الكواد كابتر .. طائرات إسرائيلية مسيّرة لقتل الفلسطينيين وترويعهم

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
من طائرة مسيّرة صغيرة للتصوير والمراقبة، إلى أداة قتل وترويع وإجراء، حوّلت قوات الاحتلال الصهيوني الكواد كابتر، حتى باتت هاجسًا وسلاح قتل مرعب يلاحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وعلى مدار الساعة تتوالى الأخبار العاجلة من قطاع غزة، عن تحليق طائرات كواد كابتر إسرائيلية وإطلاقها النار أو إلقائها قنابل أو إصدارها أوامر تهجير، فضلا عن تحليقها في ساعات الليل وإصدارها الصوات المرعبة لترويع المدنيين.
وطائرات كواد كابتر هي طائرات مسيرة طورتها شركات صناعات عسكرية إسرائيلية بخصائص وميزات تكتيكية مختلفة، وهي رباعية المروحيات وصغيرة الحجم لا يتجاوز قطرها مترًا واحدًا، وهي سهلة البرمجة وتسيّر إلكترونيًا عن بُعد.
وهذا النوع من المسيّرات مزوّد بكاميرات ذات جودة عالية وأدوات تنصت دقيقة جدًا، ويمكنها تنفيذ مهام عسكرية إضافية، مثل إطلاق النار وحمل قنابل، كما أنه تم تصنيع العديد من الطائرات ال مسيّرة الانتحارية.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أكد أنه وثق حالات قتل متزايدة يرتكبها جيش الاحتلال عبر إطلاق نار مباشر وإلقاء قنابل متفجرة من طائرات مسيّرة صغيرة الحجم (كوادكابتر)، في إطار جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.
وأبرز المرصد الأورومتوسطي في بيان له أن الاحتلال يستخدم طائرات كوادكابتر المسيّرة إلكترونيًّا عن بُعد، لأغراض متعددة بدءًا من المراقبة والتجسس، إلى جانب توجيه أوامر التهجير، وترهيب المدنيين عبر إصدار أصوات مزعجة، والأخطر استخدامها كأداة قتل وإيقاع أذى في صفوف الفلسطينيين، إلى جانب استخدامها لإشعال الحرائق في المنازل والمنشآت.
ووفق مصادر فلسطينية؛ يستخدم الاحتلال الكواد كابتر في الدخول للأزقة الضيقة وداخل المنازل، إلى جانب استمراره في قتل الفلسطينيين على نحو واسع من خلال القصف الجوي والمدفعي على المناطق السكنية.
ونشر جيش الاحتلال قبل أيام مقطع فيديو يوثق استخدام هذا النوع من الطائرات في إلقاء قنابل تجاه منازل وأشخاص خلال أعماله الحربية في قطاع غزة.
قتلوها رغم رفعها الراية البيضاء
الفلسطينية “سلاح محمد أحمد عودة” (52 عامًا) واحدة من عشرات الضحايا جراء الاستهداف بإطلاق نار مباشر من طائرات كواد كابتر، واستهدفها الاحتلال في 21 مايو/أيار الماضي، رغم أنها كانت ترفع الراية البيضاء وهي تحاول النزوح من مخيم جباليا، حيث جرى إعدامها أمام أفراد عائلتها.
ويروي شقيقها “نضال” (40 عامًا) -وفق شهادته للأورومتوسطي- تفاصيل الجريمة قائلا: “كان الوقت متأخرًا بتاريخ 20 مايو، قالت شقيقتي” سلاح” إن الأفضل أن نبيت في منزل جيراننا في الشارع الخلفي لمنزلنا في مخيم جباليا الذي جرفته الآليات، ونخرج في اليوم التالي صباحًا. في صباح 21 مايو، اتفقنا على خط السير، آثرت شقيقتي “سلاح” أن تحمل الراية البيضاء وتخرج في مقدمتنا، ونحن جميعنا نتبعها، وكان معنا جارتنا من عائلة “أبو الطرابيش”، كنا قرابة 12 فردًا”.
وأضاف: خرجت شقيقتي، وما أن وصلنا للشارع الرئيس، حتى أطلقت طائرة كواد كابتر النار عليها بشكل مباشر، وأصابتها إصابة مباشرة في رأسها. وجدناها تسقط أمامنا والدماء تملأ رأسها، رجعنا مسرعين نحو المنزل الذي خرجنا منه، وبدأت القذائف المدفعية نحونا بشكل جنوني، لقد كنت آخر من عاد للمنزل من أخوتي، نظرت نحو شقيقتي وجدتها جثة هامدة، كان من الصعب أن أنتشلها لأنها باتت في منتصف الشارع الرئيس، فرجعت للمنزل”.
لم تمضَ سوى ساعتين أو ثلاث، حتى أدخلت قوات الاحتلال طائرة صغيرة وصوّرت من بقي من العائلة قبل أن تقتحم تلك القوات المنزل وسط إطلاق نار عشوائي وأجبرتهم على النزوح ولم تسمح لهم بأخذ جثمان شقيقتهم.
كواد كابتر ..جرائم في حي الزيتون
المسن “فتحي حسان ياسين” (70 عامًا) ضحية أخرى للكواد كابتر، ففي 10 مايو/أيار الماضي، استشهد جراء إطلاق نار من طائرات كواد كابتر في حي الزيتون جنوبي مدينة غزة.
وأفاد نجله “إبراهيم”: “بعد ليلة طويلة لم نستطع النوم فيها بسبب استمرار القصف من الطيران الحربي والقذائف المدفعية بشكل جنوني، اتخذنا قرار الخروج من البيت والنزوح إلى مدرسة نزح إليها عمي. خرجنا الساعة العاشرة صباح هذا اليوم، وقد كان جميع من بالمنطقة يُخليها، وطائرات الكوادكابتر تستهدف النازحين بالإضافة لقذائف المدفعية التي استهدفت نازحين كانوا يتواجدون في مدرسة “شهداء الزيتون” مما أدى لوقوع إصابات. اقتربت طائرة كوادكابتر منا، فهربت أنا وبقي والدي مكانه يحمل فراشه وغطاءه بحثًا عن المكان الآمن، فقامت الطائرة باستهدافه بشكل مباشر بطلق ناري فقتل فورًا، وأنا أُصبت في رأسي”.
كما وثق المرصد الأورومتوسطي استشهاد “إبراهيم عزيز عطالله” في 7 مايو/أيار الماضي، جراء إلقاء طائرة كواد كابتر إسرائيلية قنبلة تجاهه في حي الزيتون جنوب مدينة غزة.
وأفاد “محمد مازن كرم”، ابن خال الضحية: “نحن من سكان منطقة اليرموك، كنت برفقة ابن خالي “إبراهيم عطا الله”، في شارع ما قبل مفترق “دولة” بحي الزيتون عند مسجد صلاح الدين، نبحث عن النحاس والبلاستيك لنبيعه ونعيل أسرنا، حركة الناس كانت طبيعية في المنطقة، عندما مررنا بشارع فرعي اقتربت منا طائرة كوادكابتر، وحذرته بعد أن لاحظتها للهرب والاختباء، ولكن هو ربما لم يسمعني أنادي لكون سمعه ضعيفًا، اتجهت أنا لأختبئ بزاوية وأخبرته أن يختبئ أيضًا.
وتابع: فجأة سمعت صوت انفجار وسمعت صوت “إبراهيم” ينادي فأخبرته أن يختبئ يمينًا حتى يأتي أحد ليسعفنا، وقد رأيته وهو يُستهدف من الكوادكابتر بقنبلة أطلقتها، كان ذلك في الساعة التاسعة صباحًا وقد قتل بعد أن رأيته يتنفس في البداية”.
وروى الشاب “كمال حامد الأسطل” (25 عامًا) -وفق شهادته للأورومتوسطي- كيف أُصيب بفعل طائرة كوادكابتر أطلقت عليه النار ثم قُصف عليه البيت في القرارة شرق خانيونس في 9 مارس/آذار الماضي: “استشهد أخي يوم 8 مارس 2024، جراء قصف إسرائيلي، ولم أستطع سحب جثمانه لدفنه إلا في اليوم التالي، فذهبت الساعة السابعة صباحًا أحضرت جثمانه ونقلته إلى مستشفى شهداء الأقصى وتم تكفينه ودفنه، ثم قررت العودة لتفقد البيت في منطقة القرارة.
وأضاف: بعد أن تفقدت البيت وصعدت لسطح البيت الساعة 12:00 ظهرًا، اقتربت مني طائرة كوادكابتر، هربت منها بسرعة فاقتربت من الشباك وبدأت بإطلاق النار نحوي وعندما حاولت الهروب مجددًا، قام الطيران الحربي بقصف البيت وبقيت ما يقارب الخمس ساعات تحت الركام، وعندما حاولت الخروج وأخرجت ساقي، قصفتني الزنانة بصاروخ ولم يكن هناك أي شخص آخر بالمنطقة حتى جاء رجل وامرأته أخرجوني ونُقلت بعدها إلى مستشفى شهداء الأقصى، وقد كانت الساعة وقتها 5:00 عصرًا. أما طبيعة الإصابة فإن عظم ساقي تفتت ولم يعد موجودًا من الركبة، والعضلات تحتاج للتجميع بالإضافة لحروق في الوجه واليدين”.
أنظمة الطائرات
ووفقًا لتحقيقات أجراها المرصد الأورومتوسطي سابقًا، فإنه يشتبه باستخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي نظام (Smash dragon) من إنتاج شركة (Smart Shooter) الإسرائيلية والذي يمكن تزويده لطائرات مختلفة،Matrice 600، و طائرة (ُThor) من تصنيع شركة (Elbit systems)، وهي طائرات مسيرة متعددة الاستخدامات وعالية القدرة على التحرك، ومصممة للتشغيل على المدى القصير، ويمكن لها أن تحمل حمولات قاتلة أو غير قاتلة، وهي قادرة على أداء مجموعة واسعة من المهمات للقوات الخاصة والعسكرية.
قتل عمدي وترويع
يؤكد الأورومتوسطي أن جيش الاحتلال يستخدم بشكل منهجي طائرات كوادكابتر في تنفيذ عمليات قتل عمدي وإعدام غير قانونية ضد المدنيين الفلسطينيين، خاصة في المناطق التي تشهد توغلات ومداهمات إسرائيلية ثم تتراجع عنها الآليات الإسرائيلية.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنه يجري استخدام هذا النوع من الطائرات أيضًا لترويع الفلسطينيين وبث الرعب لديهم والتأثير سلبًا على صحتهم النفسية، من خلال إصدارها أصوات مرعبة، وتوجيهها أوامر الجنود، فضلًا عن وجودها المستمر في الأجواء.
وحوّل الاحتلال بعض الطائرات المسيّرة التي أُنتجت للاستخدام بالأساس في أغراض التصوير والصناعات المختلفة إلى سلاح جوي استخباري ومن ثم وسيلة للقتل والإعدام خارج نطاق القانون والقضاء مثل طائرات شركة DJI.
استهداف متعمد للمدنيين
وعلى الرغم من أن الطائرات المسيّرة، لا تعد في حد ذاتها من الأسلحة غير القانونية، مثل الأسلحة المحظورة دوليًّا -وفق الأورومتوسطي- إلا أن استخدامها يجب أن يتم وفقًا لقواعد القانون الدولي الإنساني المعمول بها في سياق النزاعات المسلحة، تمامًا مثل أي سلاح آخر يسمح باستخدامه.
ويأتي على رأس هذه القواعد ضمان احترام مبادئ التمييز، والتناسبية، واتخاذ الاحتياطات اللازمة قبل تنفيذ الهجوم العسكري، حسب الأورمتوسطي.
ويشدد الأورومتوسطي على أن الغرض الأساس من استخدام هذه الطائرات المسيرة كأسلحة في النزاعات المسلحة الأخرى كان لمنع أو تقليل وقوع ضحايا مدنيين في الهجمات العسكرية، نظرًا لطبيعة التكنولوجيا المتقدمة المميزة لهذه الطائرات المسيرة، ومزاياها غير المتاحة في أغلب الأسلحة الأخرى، مثل القدرة على الرصد بواسطة الكاميرات والمراقبة في الوقت الحقيقي، والقدرة على التصويب بدقة في الغالب بسبب طبيعة السلاح الذي تحمله، والقدرة على التتبع والتحرك السريع مع الهدف.
وبين أنه مع ذلك، فإن هذه الميزات ذاتها تظهر أيضًا أن إسرائيل تستخدمها بشكل متعمد لاستهداف المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث إن معظم الاستهدافات التي وقعت كانت في مناطق مفتوحة يسهل فيها تمييز المدنيين من المقاتلين. وكانت تلك الطائرات تحلق فوق مناطق الاستهداف لفترات تمكنها من مراقبة وتقييم الأوضاع الميدانية، كما أن معظم حالات القتل التي نفذتها هذه الطائرات كانت باستخدام أعيرة نارية ذات مدى الاستهداف القصير والمباشر.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

القسام تقتل وتجرح عددا من جنود الاحتلال جنوبي القطاع
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قتل وجرح عدد من جنود الاحتلال، بتفجير منزل شرق خانيونس، جنوبي...

الصليب الأحمر: أوامر الإخلاء تزيد من صعوبة تقديم الرعاية الصحية بغزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن التراجع المتسارع في قدرات النظام الصحي في قطاع غزة، في ظل "أوامر الإخلاء"...

الحرس الثوري يدعو سكان تل أبيب للإخلاء وإيران تتوعّد بضربة كبيرة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام أكد الإسعاف الإسرائيلي أن عدد القتلى الإسرائيليين في الهجوم الإيراني الأخير ارتفع إلى 11، والمصابين إلى...

الاحتلال ينفذ حملة قمع شرسة ضد الأسرى داخل السجون
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام نفّذت قوات القمع التابعة لإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، خلال الأيام الماضية، سلسلة اعتداءات وحشية بحق أسرى...

الأورومتوسطي: مؤسسة غزة الإنسانية شريك مباشر في آلة القتل والتجويع الإسرائيلية
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن "مؤسسة غزة الإنسانية" مسؤولة على نحو مباشر عن تصاعد الجرائم الإسرائيلية...

مقتل جندي اسرائيلي بانفجار عبوة ناسفة بغزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن جندياً قتل جندي إسرائيلي في المعارك الدائرة في قطاع غزة. ونقلت وسائل الإعلام...

باكستان: يجب وقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وإيران
إسلام أباد – المركز الفلسطيني للإعلام قال وزير الدفاع الباكستاني خواجه آصف إن العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني توسع ليشمل اليمن والآن إيران....