عاجل

الأحد 10/ديسمبر/2023

العصف المأكول .. معركة باسلة رسمت قواعد اشتباك جديدة مع الاحتلال

العصف المأكول .. معركة باسلة رسمت قواعد اشتباك جديدة مع الاحتلال

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

على مدار 51 يومًا استمرت معركة العصف المأكول ثالث المعارك الكبرى التي خاضها قطاع غزة ضد الاحتلال ونجحت عبرها المقاومة في فرض معادلات جديدة ورسمت خطوطا حمراء وقواعد اشتباك غيرت معالم الصراع في معارك تالية خاضتها ضمن استراتيجية العودة والتحرير.

وجاءت المعركة بعد أحداث كبيرة في أرض الوطن المحتل، بداية بعملية أسر وقتل الجنود الثلاثة في الخليل التي نفذتها كتائب القسام، مروراً بحرق مستوطنين الطفل محمد أبو خضير في القدس، واستهدافه للمقاومين داخل نفق للمقاومة، في يوليو عام 2014، والتي شكلت إرهاصات لمعركة فرضت فيها المقاومة نفسها، وفاجأت العدو بعملياتها النوعية، وكشفت فيها عن أسلحة جديدة.

كسر المعادلات

وشهدت المعركة التي انطلقت في مثل هذا اليوم (7 يوليو 2014) كسر المقاومة لكل المعادلات مع الاحتلال، الذي ظن أنه يمكنه الاستفراد بشعبنا في الضفة والقدس وقطاع غزة، دون رادع، وتميزت بتنوع الأداء العسكري ومفاجآت خلف خطوط العدو، وعمليات أسر الجنود.

وخاضت المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام معركة كانت بمنزلة الجحيم للاحتلال، وسحلت انتصارا سطرته الكتائب بدماء قادتها وجنودها، كما تحدت الكيان بأكمله حينما وجهت ضربة صاروخية لمدينة “تل أبيب” بموعد حدد مسبقاً.

عمليات نوعية

وخلال المعركة نفذت كتائب القسام عمليات نوعية خلف الخطوط والتي كانت بمثابة المفاجأة للعدو الصهيوني بل للعالم أجمع، وسجّلت كتائب القسام صفحات من نور في تاريخ المقاومة للمحتل الصهيوني منذ عام 1948م.

واستعرضت حركة حماس في تقرير عبر موقعها الرسمي محطات مهمة خلال المعركة التي قدمت المقاومة فيها نموذجا فريدا في أسلوب وشكل المعركة، وامتازت فيها بالصبر والحكمة والنفس الطويل والتحكم بمستوى النيران وفرض تكتيكها، وتمرسها في المواجهة يؤكد استخلاصها الدروس والعبر من كل جولة كانت تخوضها مع الاحتلال.

القيادة والسيطرة

ووفق حماس؛ يأتي نجاح منظومة القيادة والسيطرة في معركة العصف المأكول، للدور الكبير للقائد الشهيد رائد العطار، حيث استطاع سلاح الاتصالات الذي كان يقوده إنشاء بنية تحتية لقيادة وسيطرة آمنة، بعيدة عن قدرات العدو التقنية، وكان المجلس العسكري بمنزلة هيئة أركان حرب منعقدة يدير جميع شؤون المعركة.

وأدارت قيادة الكتائب من خلال المنظومة كل السيناريوهات المحتملة بما فيها الأكثر صعوبة وتعقيداً، ووضعت الخطط وجهزت الميدان وأعدت المجاهدين وفقا لذلك؛ ما مكن الوحدات والصنوف المختلفة من القيام بمهامها الدفاعية والهجومية على حدٍ سواء في البر والبحر والجو، فوق الأرض وتحت الأرض.

ضرب المدن الكبرى

فرضت المقاومة في العصف المأكول، سياسة ضرب المدن الكبري في العمق الصهيوني بالصواريخ ولا تزال ترسخها في كل معركة، فكانت مدن المركز من تل أبيب ومحيطها تحت الرشقات الصاروخية الثقيلة، كما في معركة حجارة السجيل التي سبقتها ومعركة سيف القدس التي تلتها استهدفت فيها مدن العمق.

واستكملت المقاومة المعادلة التي رسمتها في حجارة السجيل، بقصف تل أبيب بصاروخ M75، حين قطعت القناة الإسرائيلية الثانية بثها وأذاعت خبرا مفاده “نأسف لقد قصفت تل أبيب”، إلى جانب قصفها خلال العصف المأكول لأول مرة بصواريخ من طراز j80 “محلية الصنع”.

حرب الأعصاب

مارست المقاومة على العدو حرب الأعصاب خلال معركة العصف المأكول، وجعلت حياة الصهاينة جحيماً، وأعلنت أنها ستقصف “تل أبيب” بصواريخ j80 في تمام الساعة التاسعة من مساء الثاني عشر من يوليو 2014، ودعت وسائل الإعلام لتوثيق الضربة الصاروخية ونقلتها من خلال البث المباشر عبر شاشات التلفاز دون أن يتمكن جيش الاحتلال من اعتراضها.

الأسلوب نفسه انتهجته المقاومة في سيف القدس، وأحدثت هزة في جبهة الكيان الداخلية، وبعد أن استهدف العدو الأبراج في قطاع غزة، طالبت القسام سكان “تل أبيب” ومدن المركز بأن يقفوا على رجلٍ واحدة وينتظروا ردها المزلزل، وبعد ساعات من القرار أمر قائد هيئة الأركان أبو خالد محمد الضيف برفع حظر التجول عن تل أبيب ومحيطها لمدة ساعتين، من الساعة العاشرة وحتى الساعة الثانية عشرة ليلاً، ومع انقضاء المهلة وجهت المقاومة ضربةً صاروخيةً كبيرةً لتل أبيب.

النفس الطويل

فاجأت المقاومة العدو بالنفس الطويل في إدارة المعركة، وسطرت خلال 51 يوما حكاية صمود أسطوري، وأكدت للعدو أنها أعدت نفسها لمعركة طويلة قرأ العدو بعض فصولها وخفيت عنه فصول أخرى.

وفي المعركة هددت العدو أنه ما لم يستجب لمطالبها، فإنها ستدخله في حرب استنزاف طويلة تشل فيها الحياة في مدنه الكبرى وتعطيل الحركة في مطار بن غوريون لأشهر طويلة، وستكبده في اقتصاده دمارا كبيرا.

القصف بالقصف

رسخت المقاومة خلال معركة العصف المأكول معادلة “القصف بالقصف”، وكسرت هيبة الاحتلال، فكان ردها حاضرا وفوريا على قصف الاحتلال لمنازل الموطنين أو مقدراتهم في قطاع غزة.

وثبتت المقاومة المعادلة نفسها في المعارك والمواجهات اللاحقة، فكانت السياسة ذاتها “القصف بالقصف” في سيف القدس، وربطت أي تلويح أو قصف لبرج مدني في غزة برشقات صاروخية على تل أبيب وعسقلان وأسدود، وردت على كل مجزرة ارتكبها الاحتلال ضد المدنيين بالقصف، وإن زاد العدو من قصفه في القطاع زادت المقاومة من رشقات صواريخها ووسعت بقعة الاستهداف.

معادلة أسر الجنود

كما رسخت المقاومة في العصف المأكول، معادلة أسر الجنود الصهاينة، فأحكمت قبضة مجاهديها على الجنديين شاؤول أورون وهدار غولدين، وذلك انطلاقا من التزامها بثوابت شعبنا تجاه “قضية الأسرى” والعمل على تحريرهم.

وفي سيف القدس سارت المقاومة على ذات الدرب من أجل الأسرى، فحاولت كتائب القسام تنفيذ عملية أسر جنود صهاينة لإرغام الاحتلال على صفقة تبادل أسرى، لكن المجموعة المكلفة بالعملية استشهدت خلال مراحل تنفيذ العملية في استهداف الاحتلال لنفق في مدينة خان يونس شرق جنوب قطاع غزة.

وكما كل معركة، تكتب المقاومة فصولا ومعادلات جديدة، وتجعل من مزاعم استعادة الردع الذي يسعى إليه العدو وهما كبيرا، وفي سبيل تثبيت المعادلات لا تزال تعظم من قدراتها، وتواصل معركة الإعداد والتجهيز، وما المعادلات التي تكتبها إلا خطوة تتلوها خطوة تثبت بها أقدامها على طريق العودة والتحرير.

حصاد القسام

نفذت كتائب القسام العشرات من عمليات الصد والاستدراج للقوات الصهيونية خلال الالتحام البري، منها 22 عملية قنص، استهداف 91 آلية، إطلاق 57 قذيفة مضادة للدروع، تفجير 28 عبوة، 38 اشتباك مسلح، إطلاق 11 صاروخ موجه.

وأطلقت كتائب القسام خلال أيام معركة (العصف المأكول)، 3621 قذيفة صاروخية، ثمانية صواريخ باتجاه حيفا، و(تل أبيب) بـ109 صواريخ، والقدس المحتلة بـ19 صاروخا، وديمونا بـ12 صاروخ، إضافة لمئات الصواريخ التي طالت المغتصبات والمواقع المحاذية للقطاع.

وشمل بنك الأهداف، قواعد عسكرية، ومطارات عسكرية، ومواقع عسكرية، ومواقع في مدن كبرى كحيفا والقدس و”تل أبيب” وديمونا، ومطار بن غوريون، واللد والرملة وهرتزليا وريشون ليتسيون وأسدود ، وصولا إلى مناطق البحر الميت وحتى بئر السبع.

وقُتل خلال المعركة 70 صهيونياً بينهم 64 جنود، وأصيب أكثر من 1620 صهيونيًا، 322 خرجوا من الحرب بإعاقة، فيما سجل هروب 292 جندي صهيوني من الخدمة العسكرية خلال معركة فيما أصيب 3000 جندي بصدمات نفسية.

وبلغت خسائر العدو الاقتصادية أكثر من 9 مليار شيكل في كافة القطاعات والمنشآت التي تعطلت خلال 51 يوماً من الحرب.

كما ارتقى 2147 شهيداً منهم 530 طفل و302 امرأة، بالإضافة إلى آلاف الجرحى جراء الغارات الصهيونية على كامل قطاع غزة، ودمّر الطائرات الصهيونية مئات المنازل المدنية.

في 26/09/2014م انتهت معركة العصف المأكول بانتصار المقاومة، واندحار العدو من المناطق التي تغول فيها دون أن يحقق أيًّا من أهدافه التي أعلنها في بداية المعركة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات