الأربعاء 27/مارس/2024

مسافر يطا .. قصة كفاح في وجه التهجير الصهيوني

مسافر يطا .. قصة كفاح في وجه التهجير الصهيوني

في بداية ثمانينيّات القرن الماضي أعلنت قوات الاحتلال “الإسرائيلية” منطقة في تلال جنوب الخليل تسمى “مسافر يطّا” وتبلغ مساحتها نحو 30 ألف دونم أنها “منطقة تدريبات عسكرية رقم 918”.

وتقع منطقة “مسافر يطا” في مدينة يطا بين 14 و24 كيلومترا جنوب شرق محافظة الخليل وتعد ثانية كبرى مدنها سكانا ومساحة ضمن مساحة 35 ألف كيلومتر مربع خلال إعلان الاحتلال عن ذلك كانت تنتشر في المنطقة 12 قرية صغيرة تسكن فيها عشرات العائلات منذ سنوات عديدة وكانت هذه العائلات تقيم في كهوف طبيعيّة أو محفورة -بعضها دائم وبعضها بصورة موسميّ- وتعتاش على الزراعة وتربية المواشي.

وخلال تشرين الأوّل وتشرين الآخِر 1999 طرد الجيش نحو 700 من سكّان القرى الـ12 المنتشرة في هذه المنطقة وكانت الدعوى الرسمية للترحيل الذريعة الواهية المتمثلة في “السّكن غير القانونيّ في منطقة تدريبات عسكرية” وسط تجاهل حقيقة أنّ هؤلاء السكّان كانوا يقيمون في المنطقة منذ سنين عديدة قبل الاحتلال وبعده.

ويعاني سكان تلك القرى الفلسطينية من خطر التهجير القسري الدائم منذ عقود بسبب إقامة الاحتلال 10 مستوطنات وبؤر ومناطق “إطلاق نار (918)” للتدريب العسكري ما كبّد أهالي تلك المنطقة أضرارًا تهدد أمن معيشتهم باستمرار بسبب تعدي المستوطنات بشكل يخالف القانون الدولي الإنساني (المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة) التي تحظر نقل السكان المدنيين إلى الأراضي المحتلة.

سكان المنطقة

ويوجد ما لا يقل عن 3 آلاف فلسطيني في منطقة “مسافر يطا” على تلال جنوب الخليل حسب إحصاءات محلية ودولية بعضها أعده مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بالأراضي الفلسطينية المحتلة “أوتشا” (OCHA-OPT).

ويعيش فلسطينيو المنطقة ظروفا معيشية صعبة ويقطنون عادة في كهوف تحت الأرض بسب عدم حصولهم على تصاريح بناء قانونية فلا يمكنهم صيانة منازلهم ولا توسيعها ومنذ بدايات 2000 بدؤوا بناء أكواخ من الصفيح وغرف صغيرة فوق الأرض لكن تحول معظمها إلى حطام بعد تدخل قوات الاحتلال بالجرافات لإزالتها.

وتقول المسنة جَملة الربعي (59 عاماً) وهي أم لستة أبناء اثنان منهم معتقلان في سجون الاحتلال منذ عام 2020 بعد صدِّهم اعتداءً شنّه المستوطنون على منزلهم في قرية التواني: “نحن نبني ونعيش على أرضنا لا بديل آخر لنا عنها”.

أما المواطن عثمان أبو قبيطة (30 عاماً) فيعيش في خربة الإصْفير المحاصرة والتي لا يُسمح لغير أهلها بالوصول إليها يقول: “وجودنا هنا لا نهاية له. سأموت أنا وسيبقى أبنائي ويأتي بعدهم أحفادي.. مسيرة حياتنا هنا ستبقى متواصلة”.

حياة بدائية

وتعد التجمعات السكنية الـ 38 في منطقة “مسافر يطا” من أضعف التجمعات في الضفة الغربية فخدمات الصحة والتعليم والبنية التحتية للمياه والصرف الصحي والكهرباء لديهم محدودة.

وقبل أن تصبح المدارس الـ 12 في منطقة المسافر أمرًا واقعًا كان يضطر الطلبة للانقطاع عن أهاليهم وعائلاتهم كي يسكنوا في مدينة يطا عند أقارب لهم في حين تبقى عائلاتهم في منطقة المسافر وهو أمر شكل لسنوات سببًا للانقطاع عن التعليم ومشاكل اجتماعية بفعل البعد عن الأهل.

ومع استمرار عمليات الاحتلال في هدم بيوت أهالي تلك المناطق القروية فهم يلجؤون إلى العيش في المغارة ليس خياراً منهم فمعظم أهالي الخربة والخرب القريبة يلجأ إلى هذه المغارات التي يطلق عليها السكان اسم الطور مع كل هدم لمساكنها.

وعلى الرغم من كل هذه المعاناة يؤكد أهالي كل الخرب تمسكهم بالأرض وعدم تركها للمستوطنين للسيطرة عليها.

قرار جديد قديم

في الثاني من كانون الآخِر 2023 أبلغ جيش الاحتلال أهالي مسافر يطا بنيّته بدء تنفيذ قرار إخلاء ثماني قرى من أصل 12 قريةً في المسافر وعدّها منطقةَ تدريباتٍ عسكريّة يُمنع السكن والوجود فيها وهو ما صدر عن المحكمة الإسرائيلية العليا في حزيران 2022.

ودانت منظمة أطباء بلا حدود خطّة الاحتلال الصهيوني تهجير أكثر من ألف مواطن فلسطيني من بيوتهم في منطقة “مسافر يطا” جنوب الخليل في الضفة المحتلة.

وقال رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود دافيد كانتيرو بيريز وفق بيان صادر عن المنظمة: “إن هذه الخطوة تنذر بالمباشرة بتهجير غالبية إن لم يكن كل سكّان مسافر يطا قسرا. إلى أين ستذهب كل هذه العائلات؟ هذا أمر غير مقبول بتاتا”.

وأشارت المنظمة إلى أن “السلطات الإسرائيلية تمارس ضغوطا هائلة على السكان لدفعهم إلى ترك منطقة مسافر يطا؛ من هدم المنازل إلى نصب الحواجز ومصادرة (سلب) المركبات وفرض حظر التجول وغيرها من القيود على التنقّل”.

وبحسب فرق منظمة أطباء بلا حدود العاملة في المنطقة؛ فقد ازدادت حدة هذه الإجراءات في الأشهر الأخيرة وأثرت بشدّة على حرية الحركة وعلى الصحة النفسية للسكان كما حدّت من قدرتهم على الوصول إلى الخدمات الأساسية بما في ذلك خدمات الرعاية الصحية.

كما يجبر المرضى وكبار السن وفق المنظمة على الانتظار لساعات عدّة على الحواجز ويرغمون على المشي لمددٍ طويلة للوصول إلى العيادات الطبية ولا يسلم السكان من ذلك حتى في الحالات الطارئة. وفي هذا الإطار قال أحد السكان لفريق منظمة أطباء بلا حدود: “قد تكون على حافة الموت ولا يُسمح لك بالعبور على الحواجز”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يشن حملة اعتقالات واسعة في الضفة

الاحتلال يشن حملة اعتقالات واسعة في الضفة

الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الليلة الماضية وفجر اليوم الأربعاء، حملة دهم واعتقالات في مناطق متفرقة من...