الثلاثاء 16/أبريل/2024

كيف يتصدى الفلسطينيون لتطرف حكومة نتنياهو؟

كيف يتصدى الفلسطينيون لتطرف حكومة نتنياهو؟

لا يختلف اثنان على خطورة تطرف حكومة “نتنياهو” في حياة الفلسطيني اليومية وحقوقه الوطنية والإنسانية. ميزان القوى الراجح لكفة الاحتلال سياسيًّا وعسكريًّا لن يجبر الفلسطيني في سياق تصاعد الاستيطان والعدوان والتهويد على التسليم بواقع الاحتلال.

السؤال الأهم: كيف يتصدى الفلسطيني وأنصار القضية الفلسطينية لعدوان حكومة متطرفة؟ يمتلك الفلسطينيون سجلاً دسماً من أوراق إدانة قادة “إسرائيل” في ساحات القضاء الدولي لكن الانقسام والبون في البرامج تسبب في عدم إحراز هدف في هذه اللعبة حتى الآن.

كفلت القوانين والشرائع الدولية حق مقاومة المحتل ويمارس الفلسطيني أشكال المقاومة الشعبية كافة لكنها لم تتطور لتكون جامعة وشاملة تؤثر في ميزان الصراع وتكبح جماح حكومة متطرفة تتخطى الآن الخطوط الحمراء كافة.

ويجمع مراقبون للمشهد السياسي والميداني الفلسطيني على أهمية توحيد الموقف الفلسطيني الشعبي والرسمي والوطني وضرورة تجديد الخطاب نحو المجتمع الدولي وحتى المجتمع الإسرائيلي الذي تحبو فيه معارضة خجولة تحت سطوة اليمين المتطرف.

الفارق في ميزان القوة العسكرية والسياسية يوفر لحكومة الاحتلال قوة ليست مطلقة والفلسطينيون أصحاب الحق يمتلكون كثيرًا من الأدوات لمقاومة وكشف عدوان الاحتلال ينقصها التنسيق الكامل والتركيز الممنهج على نقاط ضعف الاحتلال في إطار هيمنة اليمين المتطرف على المشهد الإسرائيلي.

واقع خطير

ما يجرى على الساحة الإسرائيلية تجاوز المعتاد فلسطينيًّا فيما يتعلق بتاريخ وبرامج الصراع؛ لأن الفلسطيني لا يواجه احتلالًا فقط بل وجد نفسه مع حكومة “نتنياهو” أمام حكومة عنصرية فاشية.

ويؤكد سليمان بشارات -مدير مركز يبوس للاستشارات والدراسات الإستراتيجية- أن المطلوب فلسطينيًّا لمواجهة برامج حكومة “نتنياهو” المتطرفة يتجسد في ثلاثة مستويات؛ أولها وحدة موقف فلسطيني ترفض برامج حكومة الاحتلال وشروطها على الأرض دون الاستسلام للتهديدات.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“:” يجب ألا نسلم لمخطط الاحتلال الذي يهدد بخصم أموال المقاصة من أموال السلطة وسحب الامتيازات وهذا يتطلب موقفًا سياسيًّا واضحًا من قيادة السلطة والقوى والفصائل والمستوى الثالث من المجتمع المدني والأهلي؛ حتى لا يصيب الفلسطينيين ضعف في التصدي”.

ثمة ساحة أخرى تقلق الاحتلال على المستوى القانوني والأخلاقي هي الساحة الدولية التي تضغط فيها “إسرائيل” مؤخراً من أجل ثني الفلسطينيين للتراجع في ملفات ملاحقة الاحتلال في ساحات القضاء والمحاكم الدولية وأي تراجع فلسطيني في هذا المضمار سيشكل قوة لحكومة الاحتلال لتستمر في عدوانها.

ويرى الخبير بشارات أن الدبلوماسية الرسمية الفلسطينية ضعفت في الآونة الأخيرة في إعادة بناء قاعدة دبلوماسية وسياسية فلسطينية تتواءم مع موقف إقليمي ودولي وأن المطلوب تعزيز الدبلوماسية الفلسطينية مع أطراف إقليمية لملاحقة الاحتلال الذي يبدي إصرارًا على تنفيذ برامجه المتطرفة.

لم تصل حكومة “نتنياهو” لهذه الدرجة من التطرف والعدوان تجاه الفلسطينيين وحقوقهم فجأة فما جرى تطور لمشروع احتلالي استيطاني استفاد من ضعف عربي وفلسطيني حتى وصل لهذه الدرجة من العنصرية.

يقول المحلل السياسي طلال عوكل: إنَّ الفلسطينيين أمام أزمة وجود ونظام إسرائيلي وقادة في “إسرائيل” حذروا من انهيار الكيان في عقده الثامن؛ لأن تطرف حكومتهم يشكل خطرًا على “إسرائيل” نفسها هذه قراءة تدعو الفلسطينيين ليفكروا ماذا سيفعلون؟”.

التفاعلات اليومية في غزة والضفة والقدس المحتلتين تظهر عنصرية الاحتلال وهو يعتقل ويقتل ويعزز الاستيطان والتهويد لكن الموقف الفلسطيني لم يصل لدرجة التأثير الكبير لثني حكومة الاحتلال عن المضي في عدوانها.

ويرى الخبير في الشؤون العسكرية اللواء يوسف شرقاوي أن المقاومة الشعبية لا تزال ضعيفة واستعمالية في حين المطلوب أن تكون عفوية شاملة؛ لأن العمل الدبلوماسي لا يعيد حقوقًا وجوهره مواقف أدبية لا توفر قرارات جديّة.

المطلوب عاجلاً

صحيح أن عناصر الجريمة مكتملة والضحية تمتلك أدلة دامغة تجرّم الجاني والجلاد؛ لكن سوء إدارة الصراع وسط انقسام فلسطيني وتشتت برامج القوى الفلسطينية المخالفة لموقف السلطة الفلسطينية في زمن التطبيع يجعل المجرم حرّاً طليقاً بل يفكر في ارتكاب مزيد من جرائم العدوان.

ويؤكد الخبير بشارات أن مستويات العمل الفلسطيني لمواجهة تطرف حكومة “نتنياهو” يجب أن تعمل بالتزامن والتوازي دون اعتماد المرحلية في برامج التصدي وأولى الخطوات العملية المطلوبة هي اجتماعات تشاورية تجمع القوى والفصائل بالمؤسسات السياسية الرسمية الفلسطينية والمجتمع المدني للانطلاق الموحد في برامج العمل.

تفعيل أدوات المقاومة الشعبية بكل السبل هي الأهم في هذه المرحلة -حسب رؤية المحلل عوكل- دون الانخراط في مغامرات ميدانية؛ لأن التصعيد العسكري سيكون من مصلحة “نتنياهو” فهو بحاجة لحدث خارجي يهرب فيه من أزمته الداخلية.

ويلخص المحلل عوكل أولويات العمل الفلسطيني المهم حاليًّا لمواجهة حكومة “نتنياهو” بإعادة الوحدة الفلسطينية في ظل قلق محلي وعالمي من تطرف حكومة الاحتلال وهذا يلزمه تنشيط المقاومة الشعبية وحراك قوى على المستوى العربي والدولي.

الاستفادة من كشف سوأة الاحتلال القانونية والأخلاقية في المحكمة الجنائية الدولية وساحات القضاء الدولي وقرارات الأمم المتحدة المتراكمة توفر فرصة للفلسطيني تحتاج لحسن إدارة وتطوير فهي ساحة حساسة لـ”إسرائيل” لكنها ليست سهلة على الفلسطينيين.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “إسرائيل في أزمة والمعارضة تقف على قدم وساق التناقضات الإسرائيلية والاحتجاجات تتوسع بعد محاولات الحكومة تغيير نظام إسرائيل القضائي وغياب الديمقراطية الحقيقية”.

ويؤكد اللواء شرقاوي أن الفلسطينيين يجب أن يتخذوا موقف المبادرة الآن أمام هجمة الاحتلال في مرحلة مناسبة لتجديد الخطاب تجاه المجتمع الإسرائيلي بشكل يشارك فيها كتاب وقادة رأي عام وأكاديميون ووسائل الإعلام.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” “أولاً نحتاج تنفيذ قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير وموقفه من الاحتلال الذي لم يترجم عمليًّا وبلورة موقف ضاغط على السلطة الفلسطينية لتطبق قرارات المركزي وإلا تتنحى. مخاطبة مجتمع إسرائيل بشجاعة وما تبقى من اليسار هناك وتوسيع الثغرة والفجوة في إسرائيل المشرفة على مرحلة جديدة متطرفة”.

ويدعو المحلل السياسي د. جورج جقمان إلى تجديد الخطاب الفلسطيني في دعوة العالم الخارجي والمجتمع الدولي لإبراز خطورة تطرف وعنصرية حكومة الاحتلال؛ لأن الساحة الخارجية مهمة والاحتلال قد يضطر للتجاوب مع ضغوط خارجية إذا تحسّن أداء الخطاب الفلسطيني على مستويات حكومية ومجتمعية وحقوق إنسان.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “ممكن أن تلعب السلطة الفلسطينية دوراً قوياً مع حكومات لديها استعداد لتسمع وتتجاوب مع معاناة الفلسطيني من احتلاله ومظاهرات الاحتلال التي تخرج من أسبوعين رفضاً لتطرف حكومة الاحتلال يجب أن نحسن الاستفادة منها.

ويشير المحلل جقمان أن تصاعد المعارضة الداخلية في “إسرائيل” لنهج وبرامج حكومة “نتنياهو” المتطرفة التي تحاول إجراء تغييرات غير مسبوقة في ساحات القضاء والشرطة توفر فرصة للفلسطينيين لكنها تحتاج لحسن أداء منهم وهم يركزون في خطابهم أيضاً على انتهاكات “إسرائيل” في الاستيطان والإعدام وحقوق الإنسان.

التباينات العرقية والمذهبية والخلافات السياسية الإسرائيلية المتنامية توفر ثغرات للفلسطينيين إذا أحسن استغلال أزمة البنية الاجتماعية الإسرائيلية التي لم تصل بسكان الكيان رغم مرور 7 عقود لهوية جامعة يقاتلون من أجلها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات