الأربعاء 11/ديسمبر/2024

سدين.. ضحية صاروخ أفقدها نصف بصرها وأحرق جسدها

سدين.. ضحية صاروخ أفقدها نصف بصرها وأحرق جسدها

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

ترقد الطفلة سدين أبو دقة على سرير الاستشفاء وقد أجهدتها آلام الحروق التي غطت أجزاء واسعة من جسدها، وسلبت إحدى عينيها.

في تفاصيل الحادثة المروعة كما أوجاع كل أطفال غزة، تقول والدة سدين (10 أعوام)، المنزل الذي يقطنونه تعرض لقصف صاروخي من طائرة مسيرة في 22 يوليو/ تموز الماضي، بينما كانوا يجمعون حاجياتهم لإخلاء المنزل، استجابة لأوامر الإخلاء القسري للمناطق الشرقية من مدينة خان يونس.

وتوضح الأم، أن سدين أصيبت بحروق شديدة في مختلف أنحاء جسدها، وفقدت عينها اليسرى، مناشدة الجهات المختصة تسهيل سفرها للعلاج في الخارج، سيما وأن مشافي غزة تعاني وضعًا صعبًا، جراء الاستهداف الإسرائيلي الممنهج.

وتؤكد أن سدين لا تستطيع المشي إلا بالعلاج الطبيعي، وهي خدمات تتوفر بالحد الأدنى للمرضى في ظل الأعداد الجرحى الكبيرة.

وبينما تصف الأم الوضع في المستشفيات بالكارثي، تعرب عن أملها في أن تغادر طفلتها سرير المرض، وتعود لحيويتها التي عرفت بها عندما تلعب مع أقرانها من الفتيات، مشيرة إلى تقليص المشفى للمحلول العلاجي التي تأخذه عبر الوريد، نظرًا لنفاده من الوزارة بفعل الحصار الذي يفرضه الاحتلال على أنواع معينة من الأدوية والمستلزمات الطبية، وفق تأكيدات منظمة الصحة العالمية وأطباء بلا حدود.

وتشدد الأم على حق طفلها في العيش مثل أطفال العالم، “هي طفلة طموحة جدًا، ومثقفة جدًا، هي تعرف ما جرى معها، وعند سؤالها، تتهرب من الإجابة، لا تريد تصديق ما حدث”.

تحتضن سدين لعبتها المفضلة، وهي تجيب بصوت هادئ عما جرى معها: “فقدت بصري في العين اليسرى، وأتألم منها بشكل قوي، لا أريد من العالم شيء، فقد أريد عيني، ماذا فعلت؟، بدي أرجع أشوف بعيني، وأبطل أتوجع”.

وتضيف أنها تشعر بتنميل في المناطق المصابة بالحروق، وتحاول الالتزام بتعليمات الطبيب بعدم حكها كي لا تحدث مضاعفات غير محمودة.

تحلم سدين بأن تغدو معلمة في المستقبل، وأنها لن تتخلى عن هذا الحلم مهما حدث.

وتزيل الحكيمة، ريم الريس، الملابس الضاغطة التي ترتديها سدين، وتفحص بدقة الندوب التي تغطي ذراعها الأسير وكلتا ساقيها. فقد أصيبت بحروق شديدة من الدرجة الثانية أتلفت 50% من مساحة سطح جلده قبل شهرين، وهي بحاجة لمتابعة حثيثة كي لا تحدث التهابات جلدية مع الرطوبة العالية.

وتلفت إلى أن البروتوكول الطبي يلزم بوضع جرحى الحروق في وسط جوي معتدل، وفي حالة الرطوبة والحرارة العالية في فصل الصيف يتم تشغيل أجهزة التكييف، “لكن هذا غير متاح مع نقص امدادات الوقود، ومحاولة إدارة المشفى تنظيم عملية استخدامه لغرف العمليات الأمر الذي يضع الجرحى تحت معاناة كبيرة”.

ووفق تقارير رسمية فإن أكثر من 25 ألف طفل تعرضوا للقتل أو الإصابة منذ بدء حرب الإبادة على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، الآلاف منهم بترت أطرافهم، أو فقدوا عيونهم.

ووجد تحليل أجرته منظمة الصحة العالمية لأنواع الإصابات الناجمة عن الحرب، أن الإصابات الشديدة في الأطراف، التي يقدر عددها بين 13455 و17550 إصابة، هي العامل الرئيسي الذي يؤدي إلى الحاجة إلى إعادة التأهيل، مشيراً إلى أن العديد من المصابين يعانون من أكثر من إصابة واحدة.

ووفقًا للتقرير، بلغ عدد عمليات بتر الأطراف ما بين 3105 و4050 عملية. وتُسهم الزيادات الكبيرة في إصابات النخاع الشوكي والإصابات الدماغية الرضحية وإصابات الحروق الشديدة في العدد الإجمالي للإصابات التي تُغيِّر مجرى الحياة، ويشمل ذلك عدة آلاف من النساء والأطفال.

ويقول الطبيب ريتشارد بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الأرض الفلسطينية المحتلة، إن هناك زيادة هائلة في احتياجات إعادة التأهيل تحدث بالتزامن مع التدمير المستمر للنظام الصحي.

ويضيف في تقرير نشرته المنظمة بتاريخ 12 سبتمبر/ أيلول الجاري: “لا يستطيع المرضى الحصول على الرعاية التي يحتاجون إليها. وتعاني خدمات إعادة تأهيل الحالات الحادة من تعطل كبير، ولا تتوفر رعاية متخصصة للمصابين بإصابات معقدة، وهو ما يعرض حياة المرضى للخطر. وهناك حاجة ماسة إلى الدعم الفوري والطويل الأجل لتلبية الاحتياجات الهائلة في مجال إعادة التأهيل”، معرباً عن أسفه “لأن جزءا كبيرا من القوى العاملة في مجال إعادة التأهيل في غزة نازحون الآن”.

وتؤكد منظمة أطباء بلا حدود، أن الالتزام بخطة علاج الحروق أمر مهم للغاية، “لكنّه يمثّل تحديًا كبيرًا للجرحى في غزة، حيث يزيد نقص النظافة الصحية بسبب عدم توفر المياه النظيفة والصرف الصحي من خطر العدوى ومقاومة المضادات الحيوية. ويفتقر العديد من مرضانا أيضًا إلى التغذية الجيدة أو يعانون من أمراض مرافقة تؤدّي إلى تأخّر الشفاء”.

وتنبه إلى أن إصابات الحروق تخلف آثارًا نفسية وجسدية طويلة المدى لدى الجرحى، وقد يتطلّب العلاج البقاء لفترة طويلة في المستشفى وأشهرًا من رعاية المتابعة لتجنّب التشوّه، موضحة أن النظام الصحي في غزة يعجز عن تقديم هذا النوع من الرعاية في ظلّ الحرب القائمة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات