الخميس 25/أبريل/2024

الخلافات الداخلية الإسرائيلية.. جدّية أم مماحكات حزبية وعلامَ يتفقون؟

الخلافات الداخلية الإسرائيلية.. جدّية أم مماحكات حزبية وعلامَ يتفقون؟

حالة احتقان حزبية وسياسية صهيونية داخلية غير مسبوقة عداء وتحريض متبادل وأزمة داخلية يتخوف الساسة الصهاينة من وصولها إلى درجة “الحرب الأهلية”.

الاحتقان الداخلي تفاقم بعد إعلان المعارضة التي يتزعمها رئيس حكومة الاحتلال السابق “يائير لبيد” عزمها تنظيم أضخم تظاهرة منذ سنوات في شوارع “تل أبيب”؛ للاحتجاج على التغييرات التي ينوي الائتلاف الحكومي اليميني إحداثها في النظام القضائي.

ولاقت الدعوات هجومًا من أقطاب اليمين إذ دعا وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير شرطة الاحتلال إلى اعتقال من يتورط بقطع الطرق ومنع رفع الأعلام الفلسطينية في حين دعا عضو الكنيست اليميني “تسفيكا فوغل” إلى اعتقال قادة المعارضة بتهمة الخيانة والدعوة للتمرد على الحكومة.

وقال زعيم المعارضة “يائير لبيد” إن “إسرائيل” تتدحرج نحو دول العالم الثالث وستبدأ باعتقال قادة المعارضة في حين دعا قائد أركان جيش الاحتلال السابق “غادي آيزنكوت” المتطرف “فوغل” إلى التراجع عن تصريحاته الخطيرة.

وأدان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الدعوة لاعتقال قادة المعارضة لكنه اتهم في الوقت نفسه معسكر المعارضة بالتحريض الدائم على حكومة اليمين وعدم احترام خيار الشعب.

خلافات حقيقية وجديَّة
الكاتب والمختص في الشأن الصهيوني عدنان أبو عامر يرى أن الخلافات الإسرائيلية الداخلية تحتمل وجهين الأول المماحكات والرغبة في إفشال الحكومة وإسقاطها في أقصر فترة ممكنة والوجه الثاني هو اختلاف البرامج والقضايا.

وقال “أبو عامر” في حديث خاص مع “المركز الفلسطيني للإعلام” إن حكومة نتنياهو تحاول السباق مع الزمن من أجل تصويب عمل الحكومتين السابقتين حكومة نفتالي بينيت وحكومة يائير لابيد من خلال تسريع إقرار تشريعات غاية في التطرف واليمينية.

وأوضح أن أهم أسباب الخلاف محاولة إعطاء صبغة دينية للدولة وإحداث تغييرات انقلابية في ملف القضاء والصلاحيات وتقاسم الملف العسكري والأمني والسيطرة عليه إلى جانب معارضة الشاذين جنسيا وعدم العمل يوم السبت “كسر حرمة السبت” وإعطاء جرعات توراتية وتلمودية في التعليم الحكومي العلماني.

ويرى “أبو عامر” أن هذه الأسباب مجتمعة شكلت وقوداً حقيقياً للخلاف الإسرائيلي المحتدم حالياً.

ويتفق المختص في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات مع “أبو عامر” في جدية الخلافات الداخلية الإسرائيلية ويؤكد أنها خلافات حقيقية؛ لأن: “نتنياهو وائتلافه يريدون تغيير وجه الدولة وسرقة إنجاز العلمانيين وتحويل إسرائيل إلى دولة دينية يحكمها مجموعة من المدانين بقضايا جنائية مثبتة وتغيير سياسات في عمق الخلاف الإسرائيلي منذ إقامة الكيان” وفق تعبيره.

ويرى “بشارات” في حديث خاص مع “المركز الفلسطيني للإعلام” أن ذلك كله يمكن أن يؤدي إلى خلافات كبيرة جدًّا لا يمكن إطفاءها إلا بالاقتتال.

ولا يبتعد رأي الباحث المختص في الشأن الصهيوني أليف صباغ كثيراً عن رأي سابقيه فهو يرى أن الخلافات الداخلية الإسرائيلية جديَّة جدًّا وتعبر عن الهوة التي تفصل بين المعسكرين.

وقال في حديث خاص مع “المركز الفلسطيني للإعلام” إن هناك هوة بين من يرون أنهم يريدون الحفاظ على النظام الديمقراطي والمؤسسة الحاكمة كمؤسسة وبين بنيامين نتنياهو وبن غفير سموتريتش الذين يريدون نظاما يسمونه ديمقراطيا لكنه في حقيقته نظام حكم الفرد يتم فيه استبعاد المؤسسة والرقابة على المؤسسات ووضع الحكم في يد بنيامبن نتنياهو كرئيس حكومة.

وقال “الصباغ”: “في معسكر نتنياهو يريدون السيطرة على الجيش وأن تدخل الصهيونية الدينية إلى أعلى مستويات القيادة إضافة إلى السيطرة على الشرطة وهو هدف أسهل لسهولة تطويع الشرطة لتصبح أكثر قسوة ووحشية ليس ضد العرب فقط بل ضد المعارضة الإسرائيلية”.

وبين أن الائتلاف الحاكم يريد أيضاً السيطرة على المحكمة العليا التي كانت تضع كوابح للتغول اليميني في الحكومة والكنيست واستطاعت وفق “صباغ” أن تقلم أظافر الكنيست وتكبح جماحه عن المساس بحقوق الأفراد لذلك يريدون تقليص صلاحياتها بحيث تكون قوانين الكنيست غير قابلة للنقض.

ويرى أن الوزراء في حكومة نتنياهو الحالية والمتهمون بقضايا جنائية مثبتة هم المستفيد الأكبر من هذا التحجيم الذي يسعون إليه.

مستقبل الخلافات
وينفي “أبو عامر” إمكانية الوصول إلى نهاية قريبة للخلافات في الفترة القادمة متوقعاً تصاعداً لافتاً في الحالة الداخلية الإسرائيلية.

وأرجع ذلك إلى تهديدات المعارضة بإشعال التظاهرات يوم الأحد القادم إضافة إلى خروج جملة من التصريحات غير المسبوقة والدعوات لخروج الملايين إلى الشوارع كما قال أيزنكوت والعصيان المدني كما قال موشيه يعلون وما انطلق من تحذيرات من حرب أهلية على لسان بيني غانتس.

وبين أن هذه الخلافات يمكن أن تكشف مزيداً من “الأعطاب في المنظومة الصهيونية الحاكمة” وهذا من شأنه أن يجسد نظرية “بيت العنكبوت” الذي تم الحديث عنها قبل عقود ومن شأنه أن يشغلهم عن تحدياتهم الأمنية الخارجية التي تحيط بهم.

ويؤكد “بشارات” ما ذهب إليه “أبو عامر” من تصاعد الخلافات بعد التصريحات الأخيرة التي يرى أن دولة الاحتلال لم تعتد عليها من قبل.

وقال: “المستقبل يحمل أمورا ميدانية قد تصل إلى حد الاصطدام الشديد في الشارع ووقوع اعتقالات وحالات ضرب وقمع يمكن أن تتضح أكثر خلال التظاهرات التي يتم الدعوة لها خلال بدايات الأسبوع المقبل”.

المختص “الصباغ” من جهته لم ينفِ إمكانية تفاقم الأزمة لكنه استدرك بالقول إنه مهما بلغت الأزمة فإن اليمين المؤيد لمعسكر نتنياهو يمتلك حجما وقاعدة أكبر من الوسط واليسار الذي يؤيد معسكر لابيد مشككاً في إمكانية نجاح الحملة الميدانية والمحاولات التي تقودها المعارضة.

اتفاق على الدم والحق الفلسطيني
ورغم ما سبق من حديث عن جديّة الخلافات الصهيونية وما قد تحدثه من هزة قوية على الصعيد الداخلي الصهيوني إلا أن موقفهم موحد وبشكل يثير الاستغراب في كل ما يتعلق بالملف الفلسطيني والسطو على الحقوق الفلسطينية وانتهاك وتدمير حياة الشعب الفلسطيني.

“في الموضوع الفلسطيني تختفي الخلافات الداخلية بين المعارضة والائتلاف حيث يتفقون على قضية التعامل مع الأسرى الفلسطينيين وعلى تشريع منع رفع العلم الفلسطيني واقتطاع مبالغ من المستحقات المالية للسلطة الفلسطينية وعلى معظم القضايا المتعلقة بالوضع الفلسطيني” يقول المختص بالشأن الصهيوني عدنان أبو عامر.

ويؤكد أن الإسرائيليين متفقون فيما بينهم على استباحة الدم الفلسطيني وانتهاك حقوقه وارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.

ويتفق سعيد بشارات مع “أبو عامر” في أن الحكومة والمعارضة يتفقون فيما بينهم حول الملفات الفلسطينية والحرب التي يشنونها على الفلسطينيين لكنهم يختلفون حول هوية ووجه الدولة كما قال.

وهو نفس ما ذهب إليه المختص أليف صباغ الذي يرى أن المعسكرين متفقان في الموضوع الفلسطيني بشكل كبير جدًّا وكذلك حول دور “إسرائيل” في الشرق الأوسط والعلاقة مع الدول المطبعة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات