الأربعاء 13/نوفمبر/2024

الجوع يطل برأسه في جنوب القطاع.. سلاح إسرائيل الهمجي ضد الأبرياء

الجوع يطل برأسه في جنوب القطاع.. سلاح إسرائيل الهمجي ضد الأبرياء

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

أمام مخبز البنا في منطقة غرب دير البلح وسط قطاع غزة، كان المشهد قاسيًّا وصعبًّا، إذ تكدس المئات أمام أبواب المخبز سعيًّا للحصول على ربطة من الخبز أو ما تيسر منها.

وفي وقت يئن شمال غزة تحت الحصار والجوع، اشتدت في الأسابيع الأخيرة المجاعة في مناطق جنوب قطاع غزة، ما اضطر كثير من السكان لتناول الطحين الفاسد لمن تبقى لديه، أو استطاع الحصول عليه، وسط حالة من القحط والجوع جراء استمرار الاحتلال الإسرائيلي إغلاق معابر القطاع والسيطرة عليها، ومنع إدخال المساعدات إليه.

المواطن فايز قفة (44 عامًا) والذي نزح من منزله في مدينة غزة إلى دير البلح، يقول لمراسلنا إنه يقف بأبواب المخبز ساعات طويلة، سعيًّا منه للحصول على ربطة خبز أو نصف ربطة، إلا أنه عاد بخفي حنين، فعدد المتكدسين على أبواب المخبز يفوق بأضعاف كثيرة ما يتم انتاجه من أرغفة خبز.

يضيف في حديثه لمراسلنا أن الدقيق في منزله نفد، وأنه بانتظار أن تقوم وكالة الأونروا بتوزيع الدقيق كعادتها، وهو ما لم يحدث، الأمر الذي يدفعه إلى الوقوف ساعات طويلة أمام المخبز لسد رمق أطفاله، مشيرًا إلى أن الأسواق تفتقد إلى معظم المواد الغذائية والخضروات والفواكه واللحوم، وإن وجدت بعضًا منها فهو بأسعار خيالية لا يقدر عليها إنسان.

المواطنون في جنوب قطاع غزة اشتكوا من انعدام الدقيق والمواد الغذائية والخضروات، إضافة لغلاء ما تبقى من مواد أو خضروات في الأسواق، ما يدفعهم إلى التخوف من أن يكونوا على أعتاب مجاعة خانقة أو يكونوا قد دخلوها، أسوة بما يجري في مناطق شمال قطاع غزة.

أما المواطن محمود الحداد (37 عامًا) يشتكي من غلاء أسعار الخبز، ويؤكد أنه يحتاج لشراء الخبز بما يعادل 20 شيقلًا يوميًّا في ظل غلاء أسعار الدقيق، إضافة إلى أنه فاسد وله رائحة كريهة.

ويصف الحداد الخبز “بأنه مليء بالسوس، ورائحة العطب فيه، ولكن هذا لم يمنعنا من أن نأكله، لأننا مضطرون ولا يوجد بديل”.

ويعبر عن غضبه من محاولات الاحتلال خداع العالم بأنه يدخل المساعدات إلى قطاع غزة، وهو بالأساس لا يدخلها، قائلًا: يكفي قتلنا بالقنابل والصواريخ، والآن يقتلوننا بالجوع والحصار والحرمان.

ووفق مصادر محلية لمراسلنا فإن ارتفاعًا هائلًا طرأ على أسعار الدقيق حيث وصل سعر الكيس الواحد 25 كيلو جرام ما يقارب 50 دولارًا، وهو ليس بحالة جيدة، أما الجيد منه فيزيد على ذلك، ويباع كيلو الخبز في المخابز في مناطق جنوب قطاع غزة بـ7 شواقل، ما زاد العبئ والضغط على العوائل التي تئن تحت نار الإبادة المستمرة منذ عام.

وعند تجولك في أسواق دير البلح ومواصي خان يونس ترى البسطات فارغة من الخضروات والفواكه، ما جعلها حلمًا بالنسبة لمعظم المواطنين الذين يعانون أيضًا من الغلاء الفاحش، وانعدام السيولة النقدية، ما أدى لتعاظم المأساة والمعاناة.

ومنذ 7 مايو الماضي، تواصل إسرائيل احتلال معابر قطاع غزة وإغلاقها، وتمنع سفر الجرحى والمرضى للعلاج أو إدخال أي مساعدات إنسانية للقطاع.

ويغلق الاحتلال المعابر منذ اجتياحه مدينة رفح جنوبي القطاع وسيطرته على معبري رفح البري وكرم أبو سالم، رغم تحذيرات المنظمات الإنسانية والإغاثية ومطالبات دولية بإعادة فتح المعابر لتلافي حصول مجاعة بسبب انقطاع المساعدات، ولإنقاذ أرواح آلاف المرضى والجرحى.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم البعثة الدولية للصليب الأحمر، هشام مهنا، أن الوضع الإنساني في غزة يتدهور بشكل خطير، مشيرًا إلى أن موجة الجوع تمتد لتشمل مناطق جنوب القطاع، وليس فقط شماله.

وأفاد “مهنا” أن حوالي 1.8 مليون مواطن يعيشون في الجنوب يعانون من نقص حاد في المساعدات والسلات الغذائية، موضحًا أن السكان باتوا في حالة عوز شديد، حتى في الأساسيات مثل الدقيق، مما يتطلب وقف العمليات القتالية للسماح بإدخال المساعدات للنازحين.

وأكد “مهنا” في تصريحات صحفية تابعها مراسلنا، أن الدعم الإنساني المحدود في كل من شمال وجنوب القطاع ينذر بكارثة إنسانية أكبر.

وأشار إلى أن المنطقة الجنوبية تأوي عددًا كبيرًا من النازحين في ظروف قاسية، دون توفر المواد الغذائية أو المياه أو الرعاية الصحية أو أدوات النظافة الشخصية، في ظل ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق.

وفي السياق، أكد المستشار الإعلامي لـ “أونروا” عدنان أبو حسنة، أن الأوضاع الإنسانية في غزة، وخاصة في جنوبها، في غاية الخطورة.

ونبه “أبو حسنة” إلى أن عدم التدفق الآمن والجاد للمساعدات يمثل تحديًا كبيرًا أمام عمل المؤسسات الإنسانية، بما في ذلك الأونروا، التي تواجه ضغطًا هائلًا من المدنيين النازحين.

وأضاف أن الوضع الإنساني مقلق، خاصة مع ارتفاع مستويات البطالة والفقر والأمراض في ظل القيود المفروضة على دخول المساعدات.

ودعا “أبو حسنة” إلى وقف الحرب التي تستهدف المدنيين، محذرًا من أن الأطفال والنساء وكبار السن هم من يدفعون الثمن الأكبر في هذه الأوقات العصيبة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات