اغتيال الكيلاني.. إسرائيل تبرهن على ضعفها أمام المقاومين

تُعدُّ الاغتيالات بالتصفية الجسدية جزءًا أصيلًا من سياسة الاحتلال الإسرائيلي التاريخية في التعامل مع نشطاء وكوادر وقادة العمل الوطني والمقاومة الفلسطينية والتي لم تتوقف يوماً.

وفتحت “إسرائيل” باغتيال الكيلاني فصلاً قديماً جديداً بالعودة لسياسة التصفية الجسدية غير المباشرة بعد أن ظلت طوال العامين الماضيين تقتل الفلسطينيين بواسطة اجتياح المدن والبلدات بالضفة في مرحلة تتصاعد فيها المقاومة هناك.

وكانت “إسرائيل” اغتالت فجر اليوم تامر الكيلاني أحد ناشطي مجموعات “عرين الأسود” في البلدة القديمة بمدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة بعبوة ناسفة في دراجة نارية بعد اتهامه بالمسئولية عن تنفيذ سلسلة عمليات ضد أهداف إسرائيلية.

ونعت مجموعات “عرين الأسود” في بيان لها الشهيد الكيلاني مؤكدةً أن الاحتلال يقف وراء اغتيال الكيلاني بعبوة متفجرة لاصقة ونشرت تسجيلين مصورين من توثيق وحدة الرصد التابعة لها يظهر في أحدهما شخص يترك دراجة نارية وفي التسجيل الثاني يظهر لحظة وقوع انفجار خلال مرور الكيلاني بجوار الدراجة.

وتعاني “إسرائيل” فشلاً أمنيًّا في ملاحقة وإضعاف ظاهرة المقاومين الجدد المتنامية بالضفة المحتلة بشكل بات يقلق المؤسسة الأمنية والعسكرية ويحرج قيادتها السياسية التي تتحضّر لخوض انتخابات خامسة في أقل من 3 أعوام.

null

اغتيال غير مباشر

انفلت عقال الميدان في الضفة والقدس المحتلة وباتت عمليات المقاومة الفردية والمنظمة التي ترد بها كتيبة جنين ونابلس ومجموعات عرين الأسود ظاهرة شبه يومية لصد عدوان الاحتلال في الاجتياحات وحملة التهويد والاستيطان المستعرة.

لا تفضل “إسرائيل” تنفيذ عملية عسكرية موسعة بالضفة المحتلة على غرار عملية السور الواقي عام 2002م وهي في الوقت ذاته لا تريد انهيار مؤسسات وأجهزة السلطة الفلسطينية التي تتقاطع معها في مهمة التنسيق الأمني وفق مراقبين. ;

ويؤكد تيسير محيسن المحلل السياسي أن أسلوب الاغتيال غير المباشر الذي استخدمته “إسرائيل” لتصفية الشهيد الكيلاني يعدُّ مؤشرًا واضحًا على أن الاحتلال يعاني أزمة في التعامل مع ظاهرة المقاومين الممتدة والمتوسعة بالضفة المحتلة. ;

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “كان الأسلوب التقليدي للاغتيالات والتصفية في الاجتياحات المباشرة لبلدات ومدن الضفة ومواجهة المقاومين لكن لذلك حسابات سلبية على قادة الاحتلال وهم لا يريدون سلبيات الآن مع اقتراب انتخابات إسرائيل”.

ويعدُّ أسلوب الاغتيالات غير المباشرة مثل التفجير عن بعد أو القصف بطائرات بدون طيار غير مكلف ونسبة نجاحه عالية أكثر من أساليب الاغتيال التقليدية.

ويقول طلال عوكل المحلل السياسي إن “إسرائيل” عادت لاستخدام أسلوب قديم في الاغتيالات تكرره بين حين وآخر في مسلسل الاغتيالات والإعدام الميداني كما جرى مع عشرات قادة وكوادر المقاومة الفلسطينية في التاريخ.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “الإعدام الميداني مرتبط بأدوات إسرائيل وبطشها على الأرض؛ لذا تمارس إسرائيل هذا الأسلوب بطرق متنوعة في تصفية المقاومين”.

ويدلل أسلوب اغتيال الشهيد الكيلاني أن جيش الاحتلال لا يريد المخاطرة باجتياح منطقة مكتظة مثل البلدة القديمة في نابلس وهي منطقة تشبه تعقيداتها الديمغرافية مخيم جنين. ;

null

حسابات أمنية وسياسية

دوماً تريد “إسرائيل” في عدوانها المتواصل بالمناطق الفلسطينية الخروج بعمليات نظيفة تقلل فيها الخسارة في دماء جنودها وزيادة خسارة الدم الفلسطيني لكن الحسابات الأمنية والسياسية حاضرة أيضاً في توقيت أي عدوان أو عملية عسكرية. ;

قبل أيام طوت “إسرائيل” صفحة مطاردة الشهيد عدي التميمي الذي نفذ عملية حاجز شعفاط وفشلت في كشف مصيره قبل أن يعود لتنفيذ عملية ثانية قرب أحد المستوطنات ويستشهد وهو يطلق النار حتى الرمق الأخير مسجلةً فشلا أمنيا واضحا. ;

ويرى المحلل محيسن أن صورة القيادة العسكرية والأمنية والسياسية الإسرائيلية تضررت من تبعات الفشل الأمني ومشاهد الدمار التي تخلفها عمليات الاجتياح خلال مطاردة وتصفية المقاومين في مدن وبلدات الضفة المحتلة.

ويرجح تصاعد علميات التصفية والاغتيالات غير المباشرة في المرحلة المقبلة بطرق قد تستخدم فيها طائرات بدون طيار لتصفية المقاومين في أماكن تواجدهم.

ويشير تواصل نجاح عمليات المقاومة في الضفة المحتلة إلى فشل أمني وعسكري إسرائيلي في الوصول لخلايا المقاومة قبل وخلال وبعد وقوع العمليات. ;

ويبيّن المحلل عوكل أن عودة الاغتيالات غير المباشرة يعني تصعيد إسرائيلي في قواعد الاشتباك وإطلاق النار وقد منحت أفراد شرطتها وجيشها والمستوطنين تصريحا لإطلاق النار على كل مشتبه بغض النظر عن نتائج إطلاق النار.

الثابت الأكيد في سياسة الاحتلال الآن حسب رؤية المحلل عوكل أن التمييز العنصري والإرهاب متصاعد ومستمر والاغتيالات جزء أصيل في كل مرحلة من الصراع.