الجمعة 19/أبريل/2024

التقارب السعودي الإيراني.. مكاسب للقضية الفلسطينية وتحولات إقليمية

التقارب السعودي الإيراني.. مكاسب للقضية الفلسطينية وتحولات إقليمية

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
ما يمكن أن يطلق عليها المصالحة السعودية الإيرانية، أو ما اصطلح على تسميته سياسياً باستئناف العلاقات بين البلدين، لم يكن أمراً عابراً، فقد سالت لأجل فهمه وتحليل دوافعه ومستقبله ومكاسبه وخسائره للأطراف المختلفة الكثير من الحبر.

فلسطينياً وجد الاتفاق ترحيباً من الأقطاب المختلفة ابتداء بالرئاسة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية بما فيها حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”.

“حماس” رأتها خطوة مهمَّة على طريق توحيد صفوف الأمَّة، وتعزيز الأمن والتفاهم بين الدول العربية والإسلامية، وتحقيق الاستقرار في المنطقة وتصبّ في صالح القضية الفلسطينية، ودعم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال وعدوانه المتواصل.

فيما أكدت حركة الجهاد الإسلامي أن الاتفاق خطوة مهمة وكبيرة في الاتجاه الصحيح، عادة تخفيف حدة التوترات بالمنطقة خدمة لمصالح شعوب ودول العالم العربي والإسلامي، معبرة عن أملها أن يكون للاتفاق بين البلدين المسلمين مردوداً إيجابياً على القضية الفلسطينية.

أما الإعلام الصهيوني، فعكس بدوره حالة التشاؤم من الاتفاق، والرفض لمخرجاته ومآلاته، حيث وصفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية الاتفاق، بأنه “بصقة في وجه إسرائيل”، وضربة قاسية لجهود نتنياهو لتوسيع اتفاقات التطبيع.

فما الذي يقلق الاحتلال، وما الذي يمكن أن يتغير؟ وكيف يمكن أن يخدم القضية الفلسطينية؟

انزعاج وتخوفات صهيونية

الباحث في الشؤون الصهيونية أيمن الرفاتي، يؤكد أن الاتفاق والتقارب الإيراني السعودي أزعج الاحتلال الصهيوني بشكل كبير، مبيناً أن الاحتلال ينظر إليه على أنه تراجع في سياسة التطبيع والتقارب مع السعودية والتي كانت الهدف الأول للحكومة الجديدة بقيادة نتنياهو، وفق قوله.

وبين، في حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”، أن هذا الاتفاق وفق الرؤية الصهيونية سيضر بمصالح (إسرائيل)، في ظل رغبتها الدائمة بعزل الدول العربية عن محيطها العربي والإسلامي، أو أي ارتباط بالقضية الفلسطينية.

ويرى “الرفاتي”، أن التقارب الإيراني السعودي سيعقد ويؤثر بشكل استراتيجي على الحسابات الإسرائيلية الخاصة بضرب إيران، خصوصاً أن هذا الاتفاق سيخرج الدول الخليجية من حالة الابتزاز الأمريكي والإسرائيلي بالتخويف الدائم من إيران وتصويرها العدو الوحيد والخطر الأكبر عليها.

ويتفق مع ذلك الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو ، الذي يؤكد أن الرفض الإسرائيلي لهذا التحول، يرجع لأن هذا الاتفاق يضرب في العمق خطة الاحتلال في استخدام الفزاعة الإيرانية كمدخل للوصول إلى شواطئ الخليج، وفرض نفسه كطرف مهم أمنيا وعسكريا في مواجهة ايران ضمن شعار العدو المشترك.

وشدد “سويرجو” في حديث خاص مع “المركز الفلسطيني للإعلام”، أن هذا لم يعد قائما، وأن مبرر استمرار اختراق الاحتلال للمجتمع العربي لم يعد موجودا.

وعلاوة على ذلك، أشار “الرفاتي” إلى تخوفات إسرائيلية أخرى بحصول تقارب بين دول خليجية أخرى مع إيران، ما يعني بالضرورة تراجع التطبيع بين (إسرائيل) والدول الخليجية.

وقال إن هذا التقارب سيؤدي إلى تراجع الضغط الأمريكي والإسرائيلي على السعودية لتطبيع العلاقات، وسيعطي السعودية دوراً إقليمياً أكبر وإمكانية لمكاسب سياسية وعسكرية حرمت منها على مدار السنوات الماضية.

وشدد “الرفاتي” أن الاتفاق الإيراني السعودي سيؤدي إلى تعزيز الموقف من القضية الفلسطينية، حيث أنه سينهي بشكل تلقائي ما وصفه بـ”الاشتراطات السعودية” لعودة العلاقات مع بعض الفصائل الفلسطينية وخاصة حركة “حماس”، بقطع علاقتها مع إيران.

ويرى أن “حماس” وفصائل أخرى ربما تستغل هذا التقارب؛ لتحسين العلاقات مع السعودية وإنهاء حالة الخلاف التي سادت خلال الفترة الماضية.

عالم جديد وتراجع أمريكي

الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو، يرى أن الاتفاق الإيراني السعودي يساهم بشكل دراماتيكي في رسم العالم الجديد الذي سيأتي على حساب الهيمنة الأمريكية على المنطقة، وتراجع الولايات المتحدة إلى مواقع جديدة لا تسمح لها بالتفرد برسم الخارطة الجيوسياسية القديمة التي استندت على قوتها الاقتصادية و العسكرية الآخذة بالتراجع أمام قوى اقتصادية جديدة صاعدة، وفق تعبيره.

ويشير، إلى أن هذا التقارب جاء بواسطة وضمانات صينية، ما يعني وفق تقديراته، أنها ستضرب بشكل تدريجي اتفاقية “البيترودولار”، التي ربطت حصريا تسويق النفط العالمي بعملة الدولار.

وأكد أن هذا التحول سيكون له مفاعيل مهمة على مسار القضية الفلسطينية، من ناحية تراجع عملية الاستقطاب المستمرة في الساحة الفلسطينية، وتضييق هوامش الخلافات الداخلية الفلسطينية، وتراجع وتيرة التطبيع التي أضرت بشكل كبير بالقضية الفلسطينية.

ويرى أن ذلك سيدفع الولايات المتحدة في اتجاه تغيير سياستها بالمعنى النسبي مع قضايا المنطقة للحفاظ على ما تبقى لها من مصالح.

والحقيقة الواضحة أن التقارب سيكون له ما بعده، ويبدو أنه أعاد بعثرة كثير من الأوراق على الساحة الإقليمية والعالمية، ما يجعل الساحة الإقليمية والعالمية مفتوحة على كثير من الاحتمالات، لكن المؤكد أن القضية الفلسطينية ستتأثر حتماً بالتداعيات والنتائج المترتبة على هذه الخطوة وما يمكن أن يليها من مواقف وخطوات.. والزمان وحده كفيل بإيضاح المآلات.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات