الأربعاء 27/مارس/2024

ملف ضريبي وتصريح عمل.. حرب صهيونية ممنهجة على الرعي بالنقب المحتل

ملف ضريبي وتصريح عمل.. حرب صهيونية ممنهجة على الرعي بالنقب المحتل

لم تنتهِ فصول الجريمة الصهيونية بحق النقب وأهله بمسلسل التهجير وسرقة الأرض عام 1948، بل بقي النقب في بؤرة الاستهداف الصهيوني بالسلب والتهويد.

فبعد احتلال غالبية أراضي النقب، وطرد البدو الفلسطينيين منها، حاصر الاحتلال من تبقى منهم في منطقة السياج، وزجّ بجزء كبير منهم في بلدات لا تصلح للحياة، وتنعدم فيها كل المقومات الأساسية للعيش الآدمي.

وتنوعت أساليب الاحتلال الإسرائيلي لتحقيق الهدف بالاستيلاء على النقب وتهويده، ولم تتوقف عند محاولات انتزاع الملكيات، بالخديعة تارة وبهدم البيوت تارة أخرى، وتجريف المحاصيل وزراعة الأشجار الحرجية غير المثمرة، وجلب المستوطنين وتوطينهم، واختراع مشاريع عسكرية، أو مدنية، لتفريغ الأرض من ساكنيها.

حرب ممنهجة
وأحدث الطرق للاستيلاء على الأرض هي سرقة المواشي، وملاحقة أصحاب الإبل والأغنام في كل مراعي النقب.

قد تستغرب عزيزي القارئ، لكن هذا هو الواقع الأليم الذي يحياه البدوي الفلسطيني المُحارب في مصدر رزقه ومعيشته؛ بهدف الضغط عليه ليتخلى عمّا تبقى من أرض لا يزال متمسكاً بها.
 
منسق لجنة التوجيه العليا للعرب في النقب، جمعة الزبارقة، أكد أن تربية المواشي هي مصدر الرزق الأساسي لبدو النقب، مبيناً أن بدو النقب كانوا يمتلكون 750 ألف رأس من المواشي قبل 10 أعوام، لكنهم اليوم يملكون 250 ألف رأس فقط.

 وقال “الزبارقة” في حديث خاص لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”: إنه خلال السنوات الماضية عملت سلطات الاحتلال -وما زالت- على تقليل أماكن الرعي مستخدمة دعاوى متنوعة مرة من أجل تدريبات الجيش، ومرة من أجل الحفاظ على الطبيعة، ومرة باعتبارها مناطق عسكرية مغلقة، ومرة من أجل إقامة قرى جديدة لليهود ومشاريع مختلفة، ومرة من أجل بناء معسكرات للجيش، وغيرها من المزاعم الواهية.

وبيّن أن الاحتلال يضيّق على البدو الفلسطينيين في النقب من خلال المسّ بمصدر رزقهم الأساسي يوميًّا وبطريقة ممنهجة، مستشهداً بحراثة الاحتلال 600 دونم من الأراضي المزروعة بأطعمة خاصة بالمواشي ليخففوا عبء وتكلفة شراء الأعلاف لإطعامها.

ويرى “الزبارقة” أن الهدف الأساسي هو تهجير أهل النقب وسلب أراضيهم، وتغيير الواقع الديموغرافي، مؤكداً أن الصراع في النقب هو صراع أرض ووجود.

ويشكل العرب ما نسبته 32٪ من سكان النقب، حيث بلغ عدد العرب وهم السكان الأصليون وأصحاب الأرض الحقيقيون 320 ألف نسمة من أصل 973 ألف نسمة تقريبًا يسكنون في النقب.

وقال “الزبارقة”: إن الاحتلال يخشى من تضاعف أعداد العرب خلال السنوات القادمة، ويريدون منعنا من التكاثر، ولذلك يعتقدون أنهم إذا أدخلوا العرب في بلدات تشبه علب السردين فهي بالتالي تحدّ من تكاثرهم الطبيعي بسبب الضائقة السكنية.

  ملفات ضريبية للرعي!
لا تستغرب -عزيزي القارئ- إذا علمت أن سلطات الاحتلال طلبت من الرعاة فتح ملف ضريبي شرطًا لمنحهم تصاريح تسمح لهم برعي مواشيهم.

يوضح “الزبارقة” أن ذلك وقع بالفعل، والهدف منه كما يقول، زيادة التضييق على عرب النقب ومصدر رزقهم، عبر زيادة الأعباء المالية عليهم، مؤكداً أنه من لا يفتح ملفاً ضريبياً ويدفع الضرائب، لا يمكنه أن يخرج ماشيته للرعي.

وبيّن أن عددًا قليلًا من مربي المواشي في النقب لديهم ملفات ضريبية، والباقون يعانون من سياسات المضايقة وسرقة مواشيهم، مشيراً إلى وجود مشكلة حقيقية في الحصول على تراخيص المراعي، حيث لا توجد أساسًا مناطق رعي كافية لتوزيعها على جميع مربي المواشي، وفق قوله.

ومع مرور السنين، تحولت العديد من أراضي الرعي في القرى العربية، إلى مستوطنات ومطارات ومناطق عسكرية مغلقة، وقد يكون أكثرها شهرة “مطار تل الملح”، ومستوطنة “نفاتيم” التي تحولت من أرض عربية زراعية مأهولة بالسكان، إلى قرية زراعية يهودية ومطار عسكري.

ويرى “الزبارقة” أن الاحتلال يمسك بالعصا من كل جوانبها، ويريد السيطرة على كل الأمور في النقب، عبر إجبار السكان البدو الفلسطينيين على التبعية الكاملة للاقتصاد الإسرائيلي، دون أي نوع من أنواع الاستقلالية.

وفي مفارقة عنصرية واضحة، يمنح مربي الأغنام الصهيوني في النقب مزرعة فردية تضم آلاف الدونمات للرعي.

ويقول الرعاة الفلسطينيون إنه في حين يحرم صاحب الأرض الأصلي من إمكانية لتربية المواشي ورعيها، تمنح التسهيلات والامتيازات للراعي الصهيوني، وعدد منهم مسؤولون في الحكومة الصهيونية.
 
وشدد “الزبارقة” أن المضايقات والملاحقات في كل مناحي الحياة، والصراع الممتد منذ سنوات طويلة هو قدر الفلسطينيين في النقب، وقال: “نحن متمسكون بأراضينا، ولن تركها، ولن نذهب لنعيش على المريخ. هذا وطننا وهذه أراضينا، ونحن فيها باقون”.

 وبعد كل هذا يمكن الوصول إلى نتيجة واحدة لا لبس فيها، وهي أن كل الاعتداءات والجرائم الصهيونية بحق الرعاة في النقب وماشيتهم لا تهدف فقط لمحاربة رزق البدو الفلسطينيين فقط، إنما هي سياسة ممنهجة تهدف في النهاية للاستيلاء على الأرض وإفراغها من أصحابها الشرعيين الأصليين بكل الطرق.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات