الجمعة 19/أبريل/2024

تقدير موقف حول تأثيرات الأزمة الأوكرانية على القضية الفلسطينية

تقدير موقف حول تأثيرات الأزمة الأوكرانية على القضية الفلسطينية

أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات تقدير موقف بعنوان: “تأثيرات الأزمة الأوكرانية على القضية الفلسطينية وخيارات التصرف المتاحة”، وهو من إعداد الأستاذ حسام شاكر، الباحث المتخصص بالشؤون الأوروبية.

فقد أنهت الأزمة الأوكرانية مرحلة ما بعد الحرب الباردة، إثر قيام روسيا بشنِّ الحرب على أوكرانيا يوم 24/2/2022، على الرغم من محاولة الردع الاستباقي من جانب الولايات المتحدة والدول الغربية، وهو ما أحدث شرخاً عميقاً في علاقات روسيا مع الدول الغربية، التي أقدمت على فرض حزمة غير مسبوقة من العقوبات.

وتستثمر واشنطن في الأزمة الأوكرانية في محاولة إضعاف روسيا وتهميشها، لكنّ موسكو التي برهنت مجدداً على جاهزيتها للإقدام على مفاجآت وتحرّكات خاطفة، تحاول استخدام أوراق الضغط المتاحة لديها إلى درجة التلويح بالسلاح النووي.

فمع نهاية الحرب الباردة وبروز أحادية القطبية، وُضِعَت القضية الفلسطينية على مسار مشروع التسوية السياسية الذي هيمنت عليه الولايات المتحدة. وقد أدّى هذا إلى أزمة داخلية في مشروع التحرّر الفلسطيني، وانقسام سياسي حادّ في الساحة الفلسطينية، وانكفاء منظمة التحرير مع بروز سلطة الحكم الذاتي المكبّلة بالتزامات أمنية نحو الاحتلال. وبعد نهاية عهد دونالد ترامب الذي سعى إلى فرض ما عُرف ب”صفقة القرن”؛ لم تُبْدِ إدارة جو بايدن اهتماماً ملحوظاً بإطلاق مشروع جديد للتسوية السياسية، بينما تتمسّك حكومة نفتالي بينيت الإسرائيلية، مثل سابقتها، برفض إجراء مباحثات سياسية مع السلطة الفلسطينية. ولم تُظهِر الأطراف الأوروبية في السنوات الماضية استعداداً لإطلاق مشروعات أو مبادرات سياسية جادّة بشأن قضية فلسطين، لكنها استمرّت في التمسّك بخطوط الرباعية وإطلاق مواقف اعتيادية في هذا الشأن وتقديم إسهامات مالية للسلطة الفلسطينية.

ورأى التقدير أنَّ من شأن التنافس الدولي المستجدّ في عالم متعدِّد الأقطاب أن يتيح فرصاً أفضل نسبياً للقضية الفلسطينية على المدى البعيد، على الرغم من عدم اتضاح ما ستتمخّض عنه الأزمة الدولية الحالية، وما ستُفضي إليه مجرياتها الدقيقة على مستوى موازين القوى. ومن شأن التهاب صراع النفوذ بين الأقطاب الدولية في المنطقة، إن تحقّق في حالة احتمال روسيا هجمة العقوبات والعزل المسلّطة عليها، أن يتيح فرصاً لإعادة التموضع بالنسبة للأطراف الإقليمية، وأن يفتح أفقاً محتملاً لخروج القضية الفلسطينية من حالة الانسداد السياسي المزمن الذي شهدته في ظلّ هيمنة الولايات المتحدة على ما سمي “عملية سلام الشرق الأوسط”، وما تمخّض عنها من اتفاقات وأنظمة. لكنّ ذلك لن يتّضح في الأمد القريب، فهو متعلِّق أساساً بما ستؤول إليه الأزمة الدولية الحالية المرشّحة لمزيد من المفاجآت، ومدى تأثيرها على موازين القوى الدولية والإقليمية.

وأشار التقدير أنه قد يبدو للوهلة الأولى أنّ الأزمة الأوكرانية لن تعود بتأثيرات ملموسة على القضية الفلسطينية، وأنها ستصرف الاهتمام الدولي بعيداً عن فلسطين وعدد آخر من القضايا؛ لكنّ توفّر إرادة سياسية فلسطينية مصحوبة بهبّة شعبية أو انتفاضة، وجاهزية تَدَخُّل لدى المقاومة الفلسطينية كفيل بأن يُعيد فرض القضية الفلسطينية على المستوى الدولي، وتوظيف حرص واشنطن وحلفائها على التهدئة في هذه المرحلة الحسّاسة لأجل انتزاع مكتسبات معيّنة لصالح الشعب الفلسطيني وقضيّته، على الرغم من ضعف البيئة الإقليمية الرسمية الحاضنة لهذا التصعيد الفلسطيني المحتمل.

وأوصى التقدير القوى الفلسطينية بأن تسارع إلى اغتنام اللحظة في صياغة خطوط عريضة على الأقل لبرنامج وطني فلسطيني للتحرّر من الاحتلال، والسعي إلى فرض مطالب الشعب العادلة وتغيير بعض قواعد اللعبة المفروضة على الواقع الفلسطيني، مع تفويت الفرصة على إمكانية إفراغ هذا التوجّه من محتواه عبر مسارات تفاوضية مجرّبة سلفاً وأثبتت التجربة فشلها. كما دعاها إلى تشجيع إرهاصات هبّة شعبية فلسطينية جديدة وتعزيزها بخطاب واضح ومطالب محددة دفعاً في اتجاه إنهاء الاحتلال، واستثمار الأزمة الروسية الأوكرانية في تأزيم موقف الاحتلال على المستوى الدولي.

وختم التقدير بالإشارة إلى أن المستجدات الدولية تفرض صياغة خطاب فلسطيني جديد، على هذا الأساس، مصحوب بأداء فاعل يحدِّد مطالبه بصفة ضاغطة على المجتمع الدولي، ويحشد الشعب الفلسطيني وقوى أمّته وجماهير العالم معه، علاوة على محاولة استثمار المواقف الإقليمية والدولية في هذا الاتجاه. وتفرض الأزمة الأوكرانية عناية خاصة من جانب الأطراف الفلسطينية، على صعيد المواقف ولغة الخطاب، ويشمل ذلك:

أ-إعادة تقديم قضية فلسطين بصفتها الطبيعية القائمة على الاحتلال غير المشروع وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه ودياره، والدفع باتجاه التخلّص من خطاب المواءمات مع أولويات الاحتلال الذي برز في مرحلة أوسلو.

ب-استثمار الخطاب الصاعد على المستوى الغربي الذي يصرِّح بدعم المقاومة المسلّحة لقوات الغزو والاحتلال، بالنظر إلى الحالة الأوكرانية، في تأكيد مشروعية مقاومة فلسطين وكفاح شعبها العادل.

ج-الاستفادة من سياسات العقوبات ونزع الاستثمارات التي تقودها الولايات المتحدة وحلفائها ضدّ روسيا في مواجهة السياسات والجهود الدعائية المناهضة لمقاطعة الاحتلال الإسرائيلي، ونزع الاستثمارات منه وفرض العقوبات عليه.

د-تحاشي الظهور في موقف مؤيِّد للغزو الروسي والاحتلال الذي قد يترتب عليه في أوكرانيا، بالنظر إلى الأبعاد المبدئية في هذا الشأن، وتناقض موقف مفترض كهذا مع المطالبة بزوال الاحتلال في فلسطين.

للاطلاع على الورقة كاملة ;من هنا

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات