الخميس 28/نوفمبر/2024

عباس يختار خليفته المؤقت بإعلان دستوري.. وخبراء يؤكدون أنه غير قانوني

عباس يختار خليفته المؤقت بإعلان دستوري.. وخبراء يؤكدون أنه غير قانوني

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام

إعلان دستوري جديد يعلنه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أثار جدلًا كبيرًا بمدى قانونية الإعلان، والخلط بين السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، وهو القرار الذي جنح إليه عباس في ظل استمرار الإبادة بغزة.

ويقضي الإعلان الدستوري بأنه “في حال شغور مركز رئيس السلطة الفلسطينية، يتولى مهامه رئيس المجلس الوطني الفلسطيني (روحي فتوح حاليا) مؤقتا، إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية وفق قانون الانتخابات الفلسطيني”.

الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة قال: عباس يصدر “إعلانا دستوريا” مفاده “أنه في حال شغور مركز رئيس السلطة، يتولّى مهامه رئيس المجلس الوطني مؤقّتا لحين اجراء الانتخابات الرئاسية”.

وأضاف في تغريدة له عبر موقع إكس أن المقصود هو روحي فتوح الذي لا يملك قيمة تُذكر بين أجنحة “فتح”، ما يعني بقاء الصراع مفتوحا على مصراعيه.

وتابع أنه من الواضح أن الوضع الصحّي لعباس (88 عاما) هو دافع القرار، وأكمل: المصيبة أن كل المتنافسين على الخلافة هُم من لون “رئيسهم” لجهة المسار السياسي، ولا أمل في التغيير رغم وضوح نوايا الضمّ والتهجير من قبل الصهاينة.

ومضى يقول: أما المصيبة الأكبر، فهي أن “فتح” قبيلة، ستطبّل لشيخها أيّا كان، مصيبة شعبنا معها كبيرة، وسيحتاج وقتا ومعاناة كي يعالجها، وإن منحنا “الطوفان” أملا كبيرا.

وينص القانون الأساسي الفلسطيني على انتخاب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية “انتخابا عاما ومباشرا من الشعب الفلسطيني وفقـا لأحكام قانون الانتخابات الفلسطيني”.

كما ينص عل أنه في حال شغور مركز رئيس السلطة الوطنية “يتولى رئيس المجلـس التشريعي الفلسطيني مهام رئاسة السلطة الوطنية مؤقتا لمدة لا تزيد عن 60 يوما تجري خلالها انتخابات حرة ومباشرة لانتخاب رئيس جديد وفقا لقانون الانتخابات الفلسطيني”.

لكن المجلس التشريعي، الذي حصلت حركة “حماس” على أغلب مقاعده في آخر انتخابات عامة جرت عام 2006، تم حله بقرار من المحكمة الدستورية (شكلها محمود عباس منفردًا) أواخر 2018.

وفي الأثناء، أكد الحقوقي صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد” أن قرار رئيس السلطة محمود عباس، بشأن “منصب الرئيس” غير دستوري.

وقال عبد العاطي في تصريح صحفي إن “هذا المرسوم الرئاسي غير دستوري، باعتبار أن من يملك تعديل القانون الأساسي الفلسطيني هو المجلس التشريعي”.

وأشار إلى أن المجلس التشريعي تم حله من قبل عباس، وان استبداله بالمجلس الوطني دون صلاحيات للأخير، في المراقبة على أداء السلطة أو حتى سن تشريعات لها.

وعقب عبد العاطي قائلا: “ما يجري أمر غير قانوني وغير دستوري، لكنه جاء نتاج الضغوط الخارجية والداخلية التي تمارس على أبو مازن الذي يريد حسم الجدل الذي يدور حال وفاته أو عجزه عن القيام بمسؤولياته”.

ولفت إلى أنه سبق هذا المرسوم، عدة إجراءات تمهيدية، بدءا بعقد المجلس المركزي خلافا للقانون والنظام الأساسي لمنظمة التحرير، ثم استبدال رئيس المجلس الوطني وملء الفراغات في اللجنة التنفيذية، حيث شكل ذلك سلبا لصلاحيات الوطني من المركزي.

ووفق عبد العاطي، ما سبق يهدف إلى تهيئة الأمور لترتيبات تتجاوز الحالة القائمة، مستدركا: “لكن هذا لا يحل المشكلة، إذ أننا بحاجة إلى توافق وطني في ظل حرب الإبادة الجماعية”. 

وأفاد بأن الأولى حاليا الذهاب إلى تطبيق اتفاق بكين، بما يضمن ترتيب الداخلي الفلسطيني، والوصول لحكومة كفاءات وطنية تستطيع أن تستجيب لمجمل التهديدات والتحديات الوطنية وتنقلنا لاحقا عندما تتهيأ الأوضاع إلى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني.

 وأوضح أن الأهم حاليا، الانتقال إلى تجسيد مؤسسات الدولة التي بات العالم مجمعا عليها، رغم رفض الاحتلال الإسرائيلي، “بالتالي هذا الأمر يتطلب ترتيبات أخرى غير القائم، وهذا يتطلب بالحد الأدنى توافقا وطنيا وهو غير متحقق في هذا المرسوم الرئاسي”. وفق عبد العاطي.

وقال الخبير القانوني بلال البرغوثي إن نص الإعلان الدستوري الذي أعلنه رئيس السلطة محمود عباس “ليس له أي سند أو مرجعية قانونية”.

وتابع في تصريحات تابعها مراسلنا أن الإعلانات الدستورية “قرارات تتخذ استنادا للدستور وتستمد المرجعية فورا ومباشرة من القانون الأساسي، ويتم اتخاذها من صاحب الصلاحية الدستورية وفقا أيضا لأحكام الدستور”.

وبين أن “صلاحيات الرئيس محددة في القانون الأساسي على سبيل الحصر، والأصل -وفق القانون الأساسي- أن يتولى مهام الرئيس رئيس المجلس التشريعي حرفيا، وفي حال عدم وجود رئيس مجلس تشريعي، يكون رئيس المحكمة الدستورية، وبالتالي أي إعلان يخالف هذا الموضوع لا يمكن اعتباره إعلانا سليما قانونيا ودستوريا”.

يضيف البرغوثي، الذي عمل لسنوات بالمجلس التشريعي الفلسطيني، أن مصطلح “الإعلان الدستوري” يوحي كأن هناك تعديلات على القانون الأساسي بحيث يصبح دستورا “وهذا مخالف للقانون الأساسي”.

ولم يستبعد البرغوثي أن يأتي الإعلان استجابة لضغوط بإجراء إصلاح للنظام السياسي الفلسطيني أو في إطار ترتيب البيت الداخلي، استباقا لأي حدث كوفاة الرئيس “ولكن للأسف الشديد الاستجابة في النظام السياسي لا تتم وفق القانون الأساسي”.

وأشار الخبير القانوني إلى أن حل المجلس التشريعي عام 2018 جاء “بطريقة مختلف على صحتها ومدى دستوريتها”.

وفي الأثناء، قال أستاذ العلاقات والقانون الدولي في الجامعة العربية الأميركية رائد أبو بدوية، إن “هذا التعديل تم بطريقة غير قانونية، وصادر عن الرئيس محمود عباس الذي لا يملك هذه الصلاحيات، ما يجعل الإعلان غير دستوري من الناحية القانونية”.

وأضاف أبو بدوية: “يُشكّل المرسوم الرئاسي من الناحية القانونية والدستورية تجاوزاً واضحاً للقانون الأساسي الفلسطيني، فمضمون هذا المرسوم يتضمن تعديلاً على القانون الأساسي من قِبَل رئيس السلطة التنفيذية، الذي لا يملك صلاحية تعديل هذا القانون، إذ إن القانون الأساسي الفلسطيني يحدد آلية تعديله، وهي حصراً عن طريق المجلس التشريعي (المنحل بقرار المحكمة الدستورية عام 2019)”.

ولفت أبو بدوية إلى أن “الدستور حدد آلية التعامل مع خلو منصب الرئيس بالنصّ التالي (في حالة خلو المنصب، يستلم رئيس المجلس التشريعي هذا المنصب)، إلا أن الرئيس عباس عدّل هذا النص بطريقة غير قانونية”.

 واعتبر أبو بدوية أن المرسوم حاول حلّ إشكالية شغور منصب الرئيس، لكنه لفت إلى أن “ذلك تمّ بأدوات غير دستورية، وأفرز إشكالية أخرى عبر الخلط بين السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، إذ يُعدّ المجلس الوطني إحدى مؤسسات منظمة التحرير، وليس السلطة الفلسطينية، علاوة على أن المجلس الوطني يفتقر إلى شرعية متجددة، ولا تُجرى فيه انتخابات، ما يعني أن منح المنصب لشخص من خارج مؤسسات السلطة الفلسطينية وإقحام الموضوع في إطار منظمة التحرير يعكس غياب آليات اختيار سليمة”.

وقال أبو بدوية: “رغم أن إعادة منظمة التحرير إلى الواجهة السياسية قد تبدو إيجابية إلى حد ما، إلا أن الحقيقة تشير إلى أن المجلس الوطني يعاني من حالة جمود في شرعيته”.

وأشار أستاذ القانون الدولي إلى أنه لا يمكن فصل الجانب السياسي عن إصدار المرسوم، قائلًا: “البُعد السياسي سيطر على هذا الإعلان، إذ يبدو واضحاً أن القرار يعكس ضغوطاً عربية ودولية على الرئيس لحلّ مشكلة الفراغ المتوقعة والمؤدية للفوضى حال توفي الرئيس، ولذا كان الأفضل أن يتم الذهاب نحو آلية تشاور وطني واسعة مع الفصائل داخل منظمة التحرير وخارجها للخروج من هذه الأزمة، إلا أن الرئيس اتخذ طريقة غير موفقة قانونياً وسياسياً”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات