الأربعاء 27/مارس/2024

توشيحات رمضان.. نابلس تودع الشهر الفضيل على طريقتها الخاصة

توشيحات رمضان.. نابلس تودع الشهر الفضيل على طريقتها الخاصة

منذ الساعة الثالثة فجراً، أي قبل الأذان بنحو ساعة ونصف؛ تبدأ مآذن المساجد في مدينة نابلس، في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، بتوديع الشهر الفضيل على طريقتها الخاصة، بما يعرف بـ”توشيحات رمضان”، وهي تواشيح وترانيم وابتهالات دينية، تذكر محاسن الشهر، وتبدي الحزن على قرب انتهائه.

وقال المؤذن في شبكة الأذان الموحد بنابلس، الشيخ راغب القصص: إن كلمات التوحيشات تحمل طابعاً حزيناً ومؤثراً، وكأنها تعبّر عن حزن أهالي المدينة الجماعي على رحيل شهر رمضان.

وأكد القصص الذي ينشد التوشيحات بنفسه، أنه لا يعرف كاتب الكلمات، لكنها متوارثة منذ عقود طويلة، حيث تضفي على العشر الأواخر طابعاً روحانياً، وتحث المواطنين على المزيد من العبادات واستغلال ما تبقى من أيام الشهر الفضيل.

وأضاف لـ”قدس برس” أن “نابلس مدينة ملتزمة دينياً، ولها طقوس مشهود لها في كل المناسبات الدينية، ومنها شهر رمضان، ومن ضمن ذلك التوحيشات”.

وتابع القصص: “من كلمات تلك التوشيحات:

“لا أوحش الله منك يا رمضانا… يا شهر الخيرات والإحسانا

شهر الصيام على الرحيل لقد نوى.. يا طول ما تتذكروا رمضانا

يا ترى دوما نعود ونلتقي.. في مثل هذا الشهر يا إخوانا”.

وأوضح القصص أن جزءاً من التوحيشات يُطلق عليها التحنين، وهي تلك التي تحمل طابع الدعاء، مثل:

“يا حي يا قيوم.. لا إله إلا أنت

يا حنَّان يا منَّان.. أجرنا من عذاب النار

يا ذا الجود والإحسان.. ثبتنا على الإيمان”.

وأشار إلى أنه سمع من مختصين في تاريخ في نابلس، أن التواشيح تعود للدولة الفاطمية، ونقلت إلى مدينة نابلس عبر مشايخ من أبنائها كان يتعلمون في مصر آنذاك.

أما المنشد مصطفى محمد؛ فيقول لـ”قدس برس”: إن “التوشيحات والتحنين عادة عُرفت بها مدينة نابلس، وقد حفظناها من كثرة تردادها، حتى إننا ننشد بها أحياناً في مناسبات غير شهر رمضان، مثل حفلات المولد النبوي الشريف”.

ورأى أن “مشهد ترديد التوشيحات محبب جداً للنفوس، ففي الاستراحات خلال صلاة التراويح أو قيام الليل؛ تعلو بها أصوات المصلين خلف الإمام، ما يخلق أجواءً روحانية داخل المسجد”.

من جهته؛ قال المسن وائل عودة، إنه يستمع لتلك التوحيشات منذ أن كان طفلاً صغيراً.

وأضاف لـ”قدس برس”: “لم يكن هناك شبكة للأذان الموحد قبل 60 عاماً، حيث كان والدي يصطحبني معه إلى المسجد الصلاحي القديم في البلدة القديمة بنابلس؛ لحضور حلقات الذكر والدعاء في العشر الأواخر من رمضان، وتحديداً ليلة القدر في الـ27 من الشهر الفضيل”.

وتابع: “كان هناك منشدون ومؤذنون قدامى يملكون حناجر ذهبية، يطربون القلوب قبل الآذان، فيجعلونك تعيش في حالة إيمانية غير مسبوقة”.    

ولفت إلى أن انتشار الفرق الصوفية في مدينة نابلس، ساهم في إبقاء تلك الترانيم والموشحات حتى اليوم؛ فهم يتوارثونها جيلاً بعد جيل، ويضفون عليها طابعاً جميلاً من خلال الزي التقليدي الذي يرتدونه عند إنشادهم لها وسط المصلين.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات