الخميس 25/أبريل/2024

الجمعة الثانية من رمضان.. السيف في القدس والدرع في غزة

الجمعة الثانية من رمضان.. السيف في القدس والدرع في غزة

مشاهد الحشود الضخمة التي أمّت المسجد الأقصى في الجمعة الثانية من شهر رمضان، كانت صاحبة الإنجاز الأول في تراجع الاحتلال ومستوطنيه في تنفيذ مخططاتهم بذبح القرابين في باحات الأقصى، عدا عن البسالة والشجاعة الكبيرة التي أبداها الشباب الفلسطيني في التصدي لجرائم الاحتلال واعتداءات ومحاولات منع أو إفشال الاعتكاف والرباط في الأقصى.

تلك الحشود الفلسطينية كانت تستند بدورها إلى الدرع القوي وخطاب المقاومة الفلسطينية في غزة الذي أربك الاحتلال وأرعب مستوطنيه، فاكتمل مشهد التصدي وتراجع الاحتلال، وحاول الاحتلال رغم اعتداءاته الجسيمة لملمة الأمور وعدم الذهاب نحو المجهول، رغم أن الأوضاع في المسجد الأقصى كانت على شفى الانفجار إلا أنّها سرعان ما عادت إلى ما كانت عليه دون الهدوء التام.

وعقب الاقتحام الكبير للمسجد الأقصى بعد صلاة فجر الجمعة الثانية من رمضان وإصابة العشرات واعتقال المئات من المصلين والمعتكفين، إلا أنّه لم يكن أمام الاحتلال خيار إلا فتح بوابات الأقصى أمام المصلين على مصراعيها، حيث أمّ الأقصى أكثر من خمسين ألف مصلٍّ من أنحاء الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل.

دور غزة
في الوقت الذي كانت تلعب فيه المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة دور رأس الحربة في الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى في مثل هذا التوقيت بالتمام من العام الماضي في معركة “سيف القدس”، لم تشأ هذه المرة أن تلعب دور المتفرج أمام الاعتداءات والاقتحامات الصهيونية المتزايدة.

ورغم أنّ المعركة احتدمت في ساحات الأقصى من بعد الصلاة الفجر حتى قبيل صلاة الجمعة بقليل، إلا أنّ الأنظار كانت تتجه إلى غزة تنتظر ساعة الصفر للرد على جرائم الاحتلال واستفزازات مستوطنيه، حيث شكلت غزة قبلة الاتصالات والتدخلات الإقليمية والدولية لمنع اندلاع مواجهة جديدة، أو انفجار جديد غير محسوب العواقب.

الأمر الذي اشترطت من خلاله قيادة المقاومة وقف الاعتداءات والاستفزازات الصهيونية في المسجد الأقصى، حيث تلقى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية اتصالًا من المنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الشرق الأوسط تور وينسلاند، الذي وجه دعوة لكل الأطراف بالعمل على احتواء ما يجرى، موضحًا أن الأمم المتحدة تجري جهودًا واتصالات مكثفة لتهدئة الأوضاع وتحديدًا في المسجد الأقصى.

وأكد هنية خلال الاتصال ضرورة رفع الأمم المتحدة الغطاء عن الممارسات الصهيونية العدوانية، وإلزام الاحتلال بشأن ما يجرى الآن في المسجد الأقصى بأربع نقاط أساسية؛ أولها السماح للمصلين والمعتكفين بالوصول إلى المسجد الأقصى بحرية تامة وعدم الاعتداء عليهم داخل المسجد، والإفراج عن المعتقلين الذين اعتقلهم الاحتلال فجر الجمعة وما قبله، ووضع حد نهائي لقصة القرابين، ووقف عمليات القتل والاغتيال في جنين ومخيمها ومختلف أنحاء الضفة، مؤكدًا في الوقت ذاته أنه إذا استمر الاحتلال ستستمر مواجهته.

تنظيم الجبهات
القيادي في حركة “حماس” محمود مرداوي، قال لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: إنّ الفضل في تراجع الاحتلال يعود لحالة الصمود والتصدي الكبير التي أبداها الشعب الفلسطيني في المسجد الأقصى والقدس.

وعن دور المقاومة في غزة، أكّد “مرداوي”: “إذا عدنا للوراء عاما كاملا، فإننا نستحضر معركة سيف القدس، وكيف أنها أرست قواعد اشتباك جديدة ودلالات عملية حقيقية، تقول إن الفلسطينيين لم يعودوا يسمحون بمعركة يخوضها الاحتلال على جبهة معينة دون أن تشارك باقي الجبهات بما تراه مناسباً وملائماً لها ولمقتضيات المعركة التي تدور في مواجهة الاحتلال”.

وأشار القيادي في “حماس” إلى أن ما جرى هو توحيد للجبهات وليس تطابقها؛ “بل عملت المقاومة بخط متقدم على تقديم الوسائل والأدوات التي تراها مناسبة لكل منطقة، حيث إنه يمكن تأخير سلاح في جبهة ما، يكون أفتك وأقوى من التقديم، وهذا يدخل في إدارة المعركة والعقل الناظم لها والمدبر لمساراتها”، وفق قوله.

ويبيّن القيادي الفلسطيني أن الاحتلال تلقى رسائل واضحة عقب الاجتماع الذي عقدته قيادة المقاومة في غزة قبل يومين واتخذت قرارات واضحة لا لبس فيها، وكان أبرزها “إذا تمادى الاحتلال في اعتداءاته فإن كل ما يملك الشعب ومقاومته قابل للاستخدام، وإلا ما معنى الاستعدادات والتسليح إذا جاءت الحقيقة التي تختبر فيها المقاومة من خلال تحدٍّ يتعلق بعقيدة المسلمين الدينية والسياسية والوطنية، فيما يتعلق بقدسية الأقصى ومكانة القدس عاصمة أبدية لفلسطين”.

وأوضح “مرداوي” أن القرار لم يكن موجهاً للاحتلال وحده؛ بل فهمه الإقليم والمجتمع الدولي؛ أنّ الأمر لم ولن يكون مجرد إنذارات وتهديدات وتصريحات، بل وقائع ومعطيات عملية واستحضارًا حقيقيًّا للماضي القريب في معركة سيف القدس.

وأضاف: “في الماضي القريب شكك المراقبون على مستوى فردي أو جماعات أو حتى دول بإمكانية الرد، أما الآن فلا أحد يستطيع أن يشكك، ومجرد وجود الاحتلال فهذا مدعاة للمقاومة حتى إزالة الاحتلال والتخلص منه”.

ومضى يقول: “الاحتلال من خلال ما يسمعه من رسائل تصله عبر الوسطاء يدرك أن المقاومة جادّة وأنها لن تتوانى في الرد في الوقت المناسب، وهذا يعني أن كل الجبهات جاهزة للرد وليس غزة فقط، بل إنّ غزة تشكل الرماة الذين يعتلون أعلى الجبل، يراقبون المعركة وينظمونها، ومستعدون للانخراط في المعركة دفاعاً عن فلسطين ومقدساتها”.

معادلة جديدة
بدوره عدّ المحلل السياسي إبراهيم المدهون، أنّ الجديد فيما جرى في الأقصى في الجمعة الثانية هو حجم التحذيرات التي تلقاها العدو الصهيوني إذا ما تمادى في استفزازاته واعتداءاته، مبيناً أنّه لا يوجد أي اتفاق للتهدئة في باحات الأقصى ولا الضفة المحتلة.

وقال المدهون لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”
: “هناك حالة اشتباك شعبي وجماهيري مع الاحتلال، مع التركيز على العمليات الفردية غير المنظمة، فما دام هناك احتلال سيقاوم الشعب وسيدافع عن أرضه ومقدساته بكل الوسائل”.

ويعتقد المحلل السياسي أنّ المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة استطاعت رسم معادلة جديد بعد معركة “سيف القدس” العام الماضي، وأن التحذيرات باتت تثمر في لجم الاحتلال ومستوطنيه، حيث كان هناك تراجع واضح بمنع المستوطنين من ذبح القرابين وإقامة طقوسهم التلمودية في المسجد الأقصى، حيث جعلت تحذيرات المقاومة قيادة الاحتلال تعيد حساباتها قبل اقتراف أي جريمة.

وأوضح المدهون أنّ الاحتلال كان يريد الاستفراد بمخيم جنين واقتحامه، “إلا أنّ المقاومة أكّدت أنّ جنين من معادلة الردع والاشتباك مع المقاومة، وهو ما جعل الاحتلال يعيد النظر أيضاً في اقتحام المخيم، وهو ما يعني أن المقاومة بات لها الكثير من الحسابات وقادرة على صياغة المعادلات”، وفق قوله.

وأشار المحلل السياسي إلى أنّ وحدة الموقف والبندقية والصف الفلسطيني، يعمل على نسج معادلة فلسطينية متكاملة تستمر معها حالة الاشتباك في الضفة والقدس والداخل، وسط حالة من اليقظة والردع للمقاومة في غزة، مبيناً أنّ ما بعد معركة “سيف القدس” أصبحت حسابات الاحتلال معقدة، وتجعله يفكر ألف مرة قبل أن يرتكب أي حماقة بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين

جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين

كينجستون – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزيرة الخارجية والتجارة الخارجية في دولة جامايكا، اليوم الأربعاء، أن دولتها اعترفت رسميًا بدولة فلسطين....