أثار حالة من الصدمة.. طفل غزي يحتضن قبر أمه كل ليلة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
منذ أن بدأ الاحتلال حرب الإبادة على قطاع غزة كان الأطفال هم أكبر من دفع ويدفع ثمن هذا العدوان الغاشم الذي قتل ودمر فيهم أي حلم لطفولة عادية كباقي أطفال العالم.
لقد أصبح أطفال غزة إما شهداء وإما مبتوري الأطراف وإما أيتاما أو جوعى وعطشى يقفون في طوابير طويلة للحصول على بعض الطعام.
والطفل زين واحد من هؤلاء الأطفال الذين ترك فيهم الاحتلال الإسرائيلي جرحا لا يلتئم، زين فقد أمه منذ شهرين، والتي استشهدت في أحداث مخيم النصيرات.
ونشر الصحفي والناشط صالح الجعفراوي مقطع فيديو عبر حسابه على إنستغرام للطفل زين وهو نائم فوق قبر أمه، وعلق على المقطع بالقول “الطفل زين يوسف مهنا استشهدت والدته قبل شهرين في أحداث مخيم النصيرات، ومن يومها وهو كل يوم بيجي بنام على قبرها”.
وسأل الجعفراوي الطفل زين “ليش نايم على القبر؟! فأجاب الطفل: بدي نام بحضن أمي، فسأله الجعفراوي: ألا تخاف من القصف والظلام؟ فرد زين: ما بخافش من حد، وكل يوم بدي أجيها، اشتقتلها كتير”.
المقطع أثار حالة من الحزن والصدمة بين رواد العالم الافتراضي، وبدأ جمهور منصات التواصل الاجتماعي بتداوله، وعلق عليه أحدهم بالقول إنه “لن تنتهي الحرب مع وقف إطلاق النار، فداخل كل طفل فقد عائلته حرب تستمر إلى الأبد، الفقدان شعور قاتل، وحسبنا الله ونعم الوكيل”.
وكتب أحد الغزيين تجربته مع فقد أمه وباقي أفراد أسرته بسبب آلة القتل الإسرائيلية بالقول “على الأقل هو قادر على الذهاب لقبر أمه، أما أنا فقتلوا أمي وتحتضن بقبرها أختي وبجانب قبرها أبي وأخوتي وابنة أختي يحتضنون بعضهم بعضا، لا أستطيع الذهاب إليهم، حتى لا أعلم إن كانت قبورهم بخير أم لا، لأن الاحتلال لا يقتل الأحياء فقط، بل يهدم ويسرق جثث الشهداء”.
وقد حصد المقطع أكثر من 13 مليون مشاهدة في أقل من 24 ساعة منذ نشره صالح الجعفراوي عبر حسابه على إنستغرام.
وتقول مصادر طبية في غزة إن عدد الأطفال الذين استشهدوا جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بلغ 13 ألفا و430 شهيدا، في حين قدر عدد الشهيدات بـ8900 شهيدة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
غزة مقبرة للطفولة
وفي وقت سابق، وصفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” قطاع غزة بأنّه “مقبرة للأطفال”، مشدّدةً على أهالي غزة يعيشون حياة محطّمة ودائرة من الألم ومعاناة لا توصَف، في ظلّ حرب الإبادة المتواصلة على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأشارت المديرة التنفيذية لليونيسيف كاثرين راسل، إلى أنه نهاية الأسبوع الماضي كان دامياً على الأطفال في شمال قطاع غزة، حيث استشهد أكثر من 50 طفلاً في جباليا، في الساعات الثماني والأربعين الماضية وحدها، لا سيّما مع شن جيش الاحتلال غارات مبنيَين سكنيَّين يؤويان مئات النازحين والسكان.
يُذكر أنّ منظمة يونيسف كانت قد أفادت في أكثر من مرّة منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بأنّ العدوان الحاصل هو “حرب على الأطفال”.
وتقول أخصائية الاتصال في اليونيسف، تيس إنغرام، إن الأطفال أصبحوا وجوه الحرب المستمرة، من الإصابات المدمرة التي لحقت بهم في الغارات الجوية، إلى الصدمة الناجمة عن وقوعهم في اشتباكات عنيفة، أو الفقدان، ترسم قصصهم صورة مروعة للعواقب الإنسانية للنزاع.
وتضيف: “طبيعة هذه الحرب – مضطربة، وغالبًا ما تؤثر على المدنيين، بما في ذلك الأطفال، وتكلف عشرات الآلاف منهم حياتهم؛ وتأثيرها غير المتناسب على الأطفال، واحد من كل شخصين في غزة هو طفل”.
وقبل اندلاع حرب الإبادة على غزة، كانت تقديرات اليونيسف تشير إلى أن أكثر من 500 ألف طفل يحتاجون إلى خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي في قطاع غزة. في حين تشير تقديراتها اليوم إلى أن جميع الأطفال تقريبا يحتاجون إلى تلك الخدمات، أي أكثر من مليون طفل.
صدمات نفسية شديدة
وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” إن أكثر من 625 ألف طفل وطفلة يعيشون في قطاع غزة ويعانون من صدمات نفسية شديدة، بينما يُعتبر الكثيرون منهم “خارج المدارس ويعيشون بين الأنقاض”.
وتؤكد الوكالة أن الأطفال في قطاع غزة تكبدوا خسائر فادحة منذ عام تقريبًا مع بداية العدوان الإسرائيلي على غزة.
وتشير إلى أنه حتى قبل بدء الحرب، كانت معظم الأسر في غزة تواجه صعوبات كبيرة في توفير الغذاء، مضيفة أنه “مع مرور 12 شهرًا على الحرب، شهدنا تزايدًا في حالات سوء التغذية والأمراض والوفيات والصدمات النفسية”.
ويعتقد استشاري الطب النفسي جمال فرويز، والذي عمل استشارياً للطب النفسي لدى الأمم المتحدة بعدد من مناطق النزاع، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن حرب الإبادة على غزة ستُخلّف تداعيات نفسية فادحة على كافة مواطني قطاع غزة البالغ عددهم قرابة 2.5 مليون مواطن، بيد أن الفئات الأكثر تضررًا وعلى رأسهم الأطفال ستكون الصدمات بالنسبة لهم أكثر قسوة.
ويواجه أطفال غزة صدمات نفسية متتالية بفعل الحروب العدوانية المتكررة على القطاع، إذ وفقاً لما أورده المجلس النرويجي للاجئين عام 2021 غداة عدوان مايو/ أيار فيما عرف فلسطينيا باسم معركة “سيف القدس”، فإن 12 طفلاً من بين 60 طفلا استشهدوا كانوا يتلقون علاجا نفسيا يقدمه المجلس، ويساعدهم على التعامل مع صدمات حروب سابقة.
الغياب العاطفي
وتقول الاختصاصية النفسية ميس نصار، إن الأطفال يعتمدون بشكل أساسي على دعم ورعاية البالغين ممن حولهم، وهو ما ينقطع بشكل مفاجئ في الحروب نتيجة فقدانهم لمَن يقدم لهم الرعاية (الوالدين بشكل أساسي)، أو حتى الغياب العاطفي للوالدين نتيجة للبيئة التي تفرضها الحرب بطبيعة الحال من خوف وتوتر وتمحور التركيز حول غريزة البقاء وتوفير الحماية.
وتوضح في مقال حول الصدمات النفسية التي يحدثها العدوان، أن غياب ذلك كلّه، بالإضافة إلى صدمات الحرب المتمثلة بالإصابة الجسدية المباشرة التي غالبا ما يصحبها إصابات نفسية، والتعرض المباشر لمشاهد الموت والقتل وغيرها، يترك آثارا نفسية تعيش معهم طوال حياتهم، من أهمها اضطراب كرب ما بعد الصدمة، وذلك بوصفه أحد أكثر الاضطرابات شيوعا لدى الأطفال الذين يعيشون في مناطق معرضة للحروب أو يتعرضون لها.
إضافة إلى ذلك يواجه الأطفال اضطرابات القلق والاكتئاب، والتغيرات النفسية المتمثلة بالانسحاب العاطفي، ونوبات الغضب والسلوك العدواني الذي يُحاكي إلى حدٍّ ما العنف أو الأذى الذي يختبره الطفل.
ووفق مجلة الصحة العقلية والنفسية الأميركية، فإن 22% من الأشخاص الذين يعيشون في مناطق الصراعات المسلحة يعانون من الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة، والاضطراب ثنائي القطب.
وتشير الأبحاث الصادرة من الكلية الملكية للأطباء النفسيين إلى أن أعراض الاضطراب النفسي بعد الحروب تظهر بعد أسابيع أو في غضون 3 أشهر، من بينها أعراض فيسيولوجية مثل ألم العضلات والإسهال وعدم انتظام النبض، والصداع واضطرابات في الشهية. وتتزامن الأعراض الفيسيولوجية مع أخرى نفسية تسيطر على المصاب مثل نوبات الفزع والخوف والاكتئاب والقلق والشعور بالذنب
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
الأكبر منذ اتفاقية أوسلو.. الاحتلال يعلن مصادرة 24 ألف دونم بالضفة
تل أبيب- المركز الفلسطيني للإعلام أعلن وزير المالية الإسرائيلي بيتسلئيل سموتريتش، مصادرة 24 ألف دونم بالضفة الغربية، بعد تصنيفها كأراضي دولة. وقالت...
لليوم الـ 426.. القسام يستهدف 50 جندياً بعبوة مضادة للأفراد
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل كتائب الشهيد عز الدين القسام لليوم الـ 426 على التوالي، التصدي للقوات الصهيونية المتوغلة في عدة محاور من قطاع...
انتحار جندي احتياط في جيش الاحتلال بعد عودته من معارك غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية، عن حادثةٍ جديدة في صفوف جيش الاحتلال "المُرهق" تتعلق بانتحار جندي "إسرائيلي" عقب...
عقب استشهاد طفل بعدوان إسرائيلي.. صحة غزة تدعو لحماية مستشفيات غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام دعت وزارة الصحة بقطاع غزة، الخميس، المؤسسات الدولية إلى ضرورة التحرك لحماية المستشفيات من "العدوان الإسرائيلي...
بولندا: ملتزمون بتنفيذ قرارات الجنائية الدولية بشأن اعتقال نتنياهو
وارسو – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب وزير خارجية بولندا أندجي شينا، الخميس، إن بلاده مستعدة للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بشأن تنفيذ...
قاسم: إسرائيل ارتكبت أكثر من 60 خرقًا ويجب وضع حدٍ لتماديها
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام قال الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، إن اتفاق وقف إطلاق النار يُعدّ آلية لتنفيذ القرار الدولي 1701، الذي يفرض...
أبو صفية: استشهاد طفل و12 إصابة في استهداف صهيوني لمستشفى كمال عدوان
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكد مدير مستشفى كمال عدوان، الدكتور حسام أبو صفية، مساء اليوم الخميس أنه تم استهداف المستشفى قبل قليل، مما أسفر عن 12...