الجمعة 19/أبريل/2024

السعي لتحقيق العدالة بفلسطين.. شتان بين ألمانيا وجنوب أفريقيا

السعي لتحقيق العدالة بفلسطين.. شتان بين ألمانيا وجنوب أفريقيا

جغرافيًّا بين ألمانيا وجنوب أفريقيا بحار وأنهار ومحيطات وفي سياستهما تجاه فلسطين كما بين الثرى والثريا فالناظر في سياسة جنوب أفريقيا يجد أنها متقدمة أميالًا عن كثير من البلدان الأوروبية وفي مقدمتها ألمانيا التي تتبنى مسارًا عنصريًّا منحازًا للجلاد على حساب الضحية.

انحياز ألماني متطرف للاحتلال

لماذا ألمانيا تحديدًا؟ مقال للكاتب إقبال جسّات الناشط في شبكة الاستعراض الإعلامي Media Review Network بجنوب أفريقيا يحذِّر من خطورة سياسة التضييق الألمانية على التضامن مع فلسطين والتي تصاعدت في الآونة الأخيرة.

يقول جسّات في هذا المقال المنشور بالإنجليزية في صحيفة “ذا ستار” بجنوب أفريقيا: إنّ إحدى فضائل السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا نحو فلسطين أنّها تتقدّم بمسافة أميال عن الانحياز الألماني اليميني المتطرف لـ”إسرائيل”.

يضيف: “علينا التذكير بأنّ جنوب أفريقيا تستطيع عمل المزيد لأجل عزل إسرائيل ومعاقبتها لكن قياساً بألمانيا فإنّ سعي جنوب أفريقيا لتحقيق العدالة لفلسطين يضعها متقدِّمةً أميالاً عن كثير من البلدان الأوروبية التي تظلّ في موقف المتفرج في حين تتعمّد “إسرائيل” انتهاك القوانين التي يزعم الأوروبيون تبنِّيها”.

جنوب أفريقيا وفلسطين قضية واحدة

ولا تزال جنوب أفريقيا تتمسك بمواقفها تجاه القضية الفلسطينية وتدعم خيارات الشعب الفلسطيني وتنادي بإعطاء الفلسطينيين حقهم في دولة مستقلة وتنتقد سياسات “إسرائيل” التي تصفها بالأبارتهيد.

إنَّ نظرة جنوب إفريقيا إلى فلسطين تستند إلى التأكيد بأن فلسطين هي دولة محبة للسلام وأنها مستعدة وقادرة على تنفيذ التزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة وقد دعمت جنوب أفريقيا فلسطين دائماً رغم أنها تحررت من نظام الفصل العنصري نهائياً في عام 1994م إلا أن ألمها ما يزال حيًّا في فلسطين ونضال شعبها ما يزال قائماً في وجدان كل فلسطيني.

ويشهد الجنوب أفريقيون تاريخ جراحهم في ممارسات اليهود في فلسطين ولهذا يرون أن حريتهم ناقصة دون تحرير فلسطين ويحفظون كلمة الزعيم نيلسون مانديلا عن ظهر قلب: “إننا نعتقد جيداً أن حريتنا لا تكتمل إلا بحرية الفلسطينيين”.

تدابير ألمانية قمعية صارمة

أما ألمانيا فقد شرعت مؤخرًا -على سبيل المثال لا الحصر- في تدابير صارمة جديدة لقمع التضامن مع فلسطين وبدافع من الولاء الأعمى لـ”إسرائيل” تدابير تكاد تجرِّم التعبير عن الرأي والنشاط السلمي.

وقد ركّز تقرير أخير نشره المؤتمر الألماني لوزراء الداخلية IMK على ما أسموه: “الوقاية والتدخل ضد العداء للسامية المتعلِّق بإسرائيل” عبر استخدام العداء للسامية درعاً لإخراج التضامن مع فلسطين عن القانون.

وحسب الكاتب الجنوب أفريقي: “يسعى تقرير مؤتمر وزراء الداخلية الألمان إلى التحكم بمناهج التعليم لغرس صورة أكثر إيجابية عن إسرائيل ويقترح التقرير بالتالي حظر الخرائط التي “تُسائل حق إسرائيل في الوجود” وليس واضحاً إن كان هذا يشمل خرائط فلسطين التاريخية”.

يُشار إلى أنَّ هذا التقرير الصادر عن مؤتمر وزراء الداخلية الألمان يصنِّف بصفة مستغربة استنتاجات منظمة العفو الدولية الذي صدر مؤخرًا والذي وصف دولة الاحتلال بدولة فصل عنصري بأنها “معادية للسامية” في تعارض مع التزامات ألمانيا نحو المواثيق الدولية بشأن العنصرية.

ازدراء الحقيقة والعدالة

وحسب ما أفاد الكاتب جسّات فإن التقرير يُظهِر مستويات من الازدراء المطلق للحقيقة والعدالة وتكشف الخلاصات الصادمة التي انتهى إليها عن انفصال كامل عن الواقع.

وقال: “إنّ نظرته إلى حركة المقاطعة ونزع الاستثمارات وفرض العقوبات BDS هو نسخة كربونية من دعاية “هاسبارا” الإسرائيلية من حيث أنه يدمغ الحركة بأنها خطيرة ومعادية للسامية وأنها تضمّ “متطرفين أجانب ومنظمات إرهابية إسلامية ومجموعات يسارية متطرفة”.

في سنة 2019 عدَّ قرار لمجلس النواب الألماني الاتحادي “البوندستاغ” أنّ “العداء للسامية متأصِّل” في حركة المقاطعة BDS وهو ما قاد الجامعات وحكومات الولايات والمؤسسات العامة إلى إنكار حق الفلسطينيين في حرية التعبير والتجمع.

يقول جسّات: إن محللين استنتجوا بصفة محقّة أنّ معايير ألمانيا المزدوجة بشأن حرية التعبير سمحت بهذه الرقابة كي تساهم في الدعاية المتفاقمة المناهضة لفلسطين.

وكانت إذاعة صوت ألمانيا “دويتشه فيله” قد فصلت العام الماضي 4 صحفيين فلسطينيين وأحالت 6 آخرين للتحقيق بتهمة “معاداة السامية” في دعم واضح للعنصرية الإسرائيلية وانحياز فجّ لدولة الاحتلال على حساب تحقيق العدالة للفلسطينيين.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات