الجمعة 19/أبريل/2024

الجريمة في الداخل المحتل.. حرب يسعّر نارها الاحتلال وأهدافه مكشوفة

الجريمة في الداخل المحتل.. حرب يسعّر نارها الاحتلال وأهدافه مكشوفة

الداخل المحتل – المركز الفلسطيني للإعلام
لم يكتف الاحتلال الصهيوني بقتل الفلسطينيين وتشريدهم من أرضهم وديارهم، وحشرهم في مناطق محددة وضيقة في الداخل الفلسطيني المحتل، لكنه وبعد فشله في سلخهم عن هويتهم وشعبهم، لجأ إلى سياسة التدمير الداخلي.

المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل عام 1948، وبعد أن نجح في الحفاظ على هويته الوطنية، رغم محاولات التهويد والأسرلة والتغريب، يتعرض اليوم لحملة جريمة منظمة تقودها عصابات مسلحة وتتحرك دون رادع أو محاسب.

ومع ارتفاع أعداد القتلى في الداخل المحتل، نتيجة تفشي الجريمة الداخلية، تشير أصابع الاتهام بشكل لا شك فيه، لمؤسسات الاحتلال التي تعمل على تذكية هذه الجرائم، ودعم العصابات المسلحة.

ورغم الدعوات المتكررة من القيادات الفلسطينية في الداخل لشرطة الاحتلال بمواجهة هذه العصابات؛ إلّا أن دعواتها لم تجد أي صدى، في ظل التأكيد على وجود شخصيات يهودية تعمل مع هذه العصابات وتدعمها، وهي مقربة من قيادة وزارة الحرب ومخابرات الاحتلال.

أرقام متصاعدة

وخلال الشهور الأربعة الأولى من العام الجاري 2023، وبعد تولي إيتمار بن غفير وزارة “الأمن القومي”، ازدادت أعداد القتلى بفعل الجرائم المرتكبة في صفوف الإسرائيليين والفلسطينيين بالداخل، وذلك مقارنةً بالفترة المماثلة من العام الماضي.

وبلغ عدد قتلى الجرائم هذا العام 78، مقارنة بـ 34 في الفترة المماثلة من العام الماضي، وفق ما أوردته صحيفة “هآرتس” العبرية، معتبرة الرقم المسجل هو الأعلى منذ عدة عقود، مشيرة إلى أنه قد يصل العدد الإجمالي مع نهاية العام إلى 230 ضحية.

وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإنه تم حل لغز 3 جرائم قتل فقط من تلك التي ارتكبت في أوساط فلسطينيي الداخل، مشيرةً إلى أن معظم جرائم القتل ارتكبت بحق أشخاص معروفين للشرطة الإسرائيلية، ما يشير إلى تعزيز عمليات المنظمات الإجرامية في الوسط الفلسطيني بالداخل.

وشهد الفلسطينيون بالداخل نحو 70 جريمة قتل منذ بداية العام وحتى 6 مايو/ أيار الجاري، من بينها 62 جريمة إطلاق نار، وهو يزيد عن ضعف ما تم تسجيله من جرائم خلال الفترة ذاتها من عام 2022، حيث قتل آنذاك 26 فلسطينيًا.

ووفقاً لإحصائيات متفرقة، فإن 67 فلسطينياً قتلوا في الداخل خلال عام 2017، بينما شهد عام 2018 مقتل 58 شخصاً بينهم 13 امرأة، وفي العام 2019 قتل 93 فلسطينيًا بينهم 11 امرأة، في حين قُتل 99 مواطناً بينهم 16 امرأة في سلسلة جرائم قتل شهدها العام 2020.

وشهد عام 2021 مقتل 127 مواطناً في الداخل، وفي 2022 قتل 109 مواطنين بينهم 12 سيدة.

وبيّن تقرير إحصائيّ أصدرته جمعية “الشباب العرب- بلدنا”، أن 58% من الضحايا الذين قُتِلوا عام 2022 بجرائم قتل ارتُكبت في المجتمع الفلسطيني بالداخل المحتل هم شبّان لم تزد أعمارهم عن 30 عاما.

سياسيون فلسطينيون بـالداخل، أكدّوا لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ هذه الجرائم تحمل أهدافاً سياسية لعل أبرزها محاولة دفع الفلسطينيين للهجرة، وجعل مناطقهم غير صالحة للعيش، فلا يجدون مفراً سوى الرجيل طوعاً.

حرب صامتة

المحلل السياسي بالداخل المحتل إبراهيم أبو جابر، قال إن 70 شخصًا من فلسطينيي الداخل، قتلوا منذ بداية العام الجاري، على خلفية الجريمة الداخلية.

وأوضح أبو جابر لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن هذه الإحصائية هي الـأكبر والأفظع منذ سنوات، موضحا أن السبب فيها زيادة الصراع بين عصابات الإجرام بالداخل في الهيمنة والسيطرة على مناطق النفوذ والسوق.

وأكدّ أن 8 عصابات إجرامية عربية، تتشارك مع عصابات يهودية، تعمل في تجارة السموم والسلاح والخاوة، والإقراض مقابل أموال طائلة، ثم السيطرة على ممتلكات المودعين، إضافة للخاوة التي تفرضها على شركات كبيرة بمئات آلاف الشواقل شهريا.

وذكر أبو جابر أن المؤسسة الرسمية للاحتلال لها يد في إشعال الفتنة بين هذه العصابات، التي تتركز جرائمها في الجليل وشمال المثلث والنقب أيضا.

وبين أن العنف والقتل بات شيئا طبيعيا، وأشبه بالحرب الاهلية غير المعلنة بين فلسطينيي الداخل، مشيرا لعدم وجود تأثير للمؤسسات العربية تحديدا لمحاصرة هذه الظواهر.

ومقابل العدد الكبير من القتلى الفلسطينيين، لم يتجاوز عدد قتلى الاحتلال على هذه الخلفية 10 أشخاص، أي نسبة الجريمة في الوسط الفلسطيني تفوق 6 أضعافها لدى جمهور الاحتلال.

وبيّن أبو جابر أن جماعات الإجرام تستغل حالة الفقر في الوسط البدوي والقروي الفلسطيني، وتبحث عن الربح السريع المتمثل بالحصول على الخاوة.

الاحتلال المتهم الأول

من جهته، قال المحلل السياسي نظير مجلي، إنّ هذه القضية تتحمل مسؤوليتها بشكل مباشر السلطات الإسرائيلية؛ لأنها لم تعالج القضية ولم تقم بواجباتها المناط بها.

وأوضح مجلي لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن كل الدلائل تشير لتقصير الشرطة الإسرائيلية في مواجهة الظاهرة، خاصة في مواجهة جماعات الجريمة، وقال: “واضح أنّ المؤسسة العسكرية بعد فشلها في تمزيق المجتمع الفلسطيني سياسيا وعرقيا، ذهبت لتشجيع العنف في داخلنا”.

وأكدّ أن ذلك لا يعفي المجتمع الفلسطيني بالداخل من المسؤولية، “فهي جرائم مصنوعة بالداخل، ويجب أن تواجه فلسطينيا، عبر منع تنفيذ مخطط الاحتلال، ورفع منسوب القيم المجتمعية الأخلاقية”.

النكبة الأكبر

من جهته، وصف رئيس مركز أمان لمكافحة العنف كامل ريان، ما يعيشه فلسطينيو الداخل من أحداث عنف بـ”النكبة الأكبر”، ‏إذ يشير إلى مقتل قرابة 1800 فلسطيني منذ العام 2000 نتيجة تفشي ظاهرة العنف والجريمة.

وأوضح ريان لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن ‏المجتمع العربي في الداخل المحتل يشهد سنويا قرابة 35 ألف حالة إطلاق نار على المنازل والمؤسسات والمرافق العامة.‏

وذكر ريان أن الأخطر يتمثل في انتشار العصابات، “وهي تعمل على إرهاب المواطنين وانتزاع ‏أموالهم بالإجبار، كاشفاً أن عصابة من هذه العصابات يبلغ عدد أفرادها قرابة 200 شخص مسلحين ‏بكامل عتادهم.‏

وبين أن هذه العصابات باتت تتفوق على شرطة الاحتلال في بعض الأحيان إلكترونيا.

ويشير إلى أن الاحتلال لم يكن يرغب في البداية بمواجهتها رغم قدرته على ذلك؛ لكن ‏الأمر السوم أصبح أكثر تعقيدا وصعوبة.‏

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات