عاجل

الثلاثاء 23/أبريل/2024

التطرف الصهيوني المتصاعد.. بشريات باقتراب النهاية من الداخل  

التطرف الصهيوني المتصاعد.. بشريات باقتراب النهاية من الداخل  

“بنيامين نتنياهو” رئيس حكومة الاحتلال لم ولن يكون المخلّص لدولة الاحتلال في السنوات القادمة؛ فالتباينات العرقية والمذهبية وضعف البنية الاجتماعية مع هيمنة التطرف يذهب بالدولة سريعاً نحو الهاوية.

ورغم امتلاك “إسرائيل” كدولة أدوات ووسائل قوة في المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية إلا أن قيادة الاحتلال تفهم أن انهيارها سيأتي مستقبلاً من الداخل وليس من مواجهة عسكرية حاسمة بقتال ميداني.

التغييرات المهمة التي طرأت على حكومة “نتنياهو” في مجال وصلاحيات مؤسسات الشرطة والأمن والقضاء تدلل أن اليمين المتطرف يطوّع كل ما هو ثابت في دولة الاحتلال لخدمة برامجه العنصرية وبقاء “نتنياهو” نفسه آمناً في قمرة القيادة.

منذ حرب تموز عام 2006م يعيش جيش الاحتلال الذي تفاخر به وأسس قادتُه الدولة أزمة كبيرة فمرحلة التفوق باتت من الماضي وخططه الأمنية والعسكرية لم تعد مجدية في مواجهة التغيرات الإستراتيجية بالمنطقة لينعكس الأمر سلباً على صورته الداخلية لدى مجتمعه مع تراجع حافزية جنوده للتضحية.

مجتمع هشّ
أسس الاحتلال كياناً بعد نكبة فلسطين عام 1948م قام ولا يزال على استمرار الصراع مع محيطه العربي ليوّحد شعبه أمام مهددات خارجية يحرص دوماً على صناعتها حين يصدّر أمامهم عدوًّا في كل مرحلة من عمر الكيان.

ويحذّر قادة ومفكرون إسرائيليون في السنوات الأخيرة من قدرة الاحتلال كدولة على البقاء في المنظور القريب بسبب أزمات داخلية تعصف بها مع نمو التطرف وتراجع قدرة اليسار والتيار العلماني على التأثير بالمشهد السياسي الصهيوني.

ويؤكد المحلل السياسي تيسير محيسن أن الشاهد وفق المخرجات العملياتية في واقع بنية الاحتلال الاجتماعية للكيان تدلل على عدم تجانس في بيئتها الاجتماعية؛ ما يشكل تهديدا إستراتيجيا لبقائها مستقبلاً.

وقال لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”: “نتائج التباين الاجتماعي تظهر في بيئتها الديمغرافية ويترجم ذلك مكونات ودلائل لها حضور في السلوك السياسي داخل مجتمع إسرائيل”.

وتدرك القيادة العليا الصهيونية معضلة التباين في البنية الاجتماعية وأزمة التعددية العرقية والمذهبية لذا تحرص دوماً على استدعاء سلوك وأدوات سياسية تؤخّر من حجم ظهور التباينات الاجتماعية الداخلية بواسطة جلب عدو خارجي أمام مجتمعها.

ويقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية محمد مصلح: إن هناك انهيارًا في العقد الاجتماعي الإسرائيلي حذر منه قبل سنوات “ايهود باراك” رئيس حكومة الاحتلال السابق؛ لأن التركيبة السكانية تبرز فوارق ثقافية عميقة.

ويتابع لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”: “المطلوب إسرائيلياً دوماً دمج العرقيات لتشكيل هوية عرقية موحدة. يحتاجون هوية دينية ثقافية لم تنجح إسرائيل في خلقها داخل كيان الاحتلال”.

وفي مقال للكاتب المختص في الشؤون الإسرائيلية صالح النعامي قال: “هل تنهار إسرائيل من الداخل؟ لم يعد مجرد سؤال بل أكده النظام السياسي الإسرائيلي في نتائج انتخاباته الأخيرة بعد انتصار اليمين الديني خسارة العلمانيين”.

ويشدد الكاتب النعامي على أن دعوة “يعلون” وزير الأركان السابق لرفض تعليمات الوزير “بن غفير” ووصف “باراك” رئيس الحكومة السابق الحكومة الحالية بأنها غير شرعية تحمل كثير من الدلائل المحذرة من تدهور كيان الاحتلال وهي تجتمع مع آراء قادة كبار سابقين.

هيمنة التطرّف
يجنح المجتمع الإسرائيلي بتراكمية متصاعدة في العقدين الماضيين نحو اليمين الذي صعد ليكون المؤثر في “الكنيست” وكل ائتلاف حكومي سواء كان بأحزاب صغيرة أم كبيرة وأصبحت أقطاب اليسار الذين أسس بعضهم دولته من تراث إسرائيل السياسي.

بعد أن تولى “نتنياهو” زمام الحكم أطولَ رئيس وزراء في تاريخ الكيان الصهيوني في ظل أزمة قيادة إسرائيلية واضحة مارس “نتنياهو” من قمرة قيادة المعارضة دور القلق على مستقبل الاحتلال فعاد للحكومة مجدداً بعد أن استمال أقطاب اليمين المتطرف.

ويشير المحلل “محيسن” إلى أن 16 من وزراء حكومة “نتنياهو” الحالية هم من اليمين المتطرف وعلى رأسهم “نتنياهو” نفسه والوزيران “بن غفير وسموتريتش” بعد أن نجحوا من موقع المعارضة في إقصاء حكومة “بينيت-لابيد” السابقة.

بعد عودة “نتنياهو” زعيم حزب “الليكود” أكبر أحزاب المعارضة لرئاسة الحكومة يرى المحلل “محيسن” أن اليسار والعلمانيين يوجهون الآن انتقادات مهنية لحكومته لكنها لم تصل بعد لدرجة تكتل معارضة قوي لكشف سوأة التطرف ومستقبله.

وشارك أكثر من 80 ألف صهيوني بتظاهرة في “تل أبيب”؛ احتجاجا على خطط حكومة الائتلاف اليمينية الجديدة لعمل إصلاحات قضائية ومن المرجح أن تمضي تلك الإصلاحات حال تنفيذها لتسهيل عمل البرلمان وإلغاء أحكام تصدرها المحكمة العليا.

ويؤكد الخبير مصلح أن هناك انشطارات وتعددية حزبية تعكس مشكلة في إدارة الدولة ونظامها السياسي وقد وصل تأثير أحزاب متطرفة صغيرة لدرجة تتحكم في القرار السياسي للدولة على حساب أحزاب كبيرة وتاريخية.

ولا أحد ينسى مساعي “نتنياهو” قبل تشكيل الحكومة الحالية لإرضاء أحزاب يمينية صغيرة حتى ينجح في تشكيل الحكومة وبذات اللعبة وصل “بينيت” الذي حصل على 5 مقاعد في الانتخابات قبل الأخيرة لمقعد رئيس الحكومة.

ويشير الخبير مصلح أن مشهد أحزاب اليمين الصغيرة صدّر الوزيرين “بن غفير وسموتريتش” لقيادة مشهد دولة الاحتلال الأمني والسياسي رغم أنهما لم يحصلا سوى على عدد مقاعد قليلة لكن “نتنياهو” عقد معهما زواج مصلحة.

تغييرات كبيرة
لم تعد مؤسسة الشرطة والقضاء مقدسة ولا مفخرة لدولة تدّعي أنها واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط دخلت الشرطة والقضاء في لعبة سياسية “الثابت الوحيد فيها هو المتغير” رغم أنها ظلت طوال سبعة عقود بعيدة عن حسابات وخلافات سياسية.

ويرى المحلل “محيسن” أن رؤية المعارضة الإسرائيلية الآن التي تنتقد تغييرات في مجالات الأمن والشرطة والقضاء لخدمة برامج وزراء “نتنياهو” المتطرفين تبشّر بميلاد حالة اشتباك سياسي رغم عدم تكافؤها الحالي مع قوة اليمين.

تراكمات الاشتباك الذي انطلقت عربته تسير ببطء لكنها مستقبلاً ستلتقي مع تيارات وأحزاب في مجتمع يمتاز بالتعددية المذهبية والعرقية وستقدم نفسها كبديل عن التطرف وهي -حسب توقع المحلل محيسن- ستصل لمجالات اقتصادية.

وتشكل دولة الاحتلال المدعومة من الغرب والولايات المتحدة الأمريكية كوكب تباينات يغطي سوأتها ضعف المواقف العربية في إقليم الشرق الأوسط بزمن التطبيع لكن كل محاولات إطالة عمر الكيان قد لا تجدي نفعاً حين يبدأ انهياره من الداخل.

ويتحدث الخبير “مصلح” عن ظاهرة جديدة؛ وهي الحرب الأهلية التي حذر منها “غانتس” وزير الحرب السابق والتي قد تتطور من اشتباكات داخلية لحرب أهلية بعد فشل صمود نظام ديمقراطي أراد تحقيق التماسك الاجتماعي منذ نشأته وفشل.

ويتابع: “تجرى تغييرات في القضاء لخدمة حكومة نتنياهو. مجتمع الجريمة ينمو في إسرائيل وغياب لوحدة قومية وبوصلة توحد الإسرائيليين بعد تحكم الناخب الإسرائيلي بسلطة عليا ليساهم في تشكيل حكومة ترسم واقع ومستقبل دولة ديمقراطية”.

وفي زمن أصبح فيه جيش الاحتلال يُقهر وتمزق مجتمعه خلافات عرقية ومذهبية وسياسية لم تكن ظاهرة على السطح بهذا اللون الفاقع يبقى انهيار دولة الاحتلال من الداخل كابوساً يؤرّق نوم العقلاء داخل الكيان الهش.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات