الخميس 25/أبريل/2024

السلطة برام الله تزيح منظمة التحرير عن المشهد وتزجها بالعزل الانفرادي

السلطة برام الله تزيح منظمة التحرير عن المشهد وتزجها بالعزل الانفرادي

لو كانت المعادلة بين السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير قانونية؛ فالمنظمة هي الأعلى والأهم، ولو كانت الحسابات وطنية فالمنظمة أيضاً هي مقود العمل في القرار الفلسطيني وضبط الصراع مع الاحتلال.

ما جرى من رفض لتجاوز قانون المنظمة في اجتماع المجلس المركزي لم يشفع في رئاسة السلطة لتعدل المسار وهي تعيد صياغة منظمة ومجلس وطني بمقاس يلائم تيار رئيس السلطة المتنفذ فقط.

قبل أيام صدر مرسوم رئاسي يقضي بإلحاق منظمة التحرير ومؤسساتها ودوائرها بالدولة الفلسطينية، في خطوة جديدة عدّتها الفصائل تعزيزًا لسياسة التهميش التي تتبعها قيادة السلطة للمنظمة.

ملامح المجلس الوطني واللجنة التنفيذية والمجلس المركزي تتحلى منذ أسابيع بمساحيق سياسية تخفي حقيقتها القانونية والدستورية وتتجاوز الرفض العام تمهيداً لمشروع سياسي مجتزئ غادر التسوية نحو وعود السلام الاقتصادي. 

حطمت قيادة السلطة الفلسطينية الحالية جميع الأعلام الحمراء التي رفعتها الفصائل الوطنية الفلسطينية منذ سنوات، وهي تحذر من تدهور مستقبل منظمة التحرير التي ذابت عن آخرها في مؤسسات السلطة.

تهميش وإسقاط

شجرة المنظمة التي رعتها فصائل العمل الوطني الفلسطيني لعقود وسقتها بالدم والتضحيات لم تعد “الممثل الشرعي والوحيد”، فكيف ذلك وهي تخلع ثوب الاجماع الوطني وتسقط لجانًا وترفع أخرى من مواقعها القانونية.

ثمة سؤال بلا إجابة حتى الآن؛ لماذا بدلت رئاسة السلطة قانون المنظمة بتقديم صلاحيات لجان على غيرها وسط رفض معظم الفصائل؟ ولماذا تذيب السلطة مؤسسات المنظمة في هذا التوقيت في محلول سياسي مبهم الملامح والمستقبل؟

يقول يحيى العبادسة، النائب عن كتلة حماس البرلمانية في المجلس التشريعي: إن منظمة التحرير منذ توقيع اتفاق “أوسلو” تمضي في عملية ممنهجة تدمر دورها وتمحو منجزاتها. 

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “لم تعد المنظمة تقود المشروع الوطني وتحتضن نضالات الشعب وتحولت لتتبع السلطة الفلسطينية وتفرغت من مضامينها الوطنية”. 

الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها الجهاد وحماس والجبهة الشعبية التي قاطعت اجتماع المركزي الأخير جددت رفضها لمرسوم الرئاسة الجديد بسبب تراكم مخالفات قانونية دستورية، محذرة من تبعات سياسية خطيرة في التمثيل السياسي للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج. 

تهميش مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية التي تنادي الفصائل منذ عقدين بإصلاحها وإعادة صياغتها لتكون جامعة وفق برنامج وطني شامل تبشر بمستقبل خطير يقفز عن معظم الفصائل لمصلحة هيمنة تيار عباس المتنفذ في أروقة المنظمة حالياً.

ويؤكد ذوالفقار سويرجو، المحلل السياسي، أن المهيمن على المنظمة والسلطة هو من يحمل لقب الأَولى برعاية وقيادة منظمة التحرير، لكن واقع السلطة مهتم بالتنسيق مع الاحتلال وإعاقة التحرير. 

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “الشعب وفصائله واعون لخطورة اللعبة، والتيار المهيمن على السلطة والمنظمة لم يحقق سوى مكاسب شخصية دون خطوة وطنية واحدة للأمام”.

التناقض القطبي في مواقف تيار عباس المهيمن على السلطة والمنظمة مع فصائل العمل الوطني والمقاوم يتنفس وسط انقسام ممتد من الصعب التوفيق فيه بين من يدعم المقاومة وتحرير الضفة ومن يذهب نحو مشروع سياسي مجهول. 

ويشير جمال أبو حبل، القيادي في فتح، إلى أن حركته تعاني من انشقاقات، والمتنفذون فيها الآن من يدمرون منظمة التحرير ويفسدون الوحدة الوطنية، وهذا يمنح الحياة لاستمرار الانقسام، وينهي دور المنظمة الوطني تمامًا.

وعدّ أبو حبل، في حديث مع “المركز الفلسطيني للإعلام“، ما يجرى مؤخراً في المنظمة بالجريمة التي تمس وحدة ومستقبل ونضال الشعب الفلسطيني وتجهض منجزات منظمة جمعت عملا وطنيا وتحرريا لعقود.

مراسيم وخطوات تيار عباس في بيت المنظمة تلغي كل ما اتُفق عليه سابقاً برعاية عربية في إصلاح المنظمة والإطار القيادي الموحد، وهكذا فإن طريق العمل الوطني الجمعي شطب التحرير والعودة.

واقع جديد

تلاشت مناعة الدهشة من المراقبين للمشهد السياسي الفلسطيني وهم يقرؤون خطوات ومراسيم متتالية من تيار فتح المتنفذ في المنظمة والسلطة؛ فما جرى في المجلس المركزي ومرسوم إلحاق المنظمة بالسلطة حلقة في سلسلة ممتدة دون نهاية.

الدبلوماسية الجديدة للسلطة الفلسطينية في المشهد العام اغتالت دور منظمة التحرير، بل وحرفت الآن مسارها لتكون عاملا تابعا لها لا مستقلا بذاته، وهكذا سيكون الشعب وجميع منافذ تأثيره بيد السلطة وحدها التي يركب جوادها عباس رئيس السلطة. 

ويرجح يحيى العبادسة، النائب عن كتلة حماس البرلمانية في المجلس التشريعي، أن تؤدي تلك المراسيم وتدهور المنظمة لتدمير كلي للمشروع الوطني الذي نمت بذرة موته من لحظة تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني بعد أوسلو ثم تهميش المقاومة ودور المنظمة. 

في قمرة القيادة الآن شخص واحد هو عباس رئيس السلطة ومعاونوه مجمعون معه على صمّ الآذان وعمى الأبصار عن مواقف الفصائل والرفض الشعبي لركل دور المنظمة للأسفل.

ويقول العبادسة: إن اللجنة التنفيذية تحولت لاستشارية، والمجلس المركزي تعدى على صلاحيات المجلس الوطني والتغييرات المتتالية لم تعد تفيد فيها الإصلاحيات الجزئية بل تحتاج لعملية شاملة تراعي فلسطينيي الشتات وأرض 48 والداخل. 

غادرت سحابة العمل التحرري وحق العودة وتقرير المصير من فضاء منظمة بواقعها الحالي والمرونة التي تعمل بها السلطة عجلة المنظمة لا تعمل إلا نحو مداهنة الاحتلال لتكون جاهزة لموافقته وحاضرة في قبوله ورضاه. 

ويؤكد المحلل سويرجو أن تيار فتح المتنفذ في المنظمة والسلطة الآن يستمد وقود العمل من أصدقاء السلطة في الإقليم والشرعية الدولية التي تدعم التطبيع مع الاحتلال وتتماهى معه في حين المقاومة شرعيتها شعبية ووطنية.

ويتابع: “شعبية تيار فتح المتنفذ مرتبطة بالدعم السياسي والمالي في الإقليم، والأفق السياسي مغلق بعد فشل ربع قرن من توقيع أوسلو التي أدار فريقها الظهر للرؤية الوطنية الجامعة”.

إلحاق مؤسسات المنظمة بالسلطة الفلسطينية لا يرتبط بهيمنة وتفرد فقط بقدر ارتباطه بوعود للسلطة في الضفة نحو مستقبل أقل من حكم ذاتي تحت إمرة الاحتلال، وهكذا ستظل غزة ومقاومتها أيضاً في واد بعيد.

أشراك العسل التي وضعتها الإدارة الأمريكية راعية عملية التسوية بين الفلسطينيين والاحتلال دست السم لحركة فتح أكبر فصائل المنظمة التحرير لتتدهور نحو دور سلبي في المنظمة والمشهد عامة.

ويؤكد جمال أبو حبل، القيادي في حركة فتح، أن مؤتمر مدريد أراد من لحظته الأولى رأس المنظمة وإنهاء دور فتح التاريخي؛ لأنه إذا تدمرت المنظمة تدمرت معها قوة فتح على قاعدة “تهشيم الرأس يقتل كل الجسد”.

وكوقوع أحجار الدومينو جرى ما أرادت “إسرائيل” مع مرور الزمن حين ضعفت المنظمة وذابت في السلطة وخالف تيار عباس حالة الإجماع الوطني التي وصلت بالمنظمة لتكون حديقة خلفية للسلطة التي تجتمع وتقرر في كل شؤونها بإيماءة رضا إسرائيلية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين

جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين

كينجستون – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزيرة الخارجية والتجارة الخارجية في دولة جامايكا، اليوم الأربعاء، أن دولتها اعترفت رسميًا بدولة فلسطين....