الخميس 18/أبريل/2024

فلسطينيو سوريا.. الزلزال والفقر يعكران صفو رمضان

فلسطينيو سوريا.. الزلزال والفقر يعكران صفو رمضان

دمشق – المركز الفلسطيني للإعلام

فلسطينيو سوريا يعيشون رمضانًا آخر، وسط ظروف تكاد هي الأسوأ على الإطلاق من الناحية المعيشية منذ الأزمة السورية التي اندلعت قبل 12 عامًا، وسط تدهور قيمة العملة المحلية، وارتفاع نسب الفقر.

وما زاد الأوضاع قهرًا وسوءًا، هو الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا في السادس من فبراير الماضي، والذي أدى لوفاة 67 فلسطينيًّا، إضافة لمآس لا توصف.

انعدام القدرة الشرائية

أبو أحمد من مخيم خان دونون يقول إن رمضان هذا العام هو الأقسى على الإطلاق، وسط فقدان العملة السورية لقيمتها، مع إنعدام القدرة الشرائية وارتفاع رهيب في الأسواق.

وأشار إلى أن اللاجئين الفلسطينيين وغيرهم يقاسون الأسعار المرتفعة، مؤكدًا أن لا شيء مدعوم في الأسواق.

ويضرب اللاجئ مثالاً حول تكلفة طبق “شوربة العدس” وهو من الأطباق الأساسية لديهم في المنزل على الموائد الرمضانية، باتت تكلفته أكثر من 10 آلاف ليرة سورية “في حال توفرت مكوناته”.

ويوضح اللاجئ الفلسطيني: إنّ سعر نصف كيلو العدس صار 5 الاف ليرة سورية، فيما يسجل البصل ارتفاعاً غير مسبوقاً في سعره، وبلغ سعر الكيلو غرام الواحد نحو 6500 ليرة سورية، وهو من المواد الأساسية التي تدخل في تكوين طبق الشوربة.

ويطالب الجهات المعنية وعلى رأسها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” بالتدخل لوضع حد للتدهور الحاد في معيشتهم.

ويوجد في سوريا ما يزيد على 13 مخيماً للاجئين الفلسطينيين، بعضها رسمي والآخر غير رسمي، ويقدر عدد الفلسطينيين فيها بأكثر من نصف مليون نسمة، هجر منهم نحو 280 ألف لاجئ إلى خارج الحدود.

اقرأ أيضا.. فلسطينيو سوريا بـ2022.. مآسٍ كبيرة وآمال مرتقبة

حوالات المغتربين

إحدى اللاجئات المهجرات من مخيم اليرموك وتقطن حالياً بمنطقة ركن الدين في دمشق “أم علي شعبان” أكدت، أنّ الحياة في سوريا غير ممكنة، دون تحويلات الأقارب المغتربين، أو مساعدة الجمعيات الاغاثية ووكالة “أونروا” التي دائما ما تتهم بالتقصير.

وأشارت اللاجئة وهي ربة أسرة مكونة من 4 اشخاص، أنّ لولا تحويلات تأتيها من أشقائها المغتربين في أوروبا، لما استطاعت توفير أدنى مقومات الصمود المعيشي، لافتةً إلى أنّ الأسرة المكونة من 4 اشخاص كي تتدبر أكلها وشربها، تحتاج على الأقل لمبلغ مليون ونصف المليون ليرة سوريّة.

تقديرات اللاجئة الفلسطينية للمبلغ المطلوب لتأمين الحد الأدنى معيشياً، أدني بكثير مما حددته دراسات حول متوسط المعيشة في سوريا، ما يشير إلى أنّ تحديد الأهالي لاحتياجاتهم الغذائية متواضعة، نظراً لما تحتاجه متطلبات الاكتفاء.

المبادرات والحملات

ولمواجهة التدهور المعيشي، لا يجد اللاجئون الفلسطينيون سوى المبادرات المحلية التعاضدية التي توفر للعديد من الأسر الفقيرة بعض المتطلبات الرمضانية، فيما يبقى التعويل الأكبر على المغتربين، سواء لدعم أقاربهم واسرهم بشكل مباشر، أو مشاركتهم في دعم المبادرات المحليّة.

وأطلق لاجئون في مخيم خان دنون مبادرة ” سلّة رمضان الخير” وتقوم على جمع كميّات من المواد الغذائيّة المتنوعّة، وحث أبناء المخيّم على وضع كميّة قليلة مما عنده من مواد وخضار لصالح المبادرة، بغية توزيعها على العائلات الفقيرة.

والمبادرة، هي تقليد سنوي في المخيم بات معمولاً به منذ العام 2020، بعد ارتفاع معدلات الفقر وسياسات رفع الأسعار، وما خلفته سياسات الاغلاق وتوقف الاعمال جراء جائحة “كورونا” حينذاك. لتصبح مبادرة سنوية خصوصاً خلال شهر رمضان.

الناشط من أبناء المخيم هادي حلاوة، حثّ أهالي المخيم على التفاعل مع المبادرة هذا العام، نظراً لأهميتها في دعم العائلات.

وشددأن تنظيم المبادرة يقوم على جهود فردية من قبل نشطاء في المخيم. وتقوم على جمع ما يمكن جمعه يومياُ من خضار ومواد غذائية، لتوزيعها على العائلات واعالتهم لتأمين ما يمكن تأمينه على موائدهم خلال شهر رمضان.

وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا قد خذلت الفلسطينيين في سوريا، قبل حلول شهر رمضان، حين أغلقت إمكانية تحقيق مطالبهم في توفير دعم مالي وغذائي شهري، يتصدى للحالة المعيشية المتدهورة في البلاد.

 وبلغت فيه نسب الفقر في صفوف الفلسطينيين في سوريا عتبة 90 % حسبما أشار المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني في تصريحات سابقة، وهو ما يزيد الطلب على الإغاثة. في وقت لا تغطي مداخيل معظم اللاجئين الفلسطينيين، المعيار الدولي للفقر المطلق.

اقرأ أيضا.. الزلزال المدمر.. أوضاع كارثية في المخيمات الفلسطينية شمال سوريا

الزلزال المدمر

وما يميز رمضان فلسطينيي سوريا هذا العام، هو ظلال الزلزال المدمر الذي أثر على حياة الملايين في الشمال السوري والجنوب التركي.

وضرب الزلزال يوم 6 شباط/ فبراير 10 مناطق على الأراضي التركيّة يعيش فيها قرابة 850 عائلة فلسطينيّة، أي ما يقارب 4500 فلسطيني. بحسب أرقام صدرت عن سفارة السلطة الفلسطينية في تركيا، أفاد بها السفير فائد مصطفى.

ويذكر، أنّ 57 ألف لاجئ فلسطيني تضرروا من الزلزال في مناطق حلب واللاذقية، بحسب أرقام أعلنتها وكالة أونروا في نداء طارئ أطلقته لإغاثة ضحايا الكارثة، فيما أشارت إلى أنّ 90% من اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات النيرب وحندرات في حلب، الرمل في اللاذقية، وحماة، بحاجة إلى المساعدة بسبب الزلزال.

وأشارت تقارير رسمية إلى وفاة 67 فلسطينيًّا إثر الزلزال المدمر، ورصد “المركز الفلسطيني للإعلام” الحال في المخيمات الفلسطينية لمتضرري الزلزال في أول أيام شهر رمضان، من سكان مدينة جندريس الذين نجوا من الزلزال.

تقول عائشة: “دقيقة واحدة قلبت حياتنا رأسا على عقب، ولم أتخيل يوما أن أبيت في خيمة، فمنذ تهجيرنا من مخيم اليرموك ( للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق) قبل خمس سنوات، أقمنا في مدينة جنديرس”.

وتضيف “لا نزال نعيش صدمة الزلزال؛ وأحيانا أشعر وكأني في كابوس أتمنى أن أصحو منه”.

وتابعت: “كنا نعد الأيام والليالي بانتظار شهر رمضان المبارك، ونستذكر رمضان في السنوات الأخيرة، التي كانت رغم صعوبتها، مليئة بالأحداث والذكريات الجميلة، خاصة بعد وصول الكهرباء من تركيا؛ والتي غيرت حياتنا للأفضل”.

تتوقف عائشةعن سرد تلك الذكريات الحالمة، وتطوف بنظراتها في خيمة صغيرة خاوية من تفاصيل الحياة، حصيرة على الطين الرطب، وبضع فرشات فوق بعضها لصغر المكان، وطرد قديم ممزق قدمته إحدى المنظمات الإغاثية.

وتقول: “كما ترى فقدنا كل شيء، كنا نقيم في منزل بثلاث غرف أنا وزوجي وبناتي الأربع، واليوم حشرنا في هذه الخيمة، ولا أعرف كيف سيمر علينا رمضان هذه السنة، كيف سأطهو طعام الإفطار، وكيف سأعد السحور، أتخيل كيف كان أطفالي يتهافتون على شراب التمر الهندي المثلج على الإفطار، أم أننا سننتظر السلة الإغاثية لنعيش”.

وتشير إلى اللاجئين في الخيام يعتمدون بشكل أساسي في شهر رمضان على ما يقدم لهم من المنظمات المحلية والدولية الإغاثية، مؤكدة أنها بالكاد تلبي احتياجاتهم الأساسية.

ووصفت الحياة في رمضان داخل الخيام، بالجحيم، مؤكدة أنها بانتظار العودة إلى منزلها في جنديرس.

وتشير إلى أن الناس في الخيام ينتظرون مساعدات من منظمات محلية، ودولية، تقدم لهم وهي عبارة عن مواد عينية ونقدية.


الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات