الجمعة 19/أبريل/2024

آثار حارة المغاربة .. شاهد على التطهير العرقي الإسرائيلي في القدس

آثار حارة المغاربة .. شاهد على التطهير العرقي الإسرائيلي في القدس

بعد أكثر من 5 عقود على تدميرها عاد الاحتلال الصهيوني ليغرس أنياب حفره في موقعها؛ لتتكشف آثار تعكس هويتها العربية الإسلامية الأصيلة.

إلى الجنوب الشرقي من البلدة القديمة لمدينة القدس المحتلة تقع حارة المغاربة -بجوار حائط البراق وعلى بعد بضعة أمتار منها يقع المسجد الأقصى- على مساحة 45 ألف متر مربع وتشكل 5% من مساحة البلدة القديمة.

وأقدم الاحتلال على تدمير الحارة -التي بنيت في زمن الأيوبيين ليسكنها أهل المغرب العربي القادمين إلى القدس- بعد أشهر قليلة من احتلاله المدينة عام 1967 ليُنشئ على أنقاضها ساحة يؤدي فيها المستوطنون طقوسهم التلمودية على امتداد حائط البراق.

آثار باقية
ورغم مرور ما يزيد عن خمسة عقود ونصف على تدمير تلك الحارة إلا أنّ آثارها وجذورها ظلت باقية لتعود للواجهة من جديدة في صور أظهرتها وسائل الإعلام أثناء الحفريات الإسرائيلية الجديدة للساحة الملاصقة للمسجد الأقصى.

عبد اللطيف سيد (76 عاماً) كان قد ترعرع في حارة المغاربة قبل هدمها عام 1967 سارع لرسم حارة المغاربة غيباً؛ حيث أشار في تصريحات صحفية إلى أنّ المربع الذي نبشته آليات الحفر الثقيلة التابعة للاحتلال كشفت عن أساسات 13 منزلا وبقالة وفق ما نقلته الجزيرة.



ولد عبد اللطيف عام 1947 في حارة المغاربة لأم مغربية وأب فلسطيني ووطئت قدم جده لأمه أرض القدس أول مرة عام 1915 قادما من مدينة العيون المغربية وكان كلما حاول العودة إلى المغرب ألمَّ به المرض وأقعده حتى قرر الزواج والاستقرار في حي المغاربة الذي كان يبعد أمتارا عن الحائط الغربي للمسجد الأقصى.

ولا يزال المواطن الفلسطيني يذكر أن 150 عائلة كانت تعيش فيه تفصل بين منازلها ممرات ضيقة.

شاهد تاريخي

الباحث في شؤون القدس والمسجد الأقصى جمال عمرو أكد أنّ الاحتلال كان قد دمّر حارة المغاربة وحارة الشرف التي تجاورها عام 1967 بالكامل وهناك من الصور والخرائط ما يؤكد أنّ آثار بعض التكايا والمدارس والزوايا لا تزال تشهد على جريمة هدم هذه الحارة التي دمرها الاحتلال بالكامل.

ويشير عمرو في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ حارة المغاربة التي بنيت عام 1200 تصنف مبانيها وفقا للقانون “الإسرائيلي” نفسه بالأثرية وتعد إزالتها عام 1967 غير قانونية إلا أنّه ورغم ذلك تم إدخال آليات حفر ثقيلة إلى ساحة البراق قبل أيام وهو ما يعني أنّ الاحتلال غير معني بأي توثيق أثري يحافظ على ما تم كشفه.

ويؤكد عمرو أنّ الجذور والآثار كشفت عما كان يستخدمه المغاربة (وجميعهم من سكان بلاد المغرب العربي الذين كانوا أكثر من سكان الحارة) من الألوان ومواد الطلاء والطين المخلوط بما كان يعرف بـ”النيلة الزرقاء” مبيناً أنّ حارة المغاربة كانت وستبقى شاهدا تاريخيا على جرائم في التطهير العرقي في القدس وضواحيها.

ويضيف: “نحن أمام كارثة العصر وهي مأساة آن الأوان أن تنتهي وأن تعود حارة المغاربة إلى سكانها الأصليين” مشددا على أنّ الاحتلال وقع بالفخ ويسابق الوقت لإعادة طمر هذه الآثار والجذور العربية والإسلامية.

وتوافق حديث الباحث عمرو والمواطن سيد مع رواية الباحث في تاريخ القدس إيهاب الجلاد الذي توجه لمعاينة الحفرية الجديدة وما كشفت عنه وأكد أنها تقع منتصف الساحة تقريبا وظهرت من خلالها أساسات منازل حارة المغاربة المدمرة عام 1967.

وتمكن الجلاد من خلال الفتحات الصغيرة من رؤية غرفة دُهنت جدرانها بالأزرق وهو ما كان رائجا خلال الفترة العثمانية وما بعدها إذ كان السكان يطلون جدران المنازل بمادة “الشيد” للحفاظ عليها من الرطوبة وهو ما أكده المسن عبد اللطيف الذي قال إن السكان كانوا يضيفون قديما مسحوق “النيلة الزرقاء” إلى الشيد المنقوع بالماء لساعات قبل الشروع بطلاء الجدران.

نظام معماري قُدسي

ويوضح أستاذ التاريخ والآثار نظمي الجعبة أن حارة المغاربة حوت 205 مبانٍ قبل تهويدها وكانت مساحتها 40 دونمًا ذات شكل مستطيل يمتد من الشمال إلى الجنوب وهي من أكثر الحارات انخفاضًا وأغلب دورها من طبقة واحدة.

ويذكر في كتابه “حارة اليهود وحارة المغاربة: صورة حية لما قبل سنة ١٩٦٧” أنّ دور المغاربة تشكلت من ساحة سماوية مكشوفة محاطة بغرف (2-5 غرف) وفراغات في كل منها بئر ماء واحتوت على مطبخ ومرحاض ومخازن وإسطبلات وبعضها احتوى على أحواض زراعة وأشجار وعلت أغلبية المباني القباب الضحلة المبلطة بالبلاط الحجري أعلاها قبة المدرسة الأفضلية إحدى أشهر المدارس الشرعية.

وامتدت مباني المغاربة باتجاه حائط البراق وتركت الجدار مكشوفًا دون أن تستند إليه “وذلك دليل على قدسيته لدى المسلمين قبل أن يصبح مطمعًا لليهود في القرن السادس عشر” ويدعم هذا الاعتقاد بناء جامع البراق في العهد المملوكي أمّا الطرق والممرات فبُلّطت بالبلاط الحجري السلطاني لكنها خلت من السقوف والقناطر.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

استشهاد أسيرين من غزة في سجون الاحتلال

استشهاد أسيرين من غزة في سجون الاحتلال

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية، مساء اليوم الخميس، إن معتقلين اثنين من قطاع غزة استُشهدا خلال إحضارهما للتحقيق داخل...