الجمعة 19/أبريل/2024

عملية غور الأردن.. مقاومة تتطور وفشل صهيوني يتعاظم

عملية غور الأردن.. مقاومة تتطور وفشل صهيوني يتعاظم

لم يعد مفاجئاً أن ترد الأخبار عن وقوع عملية فدائية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، أو الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، فقد أصبحت هذه العمليات طقساً يوميًّا أو شبه يومي على أبعد تقدير.

فقد تصاعدت العمليات الفدائية، والمسلحة منها خاصة، في الآونة الأخيرة، ويستطيع أي متابع وبكل ثقة أن يقول إنها أضحت ظاهرة واضحة، دون خوف من نقاش قد يقود للتشكيك من وصولها إلى هذه المرحلة.

ووفق المعطيات المنشورة حول العمل المقاوم، والتي باتت تنشر يوميا وأسبوعيا وشهريا؛ فإن ساحة الضفة الغربية المحتلة، منذ بداية العام الجاري 2022 وحتى منتصف أغسطس الماضي، سجلت 6384 عملًا مقاومًا.

فقد سجّل شهر يناير الماضي 623 عملًا مقاومًا منها 28 عملية إطلاق نار، وارتفعت هذه العمليات في فبراير بوضوح، ووصلت إلى 835 عملًا مقاومًا، منها 52 عملية إطلاق نار، وفي مارس 821 عملًا مقاومًا منها 52 عملية إطلاق نار، وفي إبريل 1510 أعمال مقاومة منها 76 عملية إطلاق نار.

أما في مايو، فقد سجلت الضفة 1358 عملًا مقاومًا، منها 57 عملية إطلاق نار، وفي يونيو 649 عملًا مقاومًا منها 31 عملية إطلاق نار، وفي يوليو 588 عملًا مقاومًا، منها 44 عملية إطلاق نار.

وفي الشهر الأخير المنصرم (أغسطس) سجلت الضفة 832 عملاً مقاوماً، أصيب خلالها 28 إسرائيليًّا بعضهم بجراحٍ خطرة.

عملية الأغوار

كل هذا كان يسير في سياق واحد ويدعم توجهاً واحداً وهو تصاعد لافت في المقاومة عامة والمسلحة منها خاصة، حتى جاءت عملية غور الأردن، والتي استهدف فيها المقاومون حافلة صهيونية تقل جنوداً، ما أدى وفق اعتراف جيش الاحتلال إلى إصابة 7 جنود صهاينة بجراح.

المكان والزمان وطريقة التنفيذ كانت كلها مفاجأة غير سارة وغير منتظرة لأجهزة أمن الاحتلال والحكومة الصهيونية، وللمجتمع الصهيوني عامة.

قناة “ريشت كان” العبرية، قالت: إن “التقديرات الأمنية تؤكد أن هجوم غور الأردن كان مخططاً له بعناية، وأن المنفذين انتظروا نقل الجنود يوم الأحد لتنفيذ هجومهم”، لافتةً إلى أن “التقديرات تشير إلى أن هجوم اليوم سيؤدي إلى المزيد من العمليات المشابهة”.

تطور فلسطيني وفشل أمني صهيوني
الباحث في الشأن الصهيوني سعيد بشارات، قال: إن المنظور الإسرائيلي يقرأ عملية النقب على أنها تطور من حالة الذئاب المنفردة إلى حالة أكثر تطورا في الأدوات والعمل.

وبين “بشارات”، في حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أنّ الاحتلال ينظر للعملية ومثيلاتها كإرهاص انتفاضة وليست انتفاضة بحد ذاتها، خاصة مع انعدام الأفق السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الضفة.

وذكر أنّ ما يميز هذه العمليات هو التطور الأفقي لها من حيث امتداد المساحة الجغرافية، والعمودي من حيث صناعة الرمزية.

وأشار بشارات إلى أن أخطر ما تحمله هذه العمليات بالنسبة للاحتلال، أنها تشكل نموذجا منظما ومخططا.

وأوضح أنّ تقديرات الحالة “الإسرائيلية” تشير لتطور الحالة النضالية عنقوديا، وأنها خرجت عن وصفها بـ”الحالات الفردية”.

من جهته، يرى الباحث والمختص بالشأن الصهيوني عمر جعارة، أن العملية مؤشر واضح على تراجع الاحتلال في تحقيق السيطرة والأهداف الأمنية، ودليل على عدم قدرته على فعل ذلك.

وأكدّ “جعارة”، في حديث خاص مع “المركز الفلسطيني للإعلام“، أنّ قدرة المنفذين الولوج لمكان عسكري، شكّل تحديا آخر للاحتلال وأجهزته الأمنية، وبين عجزها عن تحديد العدو وأين يمكن أن يظهر.

وأوضح أن أكثر ما يقلق الاحتلال في هذه العمليات، أن المنفذين أشخاص يصعب عليها تحديدهم أو تصنيفهم بـ”الأعداء أو الخطرين”.

وأشار جعارة إلى أن التعبير الصهيوني تجاه العمليات، أنها “تطور لحالة غضب من مكونات لم تنصهر في الحالة النضالية”.

وبيّن أن هذه النماذج الجديدة في العمل النضالي، تمثل في حد ذاتها تحديًّا استخباريًّا وأمنيًّا للاحتلال في المواجهة المسبقة لهذه العمليات.

التخوفات الصهيونية تتصاعد

 بات من غير الممكن إخفاء حالة التخوف الصهيونية مما يحدث في ساحة الضفة الغربية، وهو ما انعكس بوضوح على وسائل الإعلام العبرية والصحفيين والمحللين الصهاينة.

 المحلل العسكري ليديعوت أحرنوت “رون بن يشايو” يقول: إن “حالة الغليان الفلسطينية تبدو أنها فعلية، وقد تؤدي لانتفاضة حقيقية، وهي غير موجهة على يد المنظمات الفلسطينية، وإنما نتيجة غضب متراكم لجيل الشباب الذي لم يعش معاناة الانتفاضة الفلسطينية الثانية”.

أما صحيفة “هآرتس” فتكشف عن “إجماع أمني إسرائيلي بمن فيهم كبار المسئولين في الجيش والشاباك على تدهور الأوضاع في الضفة الغربية”.

ويعبر الصحفي الصهيوني المعروف، “آفي يسخاروف”، عن المخاوف الصهيونية بقوله: إنه لا يمكن التغاضي عما يحدث في الضفة، البداية كانت في جنين ثم امتدت لنابلس ومحيطها، ولاحقا في سلواد عند أطراف رام الله.

وشدد أنه لن يكون بالإمكان عزل شمال الضفة عن وسطها وجنوبها لمدة طويلة، وقال: إن المنطقة مشتعلة بالفعل، وعدد حوادث إطلاق النار يشير إلى القصة الكبيرة.

ويظهر من كل ما سبق، أن الضفة الغربية المحتلة باتت تسجل نقاطاً أكثر وضوحاً وحسماً في معركة استعادة المبادرة، واستئناف دورها الاستراتيجي في مقاومة الاحتلال ومشاغلته، ومواجهة إجرامه وتعدياته وانتهاكاته التي لا تتوقف ضد الأرض والمقدسات والإنسان، في مقابل حالة صهيونية من انعدام القدرة على استعادة المبادرة، وجر الأوضاع إلى مربع الهدوء مرة أخرى.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات