عاجل

الأربعاء 24/أبريل/2024

معادلة غزة-القدس.. حين يتناغم التاريخ والجغرافيا

معادلة غزة-القدس.. حين يتناغم التاريخ والجغرافيا

الطريق إلى القدس يبدأ من غزة، ويتمدد لأخواتها من البلدات المنتفضة.. هكذا سجلت المعارك التاريخية في الصراع على المدينة العتيقة مشهداً مكرراً تبرره واقعية الجغرافيا ودروس التاريخ.

معادلة غزة-القدس التي تثبتها المقاومة الآن في إطار عدوان الاحتلال المتصاعد على المسجد الأقصى تحمل أبعاداً إسلامية ضاربة في عمق التاريخ كان لها في كل حقبة من يمثلها.

وتثبت الدراسات التاريخية والحضارية أن الغزاة الرامين للسيطرة على القدس مروا بمعارك وصراعات على تخوم ساحل غزة كمحطة أولى في المواجهة.

قبل عام بدأت خطوات التصعيد الأولى من الاحتلال في القدس التي استنجد أهلها بمقاومة غزة التي هبت للدفاع عنها، فاشتعلت معركة سيف القدس التي يتردد صداها في آذان الاحتلال إلى الآن.

تناغم تاريخي

هذا التناغم بين غزة والقدس كلما اشتد عدوان الاحتلال على المسجد الأقصى، مثلما جرى في تخطيط الاحتلال لمسيرة الأعلام وذبح القرابين الذي تراجع عنه، له ما يبرره.

أضحت المدينة العتيقة وزوارها وسكانها أكثر إيماناً بمن يعد ويفي ويقول وينفذ، وهذا لم يتكرر مع القدس المحتلة في زمن التطبيع والنكران لقدسيتها، سوى من غزة وأخواتها من البلدات الفلسطينية المشتعلة.

ويؤكد د.جمال عمرو، الخبير في شؤون القدس والاستيطان، أن بين القدس وغزة ارتباطا عضويا، ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “كل من توجه من الغزاة والفاتحين للقدس لا بد أن يحكم سيطرته على ساحل غزة وعسقلان، وهذه كانت جوهر خطة صلاح الدين العسكرية لفتح القدس”.

ثمة رابط عقائدي ديني وتاريخي بين نقطتي الصراع في غزة والقدس؛ فكلاهما مكمل للآخر، واليوم يكرر التاريخ نفسه باحتلال القدس وحصار غزة المستمر.

يقول د. غسان وشاح، أستاذ التاريخ والحضارة، أن القاعدة التاريخية أثبتت عمق العلاقة بين القدس وغزة محورًا جرت فوقه أحداث مهمة وتاريخية.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “جند السلطان نجم الدين أيوب عام 1244م نخبة جيشه من مقاتلي غزة قبل معركة القدس، وحررها من الصليبيين، ووقعت معركة بغزة سميت حطين الثانية قتل فيها 30 ألف صليبي”.

وتجسد غزة في المعارك التاريخية والصراع خط الدفاع الأول عن القدس لم ينجح احتلالها ولا تحريرها إلا بعد استقرار جبهة غزة التي كان أبناؤها من نخبة جيوش معارك حطين وعين جالوت وغيرها من معارك فاصلة.

توأم القدس

بقيت القدس في يد المسلمين حتى وقع احتلال جديد لها على يد بريطانيا عام 1917م قبل بدء المشروع الصهيوني الذي انتهى بنكبة فلسطين 1948م واحتلال القدس 1967م.

عمليات التهويد والاستيطان بالقدس المحتلة التي بلغت أشدها في الأعوام القليلة الماضية دفعت المدينة المقدسة للاستغاثة بمقاومة غزة التي تقول كلمة سواء في ملف القدس.

ويرى الخبير عمرو أن الاحتلال لم ينجح في إلقاء مسؤولية غزة على أي دولة عربية بعد النكبة مدركاً حساسية موقفها التاريخي في ملف القدس التي أضحت تتبادل الجراح مع غزة مؤخراً.

ويتابع: “خاضت غزة 3 حروب مع الاحتلال عنوانها القدس، وبينهما تأثير متبادل في التهاني والحصار، ولها تضحية تاريخية يوم استشهد 100 ألف مصري عندما هاجمت في غزة وبئر السبع جيوش بريطانيا العثمانيين”.

رابط التاريخ والمصير يتجدد الآن بين غزة والقدس، وهناك إسقاط تاريخي مدفوع الثمن في واقع المدينتين التي تتجدد معادلتها بطريقة أكثر وضوحاً في وقت يهتفون فيه بالقدس فيسمعون الصدى بغزة.

ويؤكد الدكتور وشاح أن مراكمة المقاومة القوة في غزة تسير بتعاظم نحو طريق التحرير الذي يسعى لتحرير القدس؛ لأنها كانت دوماً مفجرة الثورات في فلسطين.

رفع المقاومة شعار “القدس أولاً” في معاركها الأخيرة مع الاحتلال، وأهمها معركة سيف القدس تدلل حسب تفسير الدكتور وشاح على عزيمة غزة المقاومة في استنهاض مشاعر المسلمين وحشد طاقاتهم وعقيدتهم.

المحطات التاريخية التي ثبت فيها مقاتلو ورجال غزة في الدفاع عن القدس ومعاركها الفاصلة، تعكس صورةً لواقع مقاوم آخذة في الوضوح بعد سنوات من واقع احتلالي ليس مؤبداً.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات