في غزة.. يتقاسمون الجوع والويلات
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
محمد الذي أعيته تداعيات حرب الإبادة والنزوح في خيمة بالية في منطقة مواصي خان يونس، يقول إن أطفاله يبكون بشدة من عدم توفر الخبز ليسد رمقهم، وقرر الأب أخيرًا أن يستدين بعضًا من المال لشراء الطحين.
وذهب الأب محمد إلى البائع واشترى رطلًا من الطحين بمبلغ قارب 120 شيكل ما يعادل 40 دولارًا، كان فرحًا جدًا، لأنه سيسعد أطفاله الأربعة لأنهم لم يذوقوا الخبز منذ أيام طويلة.
وفي طريق عودته، وجد محمد مسنة تبكي بحرقة وبشدة لعدم توفر مادة الدقيق في منزلها، وعدم قدرتها على شراءه، فوهبها محمد ما اشترى لأطفاله، وعاد إلى منزله بمشاعر مختلطة، فهو أسعد امرأة عجوز بما تيسر من الطحين، إلا أنه يفكر ماذا سيقول لأطفاله الذين أخبرهم بعودته لهم بالطحين.
وقبل أن يصل محمد إلى خيمته، تصادف مع صديق له، فرحب به، وأخبره صديقه أن فاعل خير أعطاه كيس طحين (25 كجم)، وقرر الصديق تقاسمه معه مناصفة، فبكى محمد وأخذ نصف الكيس، وعاد به إلى الخيمة ليرسم سعادة لا توصف على محيا أطفاله الذين يقهرهم الجوع، والبرد والنزوح.
هذا هو الحال في قطاع غزة، يتقاسم الجوعى ما تيسر من طعام وطحين، ويتمسكون ببعضهم بعضًا، وهم الذين يتقاسمون الجرح والموت والنزوح وويلات في وطن يحبونهم ولا يحبون غيره، ويتحملون لأجله ويلات لا تقوى عليها الجبال.
صور التكافل في شمال غزة
المواطنة منال العاصي (55 عامًا) تقول لمراسلنا إنها في شمال قطاع غزة، كانت تقتسم ما تيسر لها من طعام إبان المجاعة التي تضرب بشدة مناطق الشمال، مع جيرانها، تضيف: لنا ولهم الله، والله أقسم ما يتيسر لنا، والله يبارك لنا، وربنا تكفل برزقنا ورزقهم.
وتتابع أن الاحتلال يحاول قهر الفلسطيني بالجوع والبرد والقتل، إلا أنهم لا يعرفون أننا نتكاتف ونتكافل من أجل طرده ودحره عن أرضنا مرة واحدة وإلى الأبد.
قصص التكافل والتراحم، منتشرة في كافة مناطق قطاع غزة، فالناس كوتهم نار الإبادة الجماعية التي يقول عنها خبراء الأمم المتحدة إنها خلفت أقسى مأساة إنسانية بعد الحرب العالمية الثانية، فيما قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” إن المدنيين في غزة يتعرضون لأشد قصف منذ الحرب العالمية الثانية.
التكافل والتراحم
المواطنة أم طارق أبو العطا تقول لمراسلنا إنها فقدت الطحين من منزلها بالكامل، وبدأت تعتمد على المعكرونة والأرز وإن كانت بأسعار خيالية، وبوجبة غذاء واحدة فقط في اليوم، تكشف أن جاءها كيس طحين من فاعل خير.
فقررت المواطنة الستينية أن تتقاسمه مع جيرانها وأخيها، تقول: جيراننا لا يتوفر لديهم الدقيق، وأطفالهم جوعى، ونحن أهل والاحتلال لا يفرق بيننا، فقررت أن أقسم الكيس إلى 4 أكوام، كوم لبيتي، والثاني لجارتي، والثالث لشقيق زوحي، والرابع لأخي الذي ينزح في خيمة غرب مدينة دير البلح.
تؤمن أبو العطا أن الرزق بيد الله، وأن التكافل والتراحم مطلوب في هذه الأيام القاسية، التي تصفها بأنها الأصعب منذ سنوات طويلة، “الجوع يضرب بقوة في كل مناطق القطاع، والناس لا يأكلون إلا قليلا، والأطفال ينامون جوعى”.
أما محمود الحداد فيبكي في حديثه لمراسلنا ويقول إنه كان يفكر مليا كيف سيدبر لأطفاله خبزًا يشتهونه، ويبكون ليل نهار لأجل تناوله.
يضيف أنه وفجأة نادى عليه صديق له، وناوله بعضًا من الأرغفة وقال له إن زوجته أعدت 40 رغيفًا وقرر أن يتقاسمها مع بعضًا من الأصدقاء والجيران، في مشهد يعبر عن تراحم وإخوة وتكافل، في ظل أوضاع قاسية وقاهرة لا تكاد الكلمات أن تصفها.
تقاسم القوت مع الطيور
ولا يقتصر تراحم الفلسطينيين بين بعضهم البعض، فراح بعضهم لتقاسم طعامه مع الطيور والحيوانات، حيث محمد الذي ينزح في خيمه غرب مدينة خان يونس.
يقول إنه يصحو يوميًّا بعد أداء صلاة الفجر، ويعد ما تيسر من الطعام للطيور التي ترفرف أمام خيمته، غير مبالٍ إن كان ذلك سيؤثر على قوت عياله أم لا، ويقول: وفي السماء رزقكم وما توعدون.
ويتابع أن الاحتلال استهدف الحجر والبشر والشجر والحيوانات، فما ذنب الطيور والحيوانات، “أنا لا أربي الطيور وليس لدي هواية بذلك، لكن قلبي يحزن عليها، لما حل بنا، فنحن البشر نالنا ما نالنا من الجوع والعطش، فما بالكم بالطيور والحيوانات.
محمد لا يتقاسم القوت مع الطيور والحيوانات من باب الرفاهية، بل يؤكد الحاج محمد أنه بالكاد يتدبر أمر عائلته المكونة من 8 أفراد، في ظل اشتداد الأزمات الإنسانية والغلاء الفاحش، وشراسة القصف والإبادة الإسرائيلية.
الأمم المتحدة وتقارير الجهات الحكومية بغزة تؤكد أن قطاع غزة بكامله يرزح تحت نير الجوع الشديد، في حين بلغ سعر كيس الدقيق في قطاع غزة 250 دولارًا أمريكيًّا، مع غياب وانعدام لباقي المواد الأساسية والغذائية.
وتفول تلك التقارير إن الاحتلال يسلب أساسيات البقاء من المواطنين في غزة، وتتهم حكومة غزة الاحتلال باستخدام الجوع كسلاح ضد الأبرياء.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
بصل: شمال غزة تحول لكومة من الركام وعملية انتشال الشهداء صعبة للغاية
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكد الرائد محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، أن طواقم الدفاع المدني تواصل عملها في عمليات الانتشال وإزالة...
خريشة: العدوان على جنين ذريعة لضم الضفة والسلطة تشوه المقاومة
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام قال الدكتور حسن خريشة نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني إن الاحتلال يسعى من خلال شن حرب على الضفة...
الجهاد تتهم السلطة بالتواطؤ مع الاحتلال في العدوان على جنين
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، إن عمليات التهجير والتدمير والقتل الممنهج التي يمارسها جيش الاحتلال بحق...
حماس: مشاركة أجهزة السلطة في هجوم الاحتلال على مخيم جنين جريمة بحق شعبنا
الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلاماستنكرت حركة حماس، بأشد العبارات تواصل نزيف الدم الفلسطيني على يد أجهزة السلطة في الضفة الغربية، والتي كان...
الأونروا تحذر من تأثر وقف إطلاق النار بغزة بالعدوان الإسرائيلي على جنين
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام قال مدير شؤون وكالة أونروا في الضفة الغربية رولاند فريدريك، اليوم الأربعاء، إنّ العدوان الذي يشنه جيش الاحتلال...
الأزهر يطلق حملة دولية لإغاثة وإعمار غزة بمشاركة 80 دولة ومؤسسة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت مؤسسة الأزهر في مصر، عن تشكيل غرفة عمليات لإطلاق حملة دولية لإغاثة قطاع غزة وإعادة إعماره، وذلك في أعقاب وقف...
استشهاد مواطنة بعد عرقلة الاحتلال نقلها على حاجز إسرائيلي
الخليل - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة، استشهاد مواطنة على حاجز إسرائيلي شمال شرقي الخليل في الضفة الغربية بعد عرقلة الاحتلال نقلها إلى...