السبت 20/أبريل/2024

2023.. سنة فارقة في تاريخ المسجد الأقصى والعدوان عليه

2023.. سنة فارقة في تاريخ المسجد الأقصى والعدوان عليه

خلال السنوات الماضية ظهر جليًّا سعي الاحتلال وحكومته المتطرفة إلى مزيد من الإجراءات والجرائم التي من شأنها تغيير الواقع الديمغرافي والديني في المدينة المقدسة.

ويسعى الاحتلال سعيا حثيثا ومتواصلا إلى تهويد المسجد الأقصى وتغيير هويته الإسلامية إلى هوية يهودية بِعدِّه هيكلاً مقدساً في نظرهم.

ووفق مختصين فإن المسجد الأقصى سيشهد خلال عام 2023 هجمة شرسة تهدف إلى إزالة المسجد الأقصى من الوجود بمساحته الكاملة وإحلال الهيكل مكانه وهذه الرؤية الإحلالية هي محل إجماع اليمين الصهيوني.

الباحث والمختص بشؤون القدس زياد ابحيص أكد أن الخطر على المسجد الأقصى خلال عام 2023 هو الإحلال وإزالته من الوجود وتأسيس الهيكل كمقدس يهودي في مكانه وعلى كامل مساحته.

ووفق ابحيص فإن الاحتلال تبنى للوصول إلى هدفه ثلاثة مسارات مرحلية المسار الأول تمثل بالتقسيم الزماني والثاني التقسيم المكاني والمسار الثالث الذي يجري العمل عليه بالتأسيس المعنوي للهيكل بإقامة الطقوس التوراتية كاملة في المسجد الأقصى المبارك.

وأردف قائلاً في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“:” المتوقع اليوم أن يحاول الاحتلال التقدم على المسارات الثلاثة بمعنى أن يحاول أن يوسع مساحات أوقات الاقتحام فيما يتعلق بالتقسيم الزماني وأن يدخل أيام الجمعة والسبت إلى الأيام المخصصة للاقتحامات وهذا لم يحصل حاليًّا”.

وتوقع أن يتقدم الاحتلال على جبهة التقسيم المكاني بأن يعيد وضع نقاط محددة تحت مجهر الاستهداف مثل الشطر الشرقي لساحة المسجد الأقصى المبارك والجهة الجنوبية الغربية ودرج البائكة الغربية لقبة الصخرة بتخصيصها للمقتحمين مع منع المسلمين من التواجد فيها مضيفاً: “هذا ليس ما يطمح له الاحتلال ولكنه بوابة للتدرج”.

ويشير الباحث ابحيص إلى أنَّ الاحتلال يسعى في التقسيم المكاني إلى إدخال أبواب جديدة للاستخدام/ مثل باب الأسباط وباب القطانين ما سيوسع مساحة حضور المقتحمين الصهاينة في المسجد الأقصى.

وانتقل ابحيص إلى العنوان الثالث وهو الأهم &ndashوفق حديثه- والمتمثل في تطبيق التوراتية في المسجد الأقصى المبارك لافتاً إلى أن الأمور ستذهب نحو ذلك في خطين الخط الأول هو أن كل ما يتم خارج المسجد الأقصى من طقوس توراتية في كل كنس العالم يجري نقله إلى داخل الأقصى ليتم فيه.

ويتمثل الخط الثاني بأنه يجري إحياء الطقوس التي تزعم التوراة أنها كانت مختصة في الهيكل فقط مثل فكرة الانبطاح الكامل على الوجه “السجود الملحمي” أو إحياء طبقة الكهنة وأداء الطقوس أو تقديم القرابين النباتية والحيوانية.

وفيما يتعلق بالجدول المتوقع خلال عام 2023 قال ابحيص: إن هناك ستة مناسبات يجب وضعها في الاعتبار الأولى هي عيد المساخر “البورين” وهو عيد هامشي لدى الاحتلال لكنه يتقاطع مع ليلة 15 من شعبان بتاريخ 7 مارس 2023 وغالباً ما يذهب الاحتلال في هذا التاريخ إلى الأزياء التنكرية والاحتفالات والرقصات الليلية على أبواب المسجد الأقصى.

أما المناسبة الثانية وهي الأخطر خلال السنة -حسب ابحيص- فتتمثل بتقاطع عيد ما بين “عيد الفصح العبري” والأسبوع الثالث من رمضان وسيأتي ما بين السادس والثاني عشر من شهر نيسان 2023 ويستمر 7 أيام الهدف الأساسي منه ممارسة الطقوس كاملة داخل المسجد الأقصى وتكريس الاقتحام أثناء شهر رمضان لاعتبارهم بأن الدين اليهودي يسمو على الدين الإسلامي؛ حيث ستتم محاولات إدخال القربان الحيواني إلى داخل المسجد الأقصى.

ويكمل ابحيص بأن المناسبة الثالثة تتمثل في الذكرى العبرية لاحتلال الجزء الشرقي من القدس أو ما يسمى بالعبرية بـ “توحيد القدس” وسيأتي هذه السنة في يوم جمعة بتاريخ 19 مايو مشيراً إلى أنه إذا استمرت شروط الاقتحام على وضعها الحالي فسيلجأون لما يسمى بالاقتحام التعويضي يوم 18 مايو ما يجعل الاحتفال به على يومين حيث سيشهد الثامن عشر من مايو اقتحام المسجد الأقصى والعدوان عليه والتاسع عشر سيكون يوم جمعة وسيشهد مسيرة الأعلام ما يعيد إلى الذهن النقطة التي انطلقت منها معركة سيف القدس في 2021 وأيضاً يعيد إلى الذهن معركة العلم التي جرت العام الماضي والتي شهدتها مدينة القدس.

والمناسبة الرابعة وفق الباحث في شؤون القدس هي ما يسمى بذكرى خراب الهيكل والتي ترافقت العام الماضي مع العدوان على قطاع غزة لتسهيلها وسيحل في هذه السنة بتاريخ 27 يوليو ويتقاطع مع يوم تاسوعاء وسيسعى الاحتلال من خلالها إلى تسجيل رقم قياسي للمقتحمين.

أما الموسم الخامس فهو موسم الأعياد الطويل والذي يتكون من ثلاثة أعياد أولها ما يسمى برأس السنة العبرية ويأتي في 16-17 سبتمبر وعيد الغفران العبري ويأتي في 25 سبتمبر وعيد العرش العبري من 30 سبتمبر إلى 7 أكتوبر.

ويضيف: “كل عيد من هذه الأعياد له أولويته فرأس السنة العبرية له أولوية نفخ البوق في الأقصى وعيد الغفران العبري يتم محاكاة القربان ونفخ البوق أما عيد العرش فيتم تقديم قرابين نباتية في الأقصى والسجود الملحمي وتسجيل أعلى أعداد من المقتحمين”.

أما المناسبة السادسة فتتمثل بعيد الأنوار “الحانوكاه العبري” وسيأتي من يوم 7-15 ديسمبر 2023 ويجري التركيز فيه على إشعال الشمعدان في الأقصى ومحيطه وعلى الطقوس الليلية حول المسجد الأقصى وأداء الطقوس التوراتية داخل الأقصى.

ويتوقع ابحيص أن تكون هذه السنة فارقة في تاريخ المسجد الأقصى وفي تاريخ العدوان عليه ومحاولة تغيير هويته وتهويده.

وحول كيفية المواجهة أورد الباحث ابحيص أنه تراكمت بالتجربة معادلات ردع تتكون من أربعة مكونات وفي عام 2022 دخل لها مكون خامس جديد لافتاً إلى أن المكون الأول هي العملية ذات الدافع الفردي والتي حضرت عام 2015 وفي عام 2017 و 2021 أما الثاني فيتمثل بالاعتصام الجماهيري الحاشد والذي حضر في هبات 2014 و 2017 و2021.

أما المكون الثالث للمواجهة فيتمثل في التفاعل الخارجي والذي حضر في هبات 2015 قليلاً وفي 2017 كان واضحاً و 2021 بشكل أكثر وضوحاً من خلال تأثيره على الصهاينة على المستوى الإقليمي والدولي.

والعنوان الرابع يتمثل في دخول المقاومة المنظمة على الخط من قطاع غزة في الوقت الذي تختاره هي وتجده مناسباً وهو ما شهدناه في عام 2021 أما عام 2022 فقد شهد مكوناً خامساً وهو المقاومة المنظمة من بؤر محددة تفلت من قبضة التنسيق الأمني في الضفة مثل البلدة القديمة في مدينة نابلس ومخيم جنين والتي تصبح عمليًّا مصدراً للاستشهاديين ومنفذي العمليات.

وأكد أن هذه العناصر مجتمعة هي العناصر التي يمكن الذهاب إلى المواجهة من خلالها والدفاع عبرها عن المسجد الأقصى والتجربة تقول إن أول العناصر الذي يفتح المجال للجميع هو الانفجار الشعبي العفوي بخروج الناس للدفاع عن المسجد الأقصى في الشوارع كما حصل في 2014 و 2017 و2019 و2021 وهو ما يحاول الاحتلال كبحه بأدوات تعمل عليها مراكز الدراسات الصهيونية وتعد نفسها نجحت عام 2022 في المشي على حافة الهاوية دون السقوط فيها وتعول على تكرارها في عام 2023.

وتابع: “الاحتلال يعد اجتماعه مع القادة العرب في النقب أحد العناصر المهمة لذلك ولهذا لا بد من التفكير في كيفية التحرر من هذه العناصر بالشكل الذي لا يسمح لها بأن تؤدي مهمتها المزعومة في كبح الغضب الفلسطيني والمواجهة الشعبية التي تفتح الأبواب نحو قلب الموازين”.

وأضاف: “العدوان الصهيوني على المسجد الأقصى يمكن رده وتحويله إلى هزيمة وهذا ما شهدناه عدة مرات ويجب أن ننظر إلى التهديد بعدّه تهديداً وفرصة في الوقت نفسه”.

من جانبه يرى مدير مركز القدس للحقوق القانونية والاجتماعية زياد الحموري أن المخاطر التي تهدد المسجد الأقصى موجودة على مدار العام.

ويشير الحموري في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن ما يحصل هذه الأيام هو تركيز بشكل كبير ومحاولة لفرض السيادة الكاملة على المسجد الأقصى لافتاً إلى أنهم يعدون أن الاعتداء الأخير على السفير الأردني بمنزلة رسالة قوية بأن الاحتلال هو صاحب المكان وأن لهم حق التصرف فيه ولا سيادة لأحد عليه غيره وبالتالي هذه الخطوة إلغاء لكل الاتفاقيات السابقة مع الأردن.

ويقول: “اليوم من الواضح أن الاحتلال بات يستعمل القوانين الإسرائيلية لفرض وقائع جديدة حيث فرض إدخال القربان للأقصى من خلال المحكمة وأيضاً أخذ قرارا من المحكمة بأن ساحات الحرم كلها هي ساحات عامة وليست ساحات مقدسة كما أنهم يريدون من خلال المحكمة إدخال الشمعدان وفي الوقت نفسه هناك زيادة واضحة لعدد المستوطنين الذين يدخلون الأقصى يوميًّا”.

ويتوقع الحموري أن تزداد أعداد المستوطنين المقتحمين للأقصى عن العام الماضي الذي بلغ حوالي 50 ألف مقتحم خلال العام وهو رقم غير قليل موضحاً أنهم يحاولون الدخول من كل الأبواب وعدّ الاقتحام عاديا مطالبين بقضايا كثيرة منها عمل كنيس داخلي للصلاة فيه.

وأردف أن كل هذه الممارسات هي خطوات لإنشاء المشروع الكبير المتمثل في إقامة الهيكل وهدم الأقصى وقبة الصخرة لافتاً إلى أن كل السيناريوهات متوقعة هذا العام ويتجه الوضع إلى حال أكثر خطراً عما هو عليه في الوقت الراهن على الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية على حد سواء.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات