرافق العامة.

وبدعم أميركي مطلق، يشن الاحتلال منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حرب إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 153 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات