الجمعة 19/أبريل/2024

رسالة القسام حول الجنود الأسرى.. الأهداف والتوقيت.. هل تحقق مرادها؟

رسالة القسام حول الجنود الأسرى.. الأهداف والتوقيت.. هل تحقق مرادها؟

نهار الأحد مرّ ثقيلاً جداً على أجهزة الاستخبارات الصهيونية، وطويلاً أيضاً على محبي المقاومة الفلسطينية، الذين ترقبوا لساعات تغريدة الملثم الناطق الرسمي باسم كتائب القسام أبو عبيدة.

فمنذ أن أعلنت كتائب القسام صباح اليوم الأحد، عن تغريدة مهمة للناطق العسكري باسمها أبو عبيدة، ستنشر خلال الساعات القادمة، وأرفقتها بثلاثـة هاشتاقات “سمح بالنشر”، “العصف المأكول”، و”حكومتكم تكذب”، وتكهنات كثيرة تدور في أذهان الجميع أعداء وأصدقاء، في حين ضجّت مواقع التواصل بتكهنات حول ما ستحمله التغريدة من معلومات ورسائل.

جاء المساء ليعلن “أبو عبيدة” عن تعرض أحد الأماكن خلال معركة سيف القدس العام الماضي لقصفٍ صهيونيّ أدى إلى استشهاد أحد مجاهدي وحدة الظل، وإصابة ثلاثةٍ آخرين أثناء قيامهم بمهمة حراسة أحد الجنود الأسرى.

فما الرسالة التي أرادت كتائب القسام أن توصلها، ولماذا الآن؟، خاصة وأنها جاءت بعد وقت قصير من بث الكتائب شريطاً مصوراً للجندي الأسير هشام السيد وهو في وضع صحي بدا سيئاً، ويتنفس من خلال جهاز الأكسجين الصناعي، وهل تحقق أهدافها ومرادها؟
 
مبدأ جديد
الباحث في الإعلام السياسي والدعاية حيدر المصدر، يرى أن المقاومة جنحت مؤخراً إلى تطبيق مبدأ التكثيف المعلوماتي، عبر بث رسائل متلاحقة تحمل في كل مرة بيانات جديدة؛ سعياً منها لتوجيه عملية التأثير نحو المستوى الاجتماعي بدلاً من المستوى السياسي داخل كيان الاحتلال.

ويعتقد “المصدر”، في حديث خاص مع “المركز الفلسطيني للإعلام“، أن ذلك يمكن أن يولّد حراكاً داخلياً قادراً على ممارسة ضغط كافٍ على قيادة الاحتلال، بما يحقق أهداف المقاومة.

وبين أن هذه الطريقة رائجة عند الدول الكبرى، وتندرج تحت مفهوم الحرب المعلوماتية، “فما لا يتحقق مباشرة، يُجنح إلى تحقيقه غيرَ مباشر وبواسطة طرف ثالث، غالباً من داخل البيت نفسه”.

وقال “المصدر”: “التغريدة الأخيرة، بمنطقها التشويقي والتلميحي المضمر، وبنيتها النصية السيميائية، تؤسس لعلاقة تناغم وتضاد في الوقت ذاته؛ فهي أقرب للتناغم مع سردية مقتل الجنديين، ولكن التضاد في أن القتل تم بأيدٍ إسرائيلية”، مؤكداً أن ذلك “ينقل الضغط الاجتماعي إلى مستوى جديد كلياً، يشمل الاتهام، والمطالبة بعودة الجثث”.

رسائل بين الكلمات والسطور

الكاتب والمحلل السياسي أحمد أبو زهري، أكد من جهته، أن “تغريدة أبو عبيدة” حملت رسائل مختلفة، ومنها أنه ذكر أن عدد عناصر وحدة الظل المستهدفة بالقصف أربعة، معتقداً أن لذلك دلالة واضحة بأن الحراسة كانت تتم لجندي على قيد الحياة.

ويرى، في حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن “رسالة القسام” أحرجت صانع القرار داخل الكيان الصهيوني، في ظل تبنيه لرواية أن الجنود قتلى.

ووفق “أبو زهري”؛ فإن التغريدة كشفت عن حرص جيش الاحتلال على قصف أي مكان يحتمل وجود الجنود الأسرى فيه؛ للتخلص من هذا الملف الثقيل، وبينت أن الجيش لم يبدِ أي حرص أو عناية على سلامة الجنود أثناء عملياته العدوانية، وفق قراءته.
 
ويتفق “أبو زهري” مع الباحث “المصدر” في أن الرسائل كانت مركزة لاستهداف الجمهور، وممارسة أقصى ضغط على “الجبهة الداخلية” في ظل عدم الاستقرار السياسي، وضعف صانع القرار، وعدم امتلاكه الجرأة الكافية لإبرام صفقة تبادل جديدة.

وبين أن الرسالة قدمت مادة جديدة لإثارة عائلات الجنود في ظل حراكهم الحالي ضد حكومة الاحتلال، في حين أرسلت رسالة طمأنة للأسرى الفلسطينيين بأن قيادة كتائب القسام تستثمر كل الظروف، وتسخر إمكاناتها لتحريك الملف وإزعاج الاحتلال وممارسة الضغوط عليه حتى يرضخ صاغرًا لتنفيذ صفقة مشرفة.

الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو، وافق رأي الكاتب “أبو زهري”؛ في أن الإعلان عن استشهاد أحد عناصر وحدة الظل دليل على وجود جنود أسرى أحياء.

ويرى “عبدو”، في حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن كتائب القسام تبذل جهوداً كبيرة لإحياء ملف الأسرى وصفقة تبادل جديدة، خاصة بعد وصول “يائير لابيد” لقيادة حكومة الاحتلال، بعد إهمال بينت ونتنياهو، وتعثر الملف رغم اهتمام المقاومة لإبقاء الملف حاضرًا.

هل يتحقق الهدف؟

الصحفي المختص بالشؤون الإسرائيلية مؤمن مقداد، أكد أن التسريب سيفتح بابا واسعاً من الأسئلة تواجه به عوائل الجنود الأسرى حكومتهم، مبيناً أن هذا هدف مهم حققته رسالة القسام.
 
وقال، في حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، إنه رغم وجود رقابة صارمة، إلا أن المواقع العبرية تلقفت الخبر كاملا، وهذا يعني أن الرسالة وصلت، وتحديدا إلى عوائل الأسرى.

ويرى أن جزءًا من أهداف إعلان كتائب القسام تحقق؛ وهو استثمار المسيرة التي ستبدأ من منزل الجندي الأسير هدار جولدن، وتستمر ثلاثة أيام وصولا لغزة، ويشارك فيها أعضاء حاليون وسابقون في الكنيست وضباط سابقون، ومدعومة من مؤسسات متعلقة بالجنود، ويشارك فيها الآلاف من الجمهور الصهيوني.

من جهته يوافق الكاتب حسن عبدو الصحفي “مقداد”، ويؤكد أن رسالة القسام تعبر عن رؤية سليمة وتوقيت مناسب؛ “خاصة بعد إعلان إحدى أسر الجنود أنهم يحشدون لإقامة أكبر تجمع على حدود غزة؛ للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم، وهو ما قد يولد ضغطاً لعقد صفقة تبادل تسعى كتائب القسام لتحقيقها”.

وقال “عبدو”: إن التسريب عمل استكشافي وجس نبض؛ لمعرفة قدرة لابيد على عقد صفقة مع المقاومة”، مبيناً أن هذا قد يشكل إنجازاً للابيد قبيل المعركة الانتخابية فيما لو “عاد للبيت جنود أحياء بالفعل”.

أما الباحث حيدر المصدر فيخالفهما الرأى، ويرى أنه من غير المرجح أن تحقق رسالة القسام أهدافها، على الأقل في هذه المدّة؛ نظرًا للسيطرة المعلوماتية التي تفرضها دولة الاحتلال على المجالين الرقمي والإعلامي.

الكاتب أحمد أبو زهري، من جهته، بيّن أن الرسالة ستخلق قريباً حالة من التلاوم بين المستويات العسكرية والسياسية داخل الكيان الصهيوني، وستعطي مادة جديدة دسمة للإعلام العبري للحديث فيها في قابل الأيام خاصة مع الحراك الكبير المرتقب لعائلات الجنود الأسرى.

وأكد أن من أهم الأهداف المتوقع تحققها في المدّة القريبة القادمة هو تحرك جديد للوسطاء، في ظل ما فتحته هذه الرسالة من نوافذ جديدة للحديث والتفاوض، وفي ظل الضغط الكبير الذي أضافته إلى تحركات عائلات الجنود الأسرى المرتقب في الأيام المقبلة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات