الخميس 25/أبريل/2024

المقاومة جدوى مستمرة.. عقيدة الشباب الثائر في الضفة

المقاومة جدوى مستمرة.. عقيدة الشباب الثائر في الضفة

“المقاومة جدوى مستمرة” عبارة أطلقها الشهيد باسل الأعرج، صارت منهجاً ودستوراً، يكتبها العاشقون على الأسوار، والمقاومون في غرف التصنيع وساحات الإعداد لمواجهة الاحتلال في كل المحطات.

وقد أطلق الشهيد باسل هذه العبارة خلال شرحه لشبانٍ فلسطينيين، أثناء رحلةٍ إلى جنين شمالي الضفة المحتلة، حيث تحدث عن دور “حرب الاستنزاف الطويلة مع العدو في إرهاقه وكسر شوكته في نهاية المطاف”، مستشهداً بإخلاء العدو مستوطناته من جنين عقب انتهاء الانتفاضة الثانية بفعل “شراسة مقاومة أهل المدينة على امتداد الانتفاضتين الأولى والثانية” وما قبلهما، ليورّثوا أبناءهم أرضاً خالية من الاستيطان.

فعلى كل الشفاه تتكرر كلمة “مقاومة” بين مختلف الأجيال، لترسم طريق التحرير رغم كل المحاولات لطمس الهوية والتدجين والترهيب، وتذويبهم ليتناسوا قضيتهم.. لكن هيهات.


الشهيد باسل الأعرج

ففي الضفة الغربية المحتلة تمتلئ الطرقات المتعرجة بإطارات السيارات المشتعلة، وتتناثر شظايا الزجاج المحطم، مرددين كلمة واحدة هي “المقاومة”، على أمل أن تشهد تعبئة شعبية تقود لثورة عارمة في أنحاء فلسطين كافة.

إرث عريق وقديم

يقول الكاتب والباحث عصمت منصور: إن جذور الشعب الفلسطيني وإرثه في المقاومة عريق وقديم لاجتثاث المشروع الصهيوني عن أرضه، إلا أنه حصلت فترة خاصة بعد توقيع اتفاق أوسلو اصطدم شعبنا بفئة تقلل من جدوى المقاومة، وتدعي أن الحلول تأتي من خلال المفاوضات والحوار.

وأشار منصور في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، إلى أن هذا الفئة حاولت من خلال نفوذها وسيطرتها على الإعلام والمؤسسات والدعم الغربي أن تبث هذه الأفكار، مستدركاً أن هذا المشروع فشل في التأثير الكبير على مشروع المقاومة، لتعود روح المقاومة بقوة في أوساط الشباب من خلال المقاومة بكل أشكالها.

وقال: “اليوم ومع كل عملية عادت فكرة المقاومة وروحها، وهذا يظهر من خلال متابعة مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يبين حجم التفاف شعبنا حول المقاومة والمقاومين وطريقة الاحتفاء بهم”، لافتاً أن فصائل المقاومة لعبت دورًا كبيرًا في إحياء هذه الحالة عبر وسائل إعلامها ودعايتها الكبيرة.



وتكمن أهمية المقاومة واستمراريتها، وفق منصور، بكونها الأداة الوحيدة التي من خلالها يثبت فيها شعبنا وجوده وتمسكه بحقوقه وإيلام العدو للتنازل عن هيمنته المطلقة والتسليم بحقوق شعبنا.

وأكد منصور أن المقاومة تبث الروح لشعبنا عبر شعوره بالعزة والكرامة، وأنه ليس مطية للاحتلال، بل يوجعه، ويصفعه، ويضربه في مقتل.

وحول ما هو مطلوب لتحفيز الشباب لانخراط أوسع في هذه الحالة، أشار أن أكثر ما يعزز هذه الروح هو فكرة تعزيز ثقافة المقاومة والتعامل معها بواقعية وتنويع أدواتها سواء عبر كلمة أو منشور أو مقال أو حجر وصولاً إلى أعلى أشكال المقاومة، لتصبح ثقافة مجتمع ينخرط فيها الجميع.

أهداف إستراتيجية وتكتيكية

من جهته، قال الباحث والكاتب السياسي ساري عرابي: إن عدّ المقاومة جدوى مستمرة؛ يعني أنها حالة مؤسسة ومتجذرة في صفوف الجميع، مشيراً إلى أن أي فعل مقاوم فعله الشهيد باسل أو أقرانه من الشباب يعزز هذه المقولة، ويعطيها المزيد من القيمة والمصداقية والدافعية والإلهام.

وشدد عرابي في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أنه من الواجب والطبيعي على أي شعب أن يواجه القوة التي احتلته بالمقاومة، ولا يمكن أن تزول أي قوة أو استعمار دون مقاومة.

وأكد أن المقاومة لها أهداف إستراتيجية وأهداف تكتيكية، وتتركز الإستراتيجية منها على إزالة الاحتلال عن أرضنا، أما على المستوى التكتيكي فوظيفة المقاومة -حسب عرابي- تتمثل في تأطير الجماهير وزيادة الوعي لديهم، وإضعاف الاحتلال وإشغاله، ومنع الاحتلال من التمدد والتجذر والهيمنة والتكرس.

وعلى المستوى الفلسطيني، فتتركز أهداف المقاومة -وفق الكاتب عرابي- في قطاع الطريق على مشاريع التصفية والتطبيع وتجذير الاحتلال في بلادنا ومنطقتنا، مشدداً “الضحية المستكينة لا يمكن أن يتعاطف معها أحد، ولا يمكن أن تدافع عن نفسها، ولكن الضحية التي تتحرك وتقاوم هي التي يتعاطف معها العالم وتدافع عن نفسها، وبالتالي المقاومة خطيرة على الاحتلال على المستوى الآني والتكتيكي والإستراتيجي”.

المقاومة تتصاعد في الضفة

وذكر أن حالة المقاومة في الضفة الغربية في تصاعد، لكن هذه الحالة تتكيف مع الشروط الموضوعية، موضحاً أن ظروف الضفة الغربية لا تسمح الآن بانتفاضة شاملة وواسعة مثل الانتفاضة الأولى أو مسلحة مثل الانتفاضة الثانية.

وأضاف: “عدد العمليات في الضفة الآن كبير نسبياً، وهي تتجدد على النحو المؤثر بين وقت وآخر”، مؤكداً أن استمرار هذه العمليات بهذه الوتيرة من شأنه أن يدمج شرائح جديدة وأعدادًا أكبر من الشباب في هذه الحالة.

فعلى وقع تصاعد جرائم الاحتلال ضد المسجد الأقصى، شهدت الأسابيع الأخيرة سلسلة من العمليات الفدائية بالطعن وإطلاق النار أدت إلى مقتل 17 “إسرائيليا” على الأقل، وإصابة أكثر من 31 آخرين، سواء في الضفة الغربية المحتلة أو داخل أراضي 48.

وكانت هذه العمليات التي نفذت في أقل من 7 أسابيع (22 مارس- 6 مايو) كفيلة بهدم بنيان إمبراطورية الأمن الإسرائيلي المزيف.


مراكمة أسباب القوة

الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين، يؤكد أن المقاومة جدوى مستمرة؛ لأنها تراكم أسباب القوة والانتصار على الاحتلال؛ “فنحن لا نملك قوة عسكرية عظيمة نستطيع بها سحق الاحتلال في معركة حاسمة”.

وقال عز الدين لـ “المركز الفلسطيني للإعلام“: “هنا يأتي دور المقاومة الدائمة فتراكم الإنجازات الصغيرة فوق بعضها بعضًا”.

وأضاف: “الكثير من العمليات في السنوات الأخيرة لم تكن قوية، إلّا أن الاستمرار ومراكمة التجارب وتناقل الخبرات أدت لموجة العمليات الأخيرة، والتي كانت مميزة وقوية”.

ضعضعة المجتمع الإسرائيلي

وذكر أن أهمية الاستمرارية هي ضعضعة يقين المجتمع الصهيوني بمؤسساته ودولتهم، وبالتالي انخفاض تمسكهم بدولتهم، ولا شك أن عملية “إلعاد” تحديدًا لعبت دورًا مفصليًّا في ذلك.

وتابع: “المستوطنة يسكنها أغلبية من الحريديم وهم جزء من تحالف اليمين الصهيوني. اليوم الحريديم يتهمون دولتهم بالتخلي عنهم، ويتهمون حلفاءهم التقليديين من الصهيونية الدينية بأنهم ورّطوهم في مواجهة مع الفلسطينيين بسبب اقتحامات الأقصى”.

وشدد عز الدين: “لا يستطيع الصهاينة مواجهتنا رغم ما يملكونه من ترسانتهم في ظل انقسامهم وعجزهم ورئيس وزراء ضعيف وحكومة هشة ومعنويات متدنية”.

وقال: “هم يراهنون على أن هذه العمليات موجة وتنتهي بعد أسابيع أو أشهر وبعدها نعود للهدوء، لكن كلما استمرت أكثر سيكون الوضع أصعب بكثير عليهم وخصوصًا إذا وصلنا لنقطة اللاعودة”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات