السبت 20/أبريل/2024

العدوان الإسرائيلي على غزة.. التوقيت والدلالات

العدوان الإسرائيلي على غزة.. التوقيت والدلالات

بعد 4 أيام من إعلان حالة الطوارئ والاستنفار في مستوطنات “غلاف غزة”، جاء العدوان الصهيوني على قطاع غزة، ليفجر تساؤلات عن دوافعه ودلالة توقيته.

الاحتلال الذي بادر بالعدوان بعد عملية تضليل وخداع، زعم التركيز على استهداف حركة الجهاد الإسلامي في حين طالت شظايا قصفه وعدوانه أنحاء قطاع غزة كافة، ولم يرحم طفلاً ولا مسنة.

وعادت “إسرائيل” لسابق عهدها وهي تنزع فتيل التفجير في ميدان غزة بتنفيذ جريمة اغتيال مباشرة لقادة في المقاومة الفلسطينية، وأتبعت الاغتيال بسلسلة غارات على المدنيين أوقعت حتى الآن 15 شهيداً و140 جريحًا منهم نساء وأطفال ومسنين.

ومنذ مساء الجمعة تشن قوات الاحتلال الصهيوني غارات واسعة على قطاع غزة، ضمن عدوان أطلقت عليه ما يسمى “الفجر الصادق”، أدى لاستشهاد 15 مواطنًا، وإصابة 140 آخرين بجروح، فضلا عن إلحاق دمار بالعديد من المنازل والمنشآت والبنى التحتية.

في المقابل ردت المقاومة بإطلاق رشقات صاروخية (أكثر من 200 صاروخ) في عملية عسكرية أطلقت عليها “سرايا القدس” “وحدة الساحات”.

لماذا الآن؟

الحسابات السياسية في الانتخابات “الإسرائيلية” المرتقبة حاضرة في العدوان، لكن رئيس حكومة الاحتلال الحالي “لابيد” ووزير حربه “غانتس” كسرا الخطوط الحمراء، وبادرا بشن عدوان رغم حالة الهدوء.

واعتقلت قوات الاحتلال قبل أيام من العدوان الشيخ بسام السعدي القيادي في الجهاد الإسلامي من مخيم جنين، ثم حذرت فصائل المقاومة وعلى رأسها حركة الجهاد من مغبة تصعيد ميداني.

ويؤكد محمد مصلح، الخبير في الشؤون “الإسرائيلية”، أن “إسرائيل” عمدت لشن عدوان بتنسيق متواصل بين أجهزة الاستخبارات والأمن وجيش الاحتلال وهي تحدد شارة انطلاقه.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “العمل الاستباقي في تنفيذ الاغتيال المفاجئ جاء بعد أيام من إعلان الطوارئ والاستنفار في غلاف غزة، وإيهام العالم أن المقاومة ستقصف مستوطنات إسرائيل”.

وتتناغم المقاومة بغزة مع تطورات الميدان في الضفة والقدس المحتلة وأرض 48 في السنوات الأخير، وتجلى هذا التناغم في معركة سيف القدس عام 2021م.

ويشير الخبير مصلح أن “لابيد وغانتس” يلعبان على وتر الانتخابات الداخلية الإسرائيلية، وغيّرا الرأي عنهما في أن الحكومة الحالية لا تريد الانجرار لحرب مع غزة.

شنُّ عدوان على غزة من شأنه رفع أسهم “لابيد وغانتس” وإقصاء “نتنياهو” من المشهد الانتخابي المقبل، وكسب ودّ اليمين المتطرف، وإقناع جبهتهم الداخلية أن حكومتها قوية، وفق تقديرات الخبراء.

أكبر من “عملية” ضد الجهاد
يقول اللواء يوسف شرقاوي، الخبير في الشؤون العسكرية: إن العدوان على غزة أكبر من مجرد “عملية” عسكرية تشنها “إسرائيل”، وتدعي فيها استهداف حركة الجهاد الإسلامي.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “أعتقد أن حماس تقيّم الوضع جيداً بغزة، والاحتلال يحاول التحكم بمدة العدوان، لكنها على رأس المقاومة له بالمرصاد، وتؤكد أن الاحتلال لا يملك قرار إنهاء العدوان”.

وتعمل فصائل المقاومة بغزة وفق تنسيق الغرفة المشتركة، وقد ألمح الاحتلال مراراً منذ أمس أن أصابع حماس واضحة في إدارة المعركة رغم عدم إعلان القسام حتى الآن دخوله على الخط علانية، في حين تدلل التصريحات الرسمية الصادرة عن الغرفة المشتركة للمقاومة وقيادة الجهاد عن توافق استثنائي في إدارة ميدان المواجهة.

ويرجح الخبير شرقاوي أن عدوان غزة الحالي مرتبط بمشهد إقليمي، وأن “إسرائيل” إذا كانت ماضية نحو قصف إيران بدعم أمريكي تسعى إلى تحييد جبهة غزة وجنوب لبنان حتى تتفرغ لمعركة هناك.

وألمح إلى استخفاف الاحتلال بالوساطة المصرية؛ لأنهم تعهدوا سابقاً بعدم الاغتيال، ثم أوهموا العالم أن المستوطنين يعانون ومحاصَرين في “غلاف غزة”، ثم شنوا اغتيالا مفاجئا.

تزامن الجبهات

توقيت عدوان “إسرائيل” ليس انتخابياً فقط؛ فهناك حلف جديد ولد في الإقليم مع أنظمة عربية في زمن التطبيع؛ ما يستدعي ضرورة قراءة العقل الصهيوني على مكث، وتحديد أهداف إستراتيجية لإيلامه إذا بدأ عدوانًا.

ويرى الخبير مصلح أن قيادة الحكومة الحالية في “إسرائيل” يبعثون برسالة لحلفائهم أنهم المظلة الأمنية الأكثر قوة، وبإمكانها تغيير المعادلة مع غزة ولبنان.

محاولة الفصل بين تطورات الميدان في غزة والضفة المحتلة واضحة المعالم هذه المرة، و”إسرائيل” لا تريد الولوج لساحة احتجاج وانتفاضة شاملة في أرض 48 تشتت جهودها كما وقع في معركة سيف القدس 2021م.

ويقول الخبير مصلح: إن معالم الفصل بين غزة والضفة تؤديها تواصل حملات الاعتقال والملاحقة بالضفة، والتي كان آخرها اعتقال السعدي القيادي في الجهاد الإسلامي، وأنها قادرة على العمل في عدة جبهات.

صحيح أن جبهة جنوب لبنان هي الأكثر أهمية لـ”إسرائيل”، لكن فتيل الانفجار دوماً قصير في جبهة غزة التي من المحتمل أن تحمل مفاجآت إن طال العدوان.

ويؤكد الخبير شرقاوي أن إرادة غزة لن تنكسر، وأن الجولة إن طالت الآن ستكون أشد وطأة من معركة سيف القدس، وأن الحديث عن انطلاق طائرة مسيّرة من غزة ألقت قذائف بعد اجتياز الحدود قد ينذر بمفاجآت.

ويتابع: “لا يجب فصل ميدان غزة عن الضفة الآن، ومطلوب حالة مساندة، ومطلوب من منظمة التحرير الوفاء بالتزاماتها الوطنية المسبقة القرارات في المجلس المركزي، وتخفيف الكل الفلسطيني الضغط عن غزة”.

تبدو “إسرائيل” منزعجة من ميلاد حَراك جزئي في أرض 48 ظهر في اليوم الثاني للعدوان على صورة تظاهرات احتجاجية، لكن إطالة زمن العدوان قد يجر جبهات ثانية لخط النار، وأولها لبنان.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات