الجمعة 19/أبريل/2024

عين العوجا .. محمية طبيعية فلسطينية تواجه التهويد والاستيطان

عين العوجا .. محمية طبيعية فلسطينية تواجه التهويد والاستيطان

مع تصاعد أعمال الاستيطان، وتنفيذ عملية الضم (السلب والنهب) على أرض الواقع، برزت المحميات الطبيعية، في الضفة الغربية وسيلةً جديدةً يستخدمها الاحتلال لنهب الأرض الفلسطينية.

ومع بداية عام 2020 أصدر نفتالي بينيت -والذي كان يشغل حينها منصب وزير الحرب الإسرائيلي- قرارًا بإنشاء 7 محميات طبيعية جديدة في الأغوار، وتوسيع 12 محمية أخرى في أراضي الضفة الغربية، بهدف سلب عشرات آلاف الدونمات مما تبقى من أراضي مناطق (ج) التي يسيطر عليها الاحتلال.

وتقدر مساحات المحميات الطبيعية في الضفة الغربية بنحو نصف مليون دونم، تقع غالبيتها في المناطق المصنفة (ج) يحظر على الفلسطيني استغلالها، أو الاستفادة منها، وينظر إليها على أنها رصيد إستراتيجي للاستيطان.

عين العوجا.. أضخم عملية سلب منذ أوسلو
وضمن هذه السياسة، استولت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، مؤخرًا على محمية “عين العوجا” في أريحا، ومساحتها 22 ألف دونم، وهي أكبر محمية طبيعية فلسطينية بالضفة الغربية.

وأفادت صحيفة هآرتس أن “رئيس الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية، وقّع في نيسان/ أبريل الماضي، أمرًا يقضي بإعلان السيطرة على المحمية الطبيعية (عين العوجا)، وهي المحمية الطبيعية الكبرى التي تضع السلطات اليد وتستولي عليها، منذ توقيع اتفاقية أوسلو”.

ويقيد الإعلان والأمر الصادر عن سلطات الاحتلال الاستخدام المسموح به للأرض، كما يضع تلك المحمية الطبيعية الفلسطينية في دائرة مخططات التهويد والاستيطان.

وعمدت سلطات الاحتلال على مرّ العقود إلى الإعلان عن مئات الآلاف من الدونمات في الضفة الغربية والقدس المحتلتين أنها “محميات طبيعية”، وبدأت في فرض الحظر والتقييدات عليها وحولتها إلى أغراض استيطانية.

وعقبت حركة “السلام الآن” اليسارية الإسرائيلية المناهضة للاستيطان، في بيان، على قرار الاستيلاء على “عين العوجا”، أن “الإعلان عن السيطرة على المحمية ليس هدفه الحفاظ عليها، بقدر ما أن المسألة مرتبطة بالاستيلاء على الأرض، وهي إحدى الأدوات العديدة التي تستخدمها إسرائيل لنزع ملكية الفلسطينيين عن أراضيهم”.

تنفيذ السلب على أرض الواقع
في حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أكد مسؤول ملف الأغوار، ومقاومة الاستيطان، معتز بشارات: أن هذه الخطوة تندرج ضمن الخطوات التي تتخذها سلطات الاحتلال من أجل تنفيذ عملية الضم (السلب والنهب) على أرض الواقع، قائلًا: “أعلن الاحتلال وقف عملية الضم (السلب) في وسائل الإعلام فقط، لكن عمليًّا وعلى أرض الواقع الاحتلال لم يوقفه، ويقوم به بشكل مدروس وممنهج”.

وذكّر بالقرارات التي اتخذها رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينيت قبل عامين، حينما كان يشغل منصب وزير حرب الاحتلال، بإنشاء سبع محميات طبيعية في منطقة الأغوار، على مساحة عشرات الآلاف من الدونمات، تمهيدًا لسلبها، باستخدام طرق ملتوية أطلق عليها اسم “محميات طبيعية”؛ فعلى سبيل المثال يوجد في الأغوار الشمالية 76 ألف دونم صنفها الاحتلال على أنها “محميات طبيعية”.

ويوضح بشارات أن الاحتلال ومن خلال تصنيفه للأراضي الفلسطينية على أنها “محميات طبيعية” يجيز لنفسه سلبها، وإنشاء البؤر الاستيطانية فيها، وتأجيرها لمجلس المستوطنات.

يضيف “وهنا تكمن الخطورة، فعملية الضم (السلب والنهب) بدأت منذ زمن بعيد، ولكن الاحتلال اليوم يفعل ما يريد في منطقة الأغوار، وحينما يمنح مجلس المستوطنات الحق في إدارة شؤون الأغوار، وتشكيل شرطة خاصة، من أجل الضغط على الشعب الفلسطيني، ومحاولة تهجيره من أرضه، فمجلس المستوطنات وشرطته الخاصة هم من يمارسون عملية هدم المنشآت الفلسطينية، وسلب الأراضي، والجرارات الزراعية، وصهاريج المياه التي للفلسطينيين”.

وبيّن بشارات أن هدف الاحتلال من السيطرة على منطقة عين العوجا، بالإضافة لتنفيذ عملية السلب والنهب على أرض الواقع، هو حرمان الفلسطينيين من المياه، من خلال السيطرة على نبع عين العوجا، الذي كان يشكل مصدرًا لمياه الشرب للفلسطينيين ولريّ المزروعات، موضحًا أن الاحتلال عمليًّا يسيطر على كل المياه الجوفية في الأغوار، ولا يسمح للفلسطينيين بحفر الآبار في المناطق المصنفة (ج).

وشدد مسؤول ملف الأغوار، ومقاومة الاستيطان، على خطورة الوضع في منطقة الأغوار، بعدما بات الاحتلال يسيطر عليها تمامًا، فإذا نفذ الاحتلال مشروع السلب والسيطرة في الأغوار، ومنطقة العوجا والتي هي أراضي وقف إسلامي وملكيات خاصة للمواطنين، فلن يتبقى للفلسطينيين أي شيء في المنطقة.

وأضاف: “الاحتلال يريد السيطرة على كل الأراضي الفلسطينية في المنطقة، ثم ينقض على مساكن الفلسطينيين ويهدمها، كما فعل في خربة حمصة التي نفذ فيها 8 عمليات هدم، ولم يغادر الخربة حتى رحّل آخر طفل فلسطيني منها، فالاحتلال يهدف لطرد جميع الفلسطينيين من منطقة الأغوار والسيطرة على الأراضي تمامًا.

تهويد وتهجير
من جانبه، رأى الخبير في شؤون الاستيطان، صلاح الخواجا أن السيطرة على منطقة العوجا تأتي في سياق تسارع خطوات الضم (السلب) الفعلي على أرض الواقع، حيث ازدادت وتيرة نهب وتهويد الأراضي الفلسطينية في جميع أرجاء الضفة الغربية، من خلال أساليب وأشكال مختلفة.

وأضاف: “بالتالي فإن إعلان الاحتلال وضع يده على هذه المنطقة، يأتي بهدف السيطرة على المناطق المفتوحة، وقطع التواصل الجغرافي بين مناطق (أ) ومناطق (ج)، وزيادة التضيق على المواطنين والمزارعين الفلسطينيين، من خلال حرمانهم من المياه وزراعة أراضيهم ورعي ماشيتهم، بهدف إجبارهم على الرحيل.

وقال الخواجا، في حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن “سلطات الاحتلال تعمل باستمرار على سلب كل الأراضي الفلسطينية في منطقة الأغوار، والسيطرة على مصادر المياه، ومنع أي وجود فلسطيني في هذه المناطق وإعلانها مناطق مغلقة، ثم تحويلها إلى أراضٍ زراعية للمستوطنين، وإقامة البؤر الاستيطانية فيها، وهي سياسة يتبعها الاحتلال في معظم مناطق الضفة الغربية، فيسلب الأراضي بدعاوى واهية، مثل: أسباب أمنية وعسكرية، أو محميات طبيعية، أو مناطق بيئية، أو مناطق نفوذ للمستوطنات”.

يشار إلى أنه حسب معطيات سلطة جودة البيئة الفلسطينية، يوجد في أراضي السلطة الفلسطينية (الضفة الغربية بما فيها القدس، وغزة) 51 محمية طبيعية.

وتشكل المحميات ما مساحته 9٪ من مساحة الضفة الغربية، وتقع في غالبيتها في المناطق المصنفة “ج”، الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلية.

ويعد الفلسطينيون أن قرار سلطات الاحتلال، بالإعلان عن محميات طبيعية في الضفة الغربية، بمنزلة محاولة للاستيلاء على الأراضي العربية، تحت غطاء “بيئي”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات