الجمعة 08/نوفمبر/2024

استخدام فلسطينيين دروعًا بشرية .. جريمة إسرائيلية متكررة في غزة

استخدام فلسطينيين دروعًا بشرية .. جريمة إسرائيلية متكررة في غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

أجبروني على ارتداء زي جيش الاحتلال ودخول المنازل وتصويرها .. بهذه الكلمات روى شاب فلسطيني تجربته القاسية التي عاشها على مدار أيام استخدمه فيها الاحتلال درعًا بشريًّا خلال عدوانه المتواصل في قطاع غزة.

يروي الشاب م (22 عامًا) رحلة الأهوال التي عاشها منذ اعتقلته قوات الاحتلال شرق رفح في يونيو الماضي، وقال: جاء جندي وأخذني أنا ومعتقل آخر واقتادنا إلى الطابق الأرضي من المنزل وأبلغونا أنهم سوف يستخدمونا في تصوير المنازل والشوارع والطرق والأنفاق، (دروع بشرية)، فرفضنا وتحت التهديد بإطلاق النار علينا والاعتداء علينا بالضرب بعقب السلاح وبالأيدي.

وتابع: أجبرنا الجنود على ارتداء الزي العسكري الإسرائيلي الخاص بجنود الاحتلال، وبعدها أخذونا سيرا على الأقدام إلى منطقة تبعد حوالي خمسة دقائق عن المكان الذي كنا فيه، وفي هذه الأثناء وضع أحدهم خوذة على رأسي وعليها كاميرا وسماعة، وكذلك الشخص الآخر نفس الشيء، وأمرونا بدخول منزل وتصويره بالكاميرا التي على الخوذة، وفق شهادته التي نشرها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.

تحت تهديد جنود بإطلاق النار على م ورفيقه نفذا ما طلب منهم بدخول المنازل، وتصويرها بالكاميرا الموجودة على الخوذة فوق رأسيهما، وكان الجنود خلال دخولهما يوجهوهما بالتحرك داخل المنزل يمينا ويسارا، والتركيز في التصوير على الطوابق الأرضية.

يقول: بعد التصوير والانتهاء من المنزل يقوم الجيش بالدخول للمنزل وإطلاق النار والعبث بمحتوياته وتدميرها.

مكث م في الاعتقال 42 يوما، وتم استخدامه كدرع بشري حوالي ١٥ مرة. ولا يزال يتذكر ما حدث صباح الثلاثاء ٦/٨/٢٠٢٤ عندما جاء أحد جنود الاحتلال وطلب منه الخروج معه.

يقول: هذه المرة كنت لوحدي فشعرت بالخوف لأنه كان يتم أخذنا عادة اثنين أو ثلاثة مع بعض، فرفضت الخروج فقام الجندي بضربي بعقب السلاح في ظهري، وأجبرني على الخروج معه وأصعدوني في دبابة سارت حوالي عشرة دقائق ثم توقفت وأنزلوني من الدبابة وطلبوا مني دون أن أرتدي زيهم العسكري، أن اذهب إلى دبابة مدمرة سابقا، لتصويرها فرفضت من شدة الخوف.

وأضاف: تحت الضرب وتهديد الجنود بإطلاق النار علي، تم وضع الخوذة الموجود عليها الكاميرا على رأسي وتوجهت إلى الدبابة، وكان الجنود خلفي، وقبل أن أصل الدبابة المستهدفة بحوالي عشرة أمتار شعرت بنخزة في صدري من الجهة اليمنى نظرت مكان الألم فإذا بي أنزف، فسقطت على الأرض وأغمي علي.

في اليوم التالي استيقظ م فوجد نفسه في مستشفى، وعرف عندما أفرج عني من التقارير الطبية أنه كان في مستشفى سوروكا، وأنه أصيب بعيار ناري اخترق ظهره وخرج من صدره، وبعد 3 أيام أفرجت قوات الاحتلال.

ولم يكن م الوحيد الذي تستخدمه قوات الاحتلال درعا بشريا فقد توالت شهادات مرعبة قدمها فلسطينيون عن كيف استخدمتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي دروعًا بشرية خلال حربها الدموية في قطاع غزة.

ووثقت مقاطع فيديو مسربة استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي لمعتقلين مدنيين فلسطينيين كدروع بشرية وإجبارهم على استكشاف مناطق قتال خطيرة.

وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن هذه المقاطع نموذج لسياسة منهجية ينفذها الجيش الإسرائيلي، مؤكدًا أنه وثق عشرات الحالات لاستخدام مدنيين كدروع بشرية ولإضفاء الحصانة على عمل القوات بما يشكل جريمة حرب.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي في بيان سابق له أن المشاهد المروعة التي نشرتها قناة الجزيرة الفضائية لمقاطع فيديو مسربة من الجيش الإسرائيلي تظهر استخدام مدنيين، بمن في ذلك معتقلون جرحى، كدروع بشرية، وإجبارهم على دخول مناطق قتال خطيرة وتثبيت كاميرات على أجسادهم وربطهم بحبال، تعبر عن سلوكيات وحشية وغير إنسانية للجيش الإسرائيلي، وفيها انتهاك جسيم لقواعد القانون الدولي الإنساني.

ووفق الأوروتوسطي؛ فإنه ومنذ بدء العميات البرية لجيش الاحتلال في نهاية أكتوبر/تشرين أول 2023، وثق عشرات الحالات التي استخدم فيها جيش الاحتلال مدنيين فلسطينيين دروعًا بشرية، وفرضت على بعضهم قسرًا القيام بأعمال عسكرية تشكل خطرًا مباشرًا على حياتهم، بما فيها دخول بنايات أو أنفاق أو البحث عن متفجرات وأنفاق محتملة، إلى جانب احتجاز آخرين في منازل ومواقع في مناطق اشتباكات ما يعرض حياتهم للخطر، بما يخالف قواعد القانون الدولي الإنساني.

واستعرض الأورومتوسطي شواهد مما وثقه لاستخدام الجيش الإسرائيلي مدنيين كدروع بشرية، ففي مساء 27 يونيو/حزيران، وثق جريمة مركبة مكتملة الأركان ضد أسرة مدنية مكونة من أم مسنة وأربعة من أبنائها، منهم ثلاث فتيات وحفيدة لا تتعدى العام والنصف، باقتحام منزلهم وإطلاق النار والقنابل تجاههم مباشرة، داخل منزلهم في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، وإخراجهم منه ثم احتجازهم وهم مصابين داخل وقرب دبابات إسرائيلية لأكثر من ثلاث ساعات في منطقة قتال خطيرة، واستخدامهم دروعًا بشرية، ومن ثم دهس الأم “صفية حسن موسى الجمال”، 65 عامًا، وقتلها، بعد إصابتها بجنازير دبابة إسرائيلية وهي ما تزال على قيد الحياة على مرأى من ابنها.

وفي 20 مارس/آذار الماضي، استخدام جيش الاحتلال الطبيب “يحيى خليل ديب الكيالي” (59 عامًا) وعددًا من أفراد أسرته كدروع بشرية بعد اقتحام منزلهم، وأجبروهم على الوقوف في شرفة المنزل خلال تبادل إطلاق نار مع مسلحين غرب مدينة غزة.

وخلال اقتحام الاحتلال مجمع الشفاء الطبي في مارس/ آذار الماضي، استخدم مدنيين من المرضى والنازحين كدروع بشرية واستغلهم لتحصين عملياته العسكرية داخل المستشفى، ولتشكيل ساتر خلف قواته وآلياته العسكرية، وإرسالهم تحت التهديد إلى منازل وبنايات سكنية في محيط المجمع الطبي، للطلب من سكانها إخلاءها، وذلك قبيل تنفيذ الجيش الإسرائيلي لعمليات اقتحامها، واعتقال بعض من فيها، ومن ثم تدمير العديد منها.

وقال “خ.ف” (طلب عدم الكشف عن اسمه)، وهو نازح كان يتواجد في مجمع الشفاء الطبي، إن القوات الإسرائيلية أمرته وثلاثة شبان آخرين بالدخول إلى عدة غرف داخل مجمع الشفاء الطبي، بعد أن ثبتت كاميرات على رؤوسهم، وأجبرتهم على التحرك من خلال إصدار أوامر لهم عن بُعد باتجاه أماكن محددة لفحصها.

وأضاف أنه أجبر على التحرك بأوامر من جيش الاحتلال في مبنى الجراحة العامة داخل مجمع الشفاء الطبي لعدة ساعات متواصلة، قبل أن يتم إخلاؤه بشكل قسري مع زوجته وطفلته، فيما لا يعرف شيئًا عن مصير الشبان الآخرين الذين استخدمهم الجيش الإسرائيلي كدروع بشرية في نفس الحادثة.

كما قال المسن “م.ن” وهو في الستينات من عمره، إن الجيش الإسرائيلي أجبر نجله البكر بالدخول إلى أقبية مجمع الشفاء وأماكن الصرف الصحي، فيما شاهد معتقلين آخرين وُضعوا داخل مدرعات أثناء القتال، وآخرين تم إجبارهم على الوقوف خلف قوات الجيش وآلياته العسكرية المتمركزة على أطراف مداخل المجمع، لتحصينها ومنع أي استهداف لها.

وأفادت زوجة ممرض أجبرها الجيش الإسرائيلي على إخلاء المجمع دونه باتجاه مدينة دير البلح وسط قطاع غزة لفريق الأورومتوسطي، إنها شاهدت استخدام القوات الإسرائيلية زوجها كدرع بشري من أجل فتح أبواب أقسام في مجمع الشفاء على مدار عدة ساعات متواصلة، مشيرة إلى أن مصير زوجها ما يزال مجهولًا، وتخشى من تعرضه للتصفية.

وفي ذات السياق، أفاد أفراد من عدة عائلات تقطن في محيط مجمع الشفاء أن الجيش الإسرائيلي استخدم شبانًا اعتُقلوا من داخل مجمع الشفاء في الدخول إلى منازلهم من أجل الطلب منهم بإخلائها فورًا والنزوح إلى وسط وجنوب قطاع غزة.

وذكرت سيدة من عائلة “عرفات” إنهم تفاجئوا بدخول شاب في نهاية الثلاثينات من عمره تم تعريته من ملابسه باستثناء ملابسه الداخلية، وأخبرهم أن الجيش الإسرائيلي أرسله لهم لإخلاء المنزل خلال 30 دقيقة وإلا سيتم قصفه فوق رؤوسهم، موضحة أنهم عند خروجهم من المنزل تنفيذًا لطلب الإخلاء، شاهدوا عددًا من الشبان الفلسطينيين بنفس الحال، حيث أجبرتهم قوات الجيش على الدخول إلى المنازل المجاورة لتحذير سكانها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات