الخميس 25/أبريل/2024

واقع الاستيطان الإسرائيلي في محافظة جنين

واقع الاستيطان الإسرائيلي في محافظة جنين

كغيرها من المدن الفلسطينية لا سيما في الضفة الغربية المحتلة، تواجه محافظة جنين غول الاستيطان الإسرائيلي الذي يستهدفها بالمستوطنات والبؤر والطرق الالتفافية وجدار الفصل العنصري، وذلك لأهميتها الاستراتيجية.

وتواجه محافظة جنين الواقعة في أقصى شمال الضفة الغربية، العديد من المخططات الاستيطانية والأمنية، وباتت مؤخرًا في بؤرة استهداف سلطات الاحتلال، ضمن محاولات فرض الأمر الواقع، وتكريس الهيمنة الاستيطانية، وتهجير أصحاب الأرض والحق.

وفي أرجاء المحافظة تنغرس غصبًا 6 مستوطنات، و5 بؤر استيطانية، ومعسكران لجيش الاحتلال، و5 حواجز عسكرية ثابتة، بالإضافة لجدار الفصل العنصري؛ ما أوجد بيئة جغرافية معقدة، مزقت الأحياء والقرى الفلسطينية، وحولتها إلى جزر معزولة، يسهل التحكم بها.

وفضلاً عن تداعيات التقسيم الذي فرضته “أوسلو” على الضفة الغربية، وتوزيعها بين مناطق “أ” و”ب” و “ج” دون أي ترابط ومرجعيات إدارية مختلفة، استغل الاحتلال الاتفاقية، ووضع 33.4٪ من الأراضي التابعة لمحافظة جنين تحت سيطرته الأمنية من خلال تصنيفها مناطق (ج).

الموقع والتسمية

تقع جنين في أقصى شمال الضفة الغربية، عند النهاية الشمالية لمرتفعات نابلس، فوق أقدم الجبال المطلة على سهل مرج بن عامر، وهي خط لالتقاء بيئات ثلاث: الجبلية، والسهلية، والغورية، وبهذا أصبحت مركزًا لطرق المواصلات القادمة من نابلس والعفولة والناصرة وبيسان وحيفا، حيث تعد جنين تاريخيًّا إحدى مدن المثلث في شمال فلسطين، تحيط بها كل من بيسان وطوباس من الشرق، والناصرة وحيفا من الشمال، وطولكرم وأم الفحم ومنطقة عارة من الغرب، ونابلس من الجنوب.

وهي منطقة سهلية في معظمها باستثناء مناطق التلال القريبة من نابلس وطولكرم، التي لا يزيد ارتفاع أعلاها عن 500 متر، وتطل جنين على غور الأردن من الشرق، كما تشرف على سهل مرج ابن عامر إلى الشمال.

سميت جنين بهذا الاسم بسبب الجنائن التي تحيط بها، وربما من هنا جاء اسمها القديم “جانيم” بمعنى جنان، والمعروف أن جنين الحالية تقوم على البقعة التي كانت عليها مدينة عين جانيم الكنعانية التي تعني عين الجنان، وفي العهد الروماني أقيمت مكانها قرية ذكرت باسم جيناي من قرى مقاطعة سبسطية. (كتاب جنين الإحصائي السنوي 2. 2010).

جنين قبل عام 1948

قبل العام 1948، كانت مساحة المحافظة تبلغ 836 كم2،  واحتلت من العصابات الصهيونية، بعد انسحاب الإنجليز منها في 14 أيار مايو 1948، لكن وفي ظل صمود المقاتلين الفلسطينيين، وبدعم الجيش العراقي، دحر هذا الاحتلال، واستطاعوا استرداد عدد من القرى مثل: فقوعة، وعرابة، والمقيبلية، وصندلة وجلمة، وغيرها. (وفقًا لدراسة أعدها مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير، بعنوان: الاستيطان في محافظة جنين، 2019).

إلا أن المحافظة فقدت عددًا من القرى والبلدات بقيت ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وهذه البلدات هي: أم الفحم، مصمص، سالم، مشيرفة، معاوية، برطعة الغربية، صندلة، مقيبلة، وسولم. كما دمرت العصابات الصهيونية عددًا آخر من القرى التابعة للمحافظة وتم تهجير أهلها، وهذه القرى هي: الجوفة، نورس، المزار، زرعين، عين المنسي، اللجون.

وقد أقيمت على أراضي هذه القرى المستوطنات التالية: فرزون، جان نير، ميطاف، يزراعيل، أفيتال، ياعيل، مدراخ عوز، وكيبوتس مجدو، وتعد اليوم جزءًا من أراضي فلسطين المحتلة عام 1948، وفي العام 1967 سقطت جنين وقراها في قبضة الاحتلال بعد حرب حزيران. (وفقًا لدراسة أعدها مركز رؤية للتنمية السياسية، بعنوان: الاستيطان والجدار الفاصل في محافظة جنين، 2019).

تبلغ مساحة المحافظة الآن 580.520 كم مربع، أي حوالي 9٪ من إجمالي مساحة أراضي الضفة الغربية، وتضم 92 تجمعًا سكنيًّا، حسب ما أفاد محمود الصيفي، مدير مركز أبحاث الأراضي في نابلس، ويقطنها 325 ألف نسمة (وفقًا لجهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني 2019).



سياسة الاستيطان

تعرضت أراضي محافظة جنين، كما هو الحال في باقي مناطق الضفة الغربية والقدس، لهجمة استيطانية استعمارية توسعية؛ حيث سلب الاحتلال عشرات آلاف الدونمات من الأرض، وقطع أوصال المناطق الفلسطينية، حيث توزعت المستوطنات في محافظة جنين على شكل أحزمة تحيط بالمدينة وقراها، بهدف خنق مجالات توسعها، وتسهيل السيطرة على الأرض والسكان.

فوزعت توزيعًا جغرافيًّا يغطي كل المراكز العمرانية الفلسطينية في المحافظة، وبعض المراكز العمرانية الفلسطينية في المحافظات المجاورة، لاسيما محافظتي طولكرم ونابلس، فحاصرت المدن والقرى الفلسطينية، ومنعت تطورها، وغيرت طبيعتها، ونهبت خيراتها.

نالت محافظة جنين حصتها من سلب الاحتلال الأراضي للأغراض الاستيطانية المختلفة عقب احتلالها عام 1967، كان منها: بناء المستوطنات والبؤر الاستيطانية ومعسكرات لجيش الاحتلال، وجدار الفصل العنصري.

وركز المشروع الاستيطاني على السيطرة على المنطقة الغربية من محافظة جنين، وهي المنطقة المحاذية للأراضي المحتلة عام 1948، والتي توجد بها 6 مستوطنات و4 بؤر استيطانية، ومحمية أم الريحان الطبيعية التي تبلغ مساحتها 3000 دونم؛ بهدف فصل الفلسطينيين في الضفة جغرافيًّا وديمغرافيًّا عن إخوانهم في القرى الفلسطينية في الداخل، بالإضافة لرغبته في السيطرة على أراضي الضفة القريبة من الساحل الفلسطيني التي تطل بحكم ارتفاعها على مدن الاحتلال ومستوطناته المقامة في المناطق المحتلة عام 48، محولًا إياها بذلك إلى عمق جغرافي لكيانه.

حيث تقوم سياسة الاحتلال في هذه المنطقة المصنفة (ج) حسب اتفاقيات أوسلو، على محورين أساسيين هما: تكثيف التواجد الاستيطاني، ومحاربة الوجود الفلسطيني من خلال عدم السماح بالبناء للمواطنين الفلسطينيين، ،هدم البيوت والمنشآت ومصادرة الأراضي. (مركز رؤية للتنمية السياسية، مصدر سابق).

تصل مساحة المستوطنات القائمة لغاية الآن إلى 2942 دونمًا من أراضي محافظة جنين، ولا يوجد معلومات وأرقام رسمية حول مساحة الأراضي التي تصادرها البؤر الاستيطانية والمعسكرات الإسرائيلية في محافظة جنين.

والجدير بالذكر أن المساحة التي تحتلها هذه المستوطنات هي تلك الأراضي التي تقع ضمن السياج الذي يحيط بالمستوطنات، مع مساحة مسطح البناء فيها؛ لكن يوجد لهذه المستوطنات مناطق تحيط بها يصعب على المواطن الفلسطيني وأصحاب الأراضي المحيطة بالمستوطنة الوصول إليها واستغلالها، إلا بتنسيق أمني، وبعد معاناة شديدة، ويطلق عليها اسم “مناطق نفوذ أمني”، أو “مناطق عسكرية مغلقة”، وهذه الأراضي تقدر بآلاف الدونمات؛ فقد بلغت مساحة مناطق النفوذ الأمني للمستوطنات في محافظة جنين حتى العام 2014 حوالي 34190 دونمًا. (مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير، مصدر سابق).

مراحل التوسع الاستيطاني

لم يباشر الاحتلال ببناء المستوطنات في محافظة جنين فور احتلالها عام 1967، إذ كان قراره التمكن من القدس ووسط الضفة أولًا، ثم الانتقال ليضع أقدامه الاستيطانية في شمال الضفة وجنوبها، وفي عام 1977 بدأ الاحتلال ببناء المستوطنات في محافظة جنين، فبنى فيها 10 مستوطنات، أخلى 4 منها عام 2005.

وبلغ التوسع الاستيطاني ذروته عام 1981، حيث بنى الاحتلال 3 مستوطنات دفعة واحدة، ويبلغ عدد المستوطنين في المحافظة 3504 مستوطنين، وقد وصلت نسبة زيادة عدد المستوطنين إلى 33% خلال الأعوام 2013-2018. (مركز رؤية للتنمية السياسية، مصدر سابق).

المستوطنات في محافظة جنين

وبحسب مدير مركز أبحاث الأراضي في نابلس، محمود الصيفي، وفي حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، فقد بلغ عدد المستوطنات في محافظة جنين 10 مستوطنات، من ضمنها 4 أخليت عام 2005، لكن يُمنع الفلسطينيون من الاقتراب منها، إذ تعد مناطق عسكرية مغلقة.

والمستوطنات الـ10 هي: جانيم، وجينات، وسانور، وميفودوتان، وكديم، وشاكيد، وحنانيت، وريحان، وتل منشه، وحرميش.

ويشير الصيفي إلى أن المستوطنات في محافظة جنين تقسم إلى ثلاث مجموعات:

1- المستوطنات التي ضمها جدار الفصل العنصري وهي: شاكيد، وحنانيت، وريحان، وتل منشة.

2‌- المستوطنات خارج جدار الفصل العنصري وهي: ميفو دوتان وحرميش.

3- المستوطنات المخلاة وهي: كاديم، وجانيم، وسانور، وجينات.

كما تقسم المستوطنات في محافظة جنين جغرافيًّا إلى ثلاث مجموعات:

الأولى مستوطنات تحاصر مدينة جنين من الجهتين الشرقية والغربية وتضم: جانيم، وكاديم، وجينات، مانعة لتطورها العمراني المدني، وقد أخليت عام 2005.

الثانية وتقع جنوب غرب جنين، وتضم مستوطنات: حرميش، ميفودوتان، حينانيت، شاكيد، وريحان، وتل منشه، مشكلة تكتلًا استيطانيًّا مترابطًا يتصل مع المستوطنات المقامة على الأراضي المحتلة عام 1948.

الثالثة تقع جنوب جنين، وتضم مستوطنة استيطانية واحدة هي سانور وقد أخليت عام 2005. (مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير، مصدر سابق).

وفيما يلي نستعرض هذه المستوطنات بالتفصيل:

أولًا: المستوطنات القائمة لغاية الآن

1- مستوطنة حرميش

يعني اسمها بالعربية: المنجل، وهي أداة حصاد القمح القديمة، وقد أقيمت في العام 1982، كمستوطنة مجتمعية ذات أيدلوجية علمانية، وتولت وزارة البناء والإسكان “الإسرائيلية” إقامتها، وهي تتبع لمجلس شمرون الإقليمي، وقد أقيمت بمبادرة من منظمة بيتار حيروت اليمينية، بلغ عدد سكانها حتى العام 2019 حوالي 280 مستوطنًا، و109 مبانٍ استيطانية. (مركز رؤية للتنمية السياسية، مصدر سابق).

وتقع إلى الغرب من محافظة جنين وتبعد عن مدينة جنين حوالي 20 كيلو متر، وتقع في أقصى شمال محافظة طولكرم وتبعد عن مدينة طولكرم حوالي 22 كيلو مترا، وهي مقامة بين محافظتي طولكرم وجنين.

في بداية إنشائها، أقيمت على جزء من أراضي خربة فراسين، ويملك الخربة عائلة اسمها “فراسيني”، أصلها من قرية عرابه في محافظة جنين، والأرض المقامة عليها المستوطنة يطلق عليها الأهالي اسم “أرض فراسين”.

وقد صودرت مساحات واسعة من أراضي قرية النزلة الشرقية وقرية قفين في شمال محافظة طولكرم، ومن قرية يعبد في غرب محافظة جنين، لصالح إقامة هذه المستوطنة وتوسيعها.

بلغت مساحة مسطح البناء في هذه المستوطنة لغاية عام 2016، حوالي 96 دونمًا؛ فيما بلغت مساحة السياج الذي يحيط بالمستوطنة حوالي 445 دونمًا صودرت من أراضي القرى سالفة الذكر.

بلغت مساحة النفوذ الأمني للمستوطنة حتى العام 2014، حوالي 5006 دونمات، تضخ المستوطنة مياه الصرف الصحي في الجهة الجنوبية للمستوطنة على أراضي النزلة الشرقية؛ ما يلوث المياه الجوفية والبيئة. (مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير، مصدر سابق).

2- مستوطنة تل منشه

مستوطنة مجتمعية ذات أيدلوجية دينية، أقيمت في العام 1992على أراضي يعبد، وتولت الوكالة اليهودية إقامتها، وتتبع لمجلس شمرون الاستيطاني، وتسميتها توراتية، نسبة للحاخام ميناشيه.

بلغت المساحة الكلية للمستوطنة حتى السياج والسور الذي يحيط بها حتى عام 2016 حوالي 270 دونمًا؛ فيما بلغت مساحة مسطح البناء فيها حتى عام 1997 حوالي 23 دونمًا، وفي عام 2016 بلغت م

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين

جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين

كينجستون – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزيرة الخارجية والتجارة الخارجية في دولة جامايكا، اليوم الأربعاء، أن دولتها اعترفت رسميًا بدولة فلسطين....